| القرية الالكترونية
ترددت كثيراً عندما اخترت عنواناً لهذا المقال فلم أجد أدق من هذا العنوان الذي يوحي ببداية الخطر على بعض الصحف السعودية من عدة جوانب, ولي في هذا اليوم وقفة مع عدم قدرة بعض صحفنا المحلية مع التفاعل مع الحدث والسبق الصحفي! أو التعليق بشفافية على الحدث أو إتاحة الفرصة للآخرين بالمشاركة في الحوار والنقاش حول ما يكتب تجاههم أو ضد آرائهم وتوجهاتهم, وكل هذه عوامل لمستها من خلال متابعتي لواقع الكتابات عبر الإنترنت التي تشير إلى شيء من هذا النوع وتأكدت هذه الصورة في وفاة الشيخ ابن عثيمين حيث أخفقت معظم صحفنا السعودية في تغطية الحدث فيما تميزت الجزيرة , ولكي يكون الكلام دقيقا فقد قمت بالاتصال بأكثر من ثلاث صحف وسؤالهم عن إمكانية نشر مقال لأستاذ في الجامعة فأجابت معظم الصحف أنها لا تستطيع لأن صحفها محجوزة لمدة عشرة أيام أو أسبوع أو عدة أيام لبعضها بينما بعض الصحف لا تنوي الاستمرار في متابعة هذا الحدث وأنها خصصت من صحفها نصف صفحة, وكأن لسان الحال يقول ليس شرطا ان ينشر كل شيء عن الشيخ وليس شرطاً ان نرضي الجميع ونشجع طالب المرحلة الابتدائية الذي يرغب في التعبير عن شعوره وأحاسيسه تجاه هذه المصيبة العظمى؟ وما أريد أن أصل إليه هو أن بعض الصحف اكتفت بصفحة أو صفحتين وبعضها اقتصر على خبر أو خبرين وانتهى الحدث وكأن الصحيفة تنشر في مكان لا رأي لمشاعر الشارع والبقالة والسوق الذي تباع فيه أي اعتبار؟
وإذا كان الأمر كذلك لمعظم الصحف فإن هذا لا ينطبق على جريدة الجزيرة التي انفردت كعادتها بوضع خمس أو سبع صفحات تقريباً لاستيعاب الحدث وتكريماً للشيخ وإرضاء لحاجات الجمهور الذي سيزداد قناعة بهذه الصحيفة المتميزة,, فشكراً للقائمين عليها وبارك في جهودهم.
والسؤال: ماذا حصل؟ وما المستقبل؟ وما مكان هذه الصحافة الورقية بين وسائل الإعلام الأخرى؟ وماذا عن عدم السماح للرأي الآخر بالمشاركة في بعض الصحف وخاصة عندما يكون التعليق ردا على مشرف الصفحة؟ أسئلة تحتاج بحق إلى بحث وإجابة؟
ونتيجة لموقف بعض الصحف لجأ كثير من الكتّاب إلى الإنترنت؟ وما أدراك ما هذه الوسيلة الفعالة الفتاكة بخيرها وشرها وضررها الذي بدأ يدب في المجتمع أكثر من خيرها بسبب عدم إعطائها الوقت اللازم من قبل المفكرين والمثقفين لتوجيهها وإبراز جوانب القوة وجوانب الضعف؟ نعم كانت النتيجة أن قام كثير من الكتّاب بفتح صفحات ومنتديات خاصة عن رثاء ابن عثيمين وترك المجال لكل فرد ان يعبر عن شعوره وأحاسيسه بنفس اليوم وانهالت الرسائل واستوعبت الإنترنت جميع آراء العالم الإسلامي صغيره وكبيره مثقفه ومفكره عالمه وطالبه,,؟ وبدلا من ان ينتظر الكاتب اسبوعا ولا يدري حتى هذه اللحظة هل سينشر مقاله ام لا لجأ الكثير للإنترنت لدرجة أن بعض الكتّاب اتصل بي وقال هل لك ان ترسل مقالي (يتضمن المقال رثاء ودعاء للشيخ ابن عثيمين) إلى أحد الأماكن في الإنترنت لأن صحافتنا اعتذرت بأدب عن النشر وهو سنحاول؟
هذا هو ما حصل في هذه الحادثة والسؤال هل هذا هو ما نريد؟ وهل الصحافة الإنترنتية أولى بهذا الرثاء من صحافتنا التقليدية؟ سؤال يحتاج إلى إجابة؟
يجب ان يعلم الصحفيون في بعض الصحف المحلية أنه لم يعد خبر وفاة أكبر معمر في روسيا خبراً مهماً في آخر الصفحة؟ أو وفاة قطة مدللة لرجل أعمال تتصدر الصفحات المهمة؟ كل هذا يعني أننا بحاجة إلى الاحتكام إلى السياسة الإعلامية التي صدرت من مجلس الإعلام الذي يرأسه سيدي وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز التي نصت في مادتها السادسة ان حرية التعبير مكفولة في إطار الاهداف والقيم الإسلامية والوطنية, كما أكدت المادة الثالثة على الحث على تلبية احتياجات شريحة المثقفين ثقافة عالية,,
وأعتقد أن مقال الأستاذ الدكتور الذي لا يزال حبيس الأدراج هو من ضمن المثقفين ثقافة عالية,, المهم أعتقد ان الإنترت ستحل محل الصحافة المهاجرة التي حصلت في السابق وستكون أقوى منافس لبعض صحفنا المحلية وقبل أن نحاول إقناع القراء بصحفنا ينبغي ان نثبت هذا قولاً وعملاً,, وأخيراً كم كنت أتمنى أن يُخصص ملحق خاص لمدة أسبوع أو عشرة أيام تجاه هذا الحدث وهو وفاة العلامة الشيخ ابن عثيمين,, كما يُفعل أحيانا في بعض المناسبات التي قد تكون أهميتها لا تخدم ما جاء في المادة الثالثة من السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية.
* جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
almosa@almosa.net
|
|
|
|
|