| الاخيــرة
اعتمد مجلس الوزراء الموقر مؤخراً لائحة الكليات الأهلية، ليدخل بموجبها قطاع التعليم الأهلي الجامعي مساراً جاداً وهاماً يقوم على تفعيل مقنن لهذا النشاط، مدخلات ومخرجات، وتعكس هذه الخطوة الجديدة حرص الدولة أيدها الله على تشجيع الاستثمار في هذا القطاع، وهو استثمار ذو حدين:
احدهما انفاق يسانده هامش معقول من الربح، ضماناً لاستمرار النشاط وجدواه، أما الثاني والأهم فيتكئ على استثمار الرافد البشري الراغب في التعليم الجامعي، المؤهل له، والقادر عليه، وله مردود من النفع العاجل والآجل يفوق بلا ريب، قيمة وقدرا، مؤشرات العائد المادي للمستثمر!
***
ولقد كنت وما برحت من أشد المرحبين بهذه الخطوة الجريئة، ولكن مع شيء من الحذر لعدة أسباب، أهمها الخوف، في غياب قواعد التقنين، من هيمنة عشوائية الربح على نشاط التعليم الأهلي الجامعي، على نحو قد يخلط,, الهدف الأسمى من التعليم الجامعي مع آلية التنفيذ وحيثياته، فلا يدري المرء ما إذا كان يتعامل مع منظومة تمد الوطن بالسواعد والعقول، أم أنها وسيلة استدرار أموال إلى جيوب المستثمرين!
***
من جهة أخرى، رغم الحماس القائم لتفعيل قطاع التعليم العالي الأهلي، فإنني ما برحت أرى الضرورة قائمة لإعادة النظر في مناهج الجامعات الحكومية انطلاقاً من المعايير التالية:
أولاً: إعادة ترتيب أولويات التعليم العالي تأسيساً على فكرة الاستثمار الأفضل للطاقات الشابة، بحيث تكون مخرجاته عوناً للتنمية، لا عبئاً عليها، فإنسان هذه البلاد هو جوهر مواردها، والاستثمار في سبيله، ضرورة وطنية!
***
ثانياً: تلمس الحاجة الفعلية للتخصص في سوق العمل تلمساً ميدانياً مدروساً، استجابة لمعادلة العرض والطلب، للقطاعين الحكومي والأهلي، وعبر منظور مستقبلي مقنن!
***
ثالثاً: تجنب الازدواجية في تقديم تخصصات تشح لها الحاجة، وتشجيع التوجه لطرح تخصصات يفتقر إليها سوق العمل، ويغني البلاد عن الاستعانة بالوافد من الخارج، بحيث تسود بين هذه الجامعات علاقة التكامل لا التنافس، مما قد يفرز في نهاية المطاف تراكما في تخصصات لا حاجة للبلاد ولا العباد إليها!
***
بمعنى آخر، أرى ان إعادة النظر في مناهج تعليمنا الجامعي، بنية إيجاد التآخي المنشود بين طرفي الكم والكيف في معادلة التعليم العالي قد يقلل الحاجة إلى جامعات أهلية، أما إن استمر أداء الجامعات الحكومية على النحو القائم حالياً، فسنسمع اكثر من صيحة تطالب بحل عاجل لمشكلات الوضع الراهن للتعليم العالي!
***
أختم هذه المداخلة بالقول إنه إذا كان رجال الأعمال يودون الاسهام في دعم مخرجات التعليم العالي، فإنهم سيحسنون صنعاً لو خصصوا مبادراتهم وإنفاقهم في هذا السبيل بإنشاء كليات علمية ومهنية متخصصة تسد العجز النوعي والعددي القائم في هذا العلم أو ذاك، مما يفتقر إليه سوق العمل الفعلي، كالطب وإدارة الأعمال والحاسب الآلي.
***
وبعد,, فإن الخلل الذي يراد علاجه عبر الجامعة الأهلية يمكن التعامل معه بدءا بإصلاح ما يجب إصلاحه في المنظومة الراهنة لمؤسسات التعليم العالي الحكومي، كما وكيفاً، وليس بالبحث عن بدائل جديدة لكيانات قائمة!
عبدالرحمن بن محمد السدحان
|
|
|
|
|