| مقـالات
عند مقارنة الوضع التعليمي في اي مجتمع من المجتمعات ينظر في الغالب الى المجتمعات المتقدمة صناعياً كالولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا أو اليابان في حين أن هذه الدول تعاني الكثير من تردي وضعها التعليمي لأنهم يطلقون العنان لنظرهم الى ابعد من المقارنة الآنية لأنظمة تعليمية من اهم خصائصها التغيير المستمر، فعلى سبيل المثال ظلت التجربة اليابانية مثالية في أعيننا والأغرب من ذلك ان تظل هذه النظرة وهذا الإعجاب المنقطع النظير الذي نبديه للتجربة اليابانية في الوقت الذي نرى فيه اليابانيين أنفسهم يهجون أسلوبهم التعليمي فقد جاء ذلك في تقرير لجنة رئيس وزراء اليابان حول اهداف بلاده في القرن الحادي والعشرين وقد ترجم هذا التقرير في مكتب التربية العربي لدول الخليج ضمن سلسلة إضاءات تربوية,
وهنا سوف اقتبس حقيقتين هامتين في الشأن التربوي في اليابان حتى نكون موضوعيين في حكمنا على أي تجربة نرى فيها تحقيقا للذات التربوية وان كنت أميل الى النظر لمتطلباتنا الذاتية دون اللجوء الى الاتكاء على تجارب أنكرها أهلها.
في تقرير لجنة رئيس وزراء اليابان المترجم والمنشور من قبل المكتب الرائد في المجال التربوي مكتب التربية العربي لدول الخليج نورد الحقيقة التي اشار اليها التقرير ونصها (إذا كان علينا ان نؤكد على نوع التعليم الذي يطلق القدرات والقوى الكامنة في الأفراد والمجتمع ويوجه ويشجع التميز والتفرد، فانه ينبغي ان نحطم هيمنة وشمولية النظام التربوي الحالي وميله الى وضع الجميع في قالب واحد,
ولتحقيق ذلك والحديث للتقرير فانه من الضروري ان تجرى عملية إعادة فحص واختبار للتعليم بمعناه الواسع، اي باعتباره عملية تنمية للموارد البشرية, ان فكرة ترك الإطار العام للنظام التربوي القائم حاليا كما هو والاكتفاء بمعالجة الأمور الهامشية، وهي الفكرة التي تم ابتكارها أثناء وبعد عصر أسرة ميجي لنشر وترويج فكرة التحديث، لم تعد جيدة بما فيه الكفاية.
ويطالب التقرير بنظام تعليمي مميز وهذه هي الحقيقة الثانية التي رغبت عرضها عن هذا التقرير، يشير التقرير الى اهمية إيجاد اسلوب تعليمي يمكِّن الطلاب من الحصول على المعارف والمهارات على القدر الضروري لكي يعيشوا كأعضاء مؤهلين وفاعلين في المجتمع,
غير ان التعليم في اليابان لا يركز على هذا المطلب، ويقول التقرير ان ثمة حملا ثقيلا يوضع على كاهل الاطفال الذين لا يستطيعون استيعاب المقررات إن التعاطي بكفاءة مع محتويات المناهج الدراسية، بينما أولئك الاطفال الذين يستوعبون المنهج الدراسي بسهولة ويرغبون في توسيع مداركهم الى ما وراء الأفق المحدود لهذا المنهج يرغمون على الانتظار والخضوع لجدول زمني محدد.
ويرى التقرير ان التقدم المطرد للعولمة وثورة تكنولوجيا المعلومات يفرض عليهم مستوى تميز عالميا, ويتطلب تحقيق هذا المستوى العالمي للتميز اضافة الى إتقان تكنولجيا المعلومات ان يكون لدى كافة اليابانيين إلمام باللغة الانجليزية لكونها من الشروط الأولية للحصول على المعلومات الكونية, وعلى الرغم من مكانة اليابان عالميا في مجال الاقتصاد والتقنية وتمكنها من تحقيق جانب من الاستقرار والرخاء بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية بهزيمة أثقلت كاهلها يرى اليابانيون أنفسهم بأن نظام التعليم لديهم لن يمكنهم من الاستمرار في موقع الريادة في المجالات الاقتصادية والعلمية حتى ولا في المجال الاجتماعي، فكيف يكون الأنموذج التعليمي الياباني أنموذجا متميزا؟
shaer@anet.net.sa
|
|
|
|
|