خمسون نداء,,, جاءتكِ الحروف تركض,,, تركض,,.
حتى استوى الحرف إلى الحرف جسراً إليكِ,,, وأنتِ قد أقمتِ الدور,,,، ونثرتِ العطور,,,، وشحذتِ في قوادم الجياد فتيل الركض,,,، حتى لم يعد للطريق مدىً,,,، فكل المدى أُختُصِرَ في نقطة الانطلاقِ والالتقاءِ,,.
ياسيدتي,,.
كيف لهذا الركض أن يكون في مستوى ما حفرتِ بكلِّ سُلامة فيكِ خطوط اللقاء؟
وأنتِ كنتِ تطلقين من مدى الكلمة البَدءِ,,, تلك التي سجَّلَت حقيقةً,,, ما تغيرت,,, ولا تتغيّر,,, لأنها الثَّبات الذي تنهض عليه الحياة,,.
أنتِ,,.
حياةٌ ما بارحت مواقع الشجر,,,، ولا منابت الأعشاب,,,، ولا ينابيع الأنهار,,,، ولا بؤر النور,,,، ولا منطلقات الأشياء بكلِّها,,, وحقيقتها,,,، وجذورها,,,،
و,,, بدئها ونهايتها,,,،
أنتِ,,.
كنتِ,,,، وتكونين,,,، وكائنة أمدية,,.
كلّما تحدثتُ إليكِ,,, وجدتُ عبقرياً يأتي من عالمكِ يبتكر اللون الذي لم يكن،
والشَّكل الذي لم يُرَ,,,، والصوت الذي لم يُسمع,,,، والطعم الذي لم يُذَق,,,،
و,,, الجديد الذي لم يَعهد,,.
ابتكارٌ لا إرادي أنتِ,,.
وابداعٌ غير اختياري أنتِ,,.
و,,.
خمسون وقفةً كانت لكِ,,, ومعكِ,,, ومنكِ,,, وإليكِ,,.
فهلَّا تعلمين,,, أنَّ الوقوف إليكِ حياة؟,,.
وأن الحديث معكِ وعنكِ كذلك؟!
فكَّرتُ أن أتركَ للقلم أن يَعُبَّ من معينكِ ويغُبَّ فيه,,, لايام قادمات,,,،
أصمتُ فيها عن الحديث إليكِ بصوتٍ حُروفي ناطق بين عيني غيري,,.
أرحل بكلِّي إليكِ,,,، وأنتِ وحدكِ من يعرفُ كيف أكونُ إليكِ كلِّي,,,، دون مساس للأرض، بشمسها وقمرها,,.
بتربتها وخضارها,,.
بأناسها وكائناتها,,.
بليلها ونهارها,,,؟
أرحلُ كي أستلَّ من حزم نورك ما أواصل به الدروب، دون أن تنطفىء فيَّ وقدة العبور,,.
أرحلُ كي اقطن من رياضكِ ورداتِ وأعبّق بها الدروب، كي تظلَّ في عبيركِ تبتهج,,,،
أرحلُ كي آخذ منكِ كلَّ التفاصيل التي أسدِّد بها نتوءات الطريق، قبل أن يتعرَّض لعوامل الزمن,,.
أرحلُ إليكِ كي تبقى لي ضحكتي,,.
وينهض فيّ أملي,,.
وينشط حلمي,,.
واستوي إلى الرحلة بكامل قدرتي,,.
و,,.
لأنني لستُ وحدي من كان لكِ وحدكِ,,,، فلقد جاءني كلِّي بكلِّي,,.
وامتزج بي بعضي ببعضي,,,، واستويتُ مع نبوءةِ البدءِ,,, وواقعية الحدوث,,, كما تنبأتِ,,.
فلقد قرَّرت أن أحقق لكِ ما أردتِ وتريدين: قلتِ لي: حين تمشين لا تنسي أن تحملي زوَّادتك كي تواجهي رهق العبور,,,، وعندما تسهرين لا تنسي أن تُعبّئي القنديل فليكن إليك الثقاب,,,، وعندما تصبحين هناك شمس تطل,,,، وهناك ارض تنبسط,,,، وهناك نور يشمل فلتكن سرمدية النهار,,, منطلق الأزلية في رحلة البقاء,,.
والشمس يانوارة في حضور,,.
والدرب يانوارة في عبور,,.
والليل يانوارة في بدور,,.
وهآنذا أعاضد النبوءة في تكاتف الاستواء عند مشارف الاطمئنان كي تقرِّي عيناً بأنّني أنتِ، وبأنّني لملمت الدموع وبسطتها فوق كفِّ الشمس وجئتُ إليكِ أمشق الراحلة وأسرج القناديل,,,، وامتطي صهوة الزمن,,, وأمضي في ثبات,,, فلتهنئي.
|