| متابعة
إن فقد العلماء الربانيين مصيبة كبرى وطامة عظمى وفقدهم ثلمة لا تسد، وفاجعة لا تحد لأنهم أركان البلاد وأعمدة الأنام وهم كالنجوم في السماء علواً وارتفاعاً ضياءً وشعاعاً ولقد فقدنا بالأمس القريب شيخ الإسلام في عصره وحيد دهره ونابغة زمانه، الإمام المجدد العلامة شيخنا/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز (رحمه الله) ومازالت الدموع تجري وتهطل والقلوب تتفطر وتتكسر حزناً عليه حتى جاءنا مايزيد الألم ألماً والمصاب وجعاً، وذلك بفجيعتنا في عالم الأمة وركنها وفقيهها الشيخ العلامة الإمام/ محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله) وان البيان ليعجز، والكلام لا يفي مقام هذا الرجل الذي كان أمة في العلم، وقدوة في الزهد وأسوة حسنة في مجالات الخير جمعاء وفي ميادين المعروف كافة، عرفناه تقياً نقياً صالحاً مصلحاً عالماً فقيهاً، مجدداً، كريماً جواداً معطاء، شهماً شجاعاً، عرفناه غرة لهذا الزمان في الزهد والورع والبعد عن المناصب والألقاب وحطام الدنيا الزائل عرفناه عالماً ينشر علمه في الآفاق بكل ما أوتي من قوة جنان وفصاحة لسان وبلاغة بيان عرفناه مرحاً بشوشاً اجتماعياً يخالط الناس ويؤثر منهم، ناصحاً لهم مبيناً الخير،محذراً من الشر، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، دالاً للفضائل، واعظاً ومحذراً عن الرذائل.
وفقد مثله خسارة أيما خسارة، لأن الأمة كلها خسرته وهي أحوج ما تكون إليه في فقهه المتين، وعلمه الرصين، ونصحه الصادق، ورأيه الثاقب ، ولقد كان رحمه الله ممن أفنى عمره وحياته من أجل خدمة الدين ونشر العلم، ونصرة أهل السنة في كل مكان وله في ذلك المواقف المشهودة، والمناقب المحمودة، وأذكر منها على سبيل المثال:
1 انه كان يتعاون مع أصحاب الجمعيات الخيرية بتوزيع الزكوات والصدقات على مستحقيها الذين لا يعرفون ويحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف.
2 ومنها موقفه مع جيرانه المجاورين لمنزله إذ سأل بعضهم عن الحج فأحرج ولم يستطع الجواب فأعطاه من ماله الخاص مبلغاً كبيراً لكي يتمكنوا من الحج هو وعائلته.
3 ومنها بناؤه للمساجد في الداخل والخارج بالتعاون مع المحسنين ويتم ذلك بالتعاون مع بعض الذين يثق بهم من أصحاب الجهود الخيرية والإحسانية وأخصهم بذلك الأخ المفضال الشيخ/ محمد بن ناصر العريني (حفظه الله) رئيس جمعية البدائع الخيرية.
4 ومنها وقوفه مع الجمعيات الإسلامية ودعمها وخاصة في شهر رمضان المبارك حيث يزوره في بدايته جماعات عديدة من أولئك فيخرجون من عنده بدعم مالي أو شفاعة حسنة؛ ويجدون منه الكرم الفياض والأريحية.
5 ومنها وقوفه مع المحتاجين والمديونين والمعسرين وغيرهم من أصحاب الحاجات ولقد رتب لهم وقتاً بعد العصر، في جامعه الكبير في عنيزة، فيخرجون من عنده وقد امتلأت وجوههم سروراً، ونفوسهم حبوراً, وكان رحمه الله آية في الصبر على بعض الجفاة منهم فلربما آذوه ونالوا منه، ولكنه يدفع بالتي هي أحسن للتي هي أقوم لأنه قد وهب ذاته ونفسه لمرضاة الله فرحمه الله وقدس روحه وغير ذلك من المواقف المضيئة والقصص المشرقة، ولعل طلابه الملازمين له أقدر مني على ذكر بعضها فدعوة صادقة، ونداء من أعماق القلب أوجهه إليهم لابراز تلك المواقف لأن بها عبرة لأولي الألباب، وذكراً وتسلية لمن أحبه من أجل الوهاب, والله الموفق للصواب.
عبدالرحمن بن يوسف الرحمة
الرياض
|
|
|
|
|