|
| متابعة
لم يكن فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته عالماً ومفتياً فقط، بل كان معلماً صاحب منهج تربوي يعد انموذجاً للتربية والتعليم في عصرنا الحديث ولم يكن رحمه الله يتحدث عن منهجه وأسلوبه كثيراً بل كان يحرص على التطبيق ويترك لغيره التأمل في هذا المنهج واستخلاص الفوائد والعبر، ولعلي أكون آخر من يتحدث عن منهج وأسلوب فضيلته في التعليم فتلاميذه والملازمون له أكثر مني دراية في ذلك إلا انني أتذكر عددا من الوقفات التي استخلصتها عن منهج وأسلوب فضيلته من مناسبةواحدة فقط حينما زار الشيخ رحمه الله معسكر التفوق الكشفي بمحافظة عنيزة أثناء إقامة مسابقة التفوق الكشفي على مستوى المملكة لعام 1420/1421ه والتي استضافها النشاط الكشفي بتعليم عنيزة في ذلك المساء حيث التقى فضيلته بحوالي اربعمائة كشاف يمثلون مختلف مناطق المملكة وقد تلخص ذلك اللقاء الأبوي (الاجتماعي) فيما يلي:
أولاً: التوزيع المنهجي الدقيق للوقت الذي استغرقه اللقاء والذي لم يزد على الساعة والنصف تقريباً حيث خصص جزءا منه لكلمة توجيهية والجزء الثاني للإجابة علىالأسئلة والجزء الثالث لإلقاء أسئلة على الحاضرين وتوزيع جوائز تشجيعية من فضيلته لكل إجابة صحيحة.
وهذا التوزيع يعطي مثالاً واضحاً على فهم ووعي فضيلته رحمه الله بنفسية المتلقي وأهمية جذب اهتمامه وجعله اكثر تركيزاً من أجل فهم أكثر، كذلك روح الدعابة واللطف التي حرص عليها خلال هذا اللقاء لمعرفته بحاجة الشباب لذلك.
ثانياً: الجانب التربوي وإصلاح الذات اللذان حرص على تحقيقهما من خلال إجاباته على أسئلة الطلاب فمثلاً:سأل أحد الطلاب فضيلته (ياشيخ أنا أتيت هنا للمشاركة في هذه المسابقة دون موافقة والدي ورضاه فما الحكم) فأجابه فضيلته بأن سفره دون علم والده وموافقته خطأ ولايجوز وأن عليه ألا يكررها مرة أخرى، أما عن هذه المرة وقد حدث الخطأ واعترافك به وندمك على حدوثه فإني أتشفع لك عند والدك لكي يسامحك فإذا عدت إلى أهلك أخبر أباك بأن الشيخ محمد بن عثيمين يقرئك السلام ويطلب منك أن تسامحني),والمثال الآخر: في أثناء عرض فضيلته لبعض الأسئلة على الحضور والتي كان يهدف منها معرفة مدى تحصيلهم الفقهي والشرعي رفع أحد الطلاب الحاضرين يده فأذن له الشيخ فقال الطالب: سؤالك خاطىء ياشيخ/ فتعالت صيحات الاستنكار من بعض الحضور لتجرؤ ذلك الطالب، إلا ان الشيخ ابتسم وطلب من الطالب الاقتراب (للمايكرفون) ثم طلب منه بكل تواضع العلماء أن يبدي حجته وحينما أبدى الطالب وجهة نظره أعاد له الشيخ السؤال ووضح له ما التبس عليه وبين له خطأه في الفهم ونصحه بكل أبوية ألا يتسرع في إطلاق الأحكام قبل الفهم.
هذا غيض من فيض مما كان لدى شيخنا رحمه الله, وهذه الفوائد كانت من لقاء واحد لفضيلته فماذا سيستخلص طلابه الذين تشربوا منهجه وهم يحملون مسؤولية رصد ودراسة ذلك المنهج لهذا العالم، رحم الله محمد بن صالح العثيمين ذلك الإنسان والمعلم والمتعلم والعالم وأسكنه فسيح جناته وألهم أبناءه وذويه ومحبيه صبراً على فجيعتهم به.
علي بن عبدالعزيزالسعيد
مشرف النشاط الثقافي - إدارة التعليم بمحافظة عنيزة
|
|
|
|
|
