| مقـالات
الاشياء المبهرة التي تشاهدونها هنا وهناك أحياناً، والأسماء البراقة التي تسمعون بها من حين لآخر، والمواقف المُعلنة صورياً وظاهرياً، ما هي الا إكسسوارات مُكمِّلة للمسرحية المراد إقناع المشاهدين بفصولها، وهكذا هي الحياة بها مزيج متناقض من البشر ومن التصرفات والمواقف والمشاهد التي تعجز عن فهمها وتصورها فما بالك بالتعامل والتعايش معها!
تشارك في مؤتمرات وندوات ويناط بك مهمة رئاسة العلاقات العامة واللجان المالية مثلا ومع ذلك، فليس لك من تلك اللجان والرئاسات سوى اسمها ولايوضع في يدك أو تحت تصرفك قرش واحد! بل انك لاتُسأل إو ُتستشار في شيء! فالعملية مطبوخة سلفاً، أما اللجان فصورية، لأنها وضعت لاكتمال الصورة ليس إلّا!!
وهذا بالتأكيد ليس تعميماً على كل شيء,, أبدا فالصورة ليست على هذا الشكل تماماً، والا لفسدت الأمور بالطبع, ولكن ما اقصده ان هناك تفخيما للاشياء بشكل مبالغ فيه كي يبدو الأمر طبيعياً أو تلميعا كي يبدو ايضا بصورة أكثر قبولاً واستحساناً من الآخرين.
والأمثلة المجتمعية على ذلك كثيرة واكثر من ان تُحصى وانظر ان شئت للمشاهير في أي مجال، فأنت قد تعجب بهم وقد تتقمص شخصياتهم وتتمنى ان تصل الى جزء مما وصلوا إليه وتتمنى ان تراهم وتلتقي بهم, بل اننا نحزن في أوقات كثيرة حينما نعرف الفرق بيننا وبينهم، ولكننا في نفس الوقت نتجاهل أن أمثال بعض هؤلاء وهم كثيرون يفتقدون إلى أشياء كثيرة ومهمة في الحياة نحن نمتلكها، أنا وأنت.
فأنت في حقيقة الأمر، لست قليلا بما لديك مهما كان ما لديك قليلاً من وجهة نظرك، ولا أقصد بالأشياء المادية فحسب وإن كانت مهمة وإنما أمورا أخرى لاتقل أهمية كالخلق والذوق وحسن التعامل والامن النفسي ونعمة حب الناس لك وتعلقهم بك وخوفهم عليك وسؤالهم عنك، وهذه لعمري أشياء ليست بالبسيطة أو القليلة أو الهينة! أليس كذلك؟
ولكن ومع ذلك، تظل هناك هموم تؤرق كلا منا في كل وقت ومكان، ويظل السؤال الحائر والمعلق حتى الآن وبلا جواب مقنع وشاف ومرض وهي: أين تذهب اقتراحاتنا وشكاوينا لرئيس دائرتنا مثلا أو رئيس أو مدير اي دائرة خدماتيه أخرى معنية؟ ما هو مصير إقتراحاتك وشكاويك المشروعة؟ حينما تشعر أن الوضع هو نفسه لم يتحسن ولم يتغير؟
نعم اين تذهب كل تلك الاقتراحات والشكاوي وما مصيرها؟
واذا وصلت، فهل تصل في الوقت المناسب كما تتمنى؟
واذا سُلمت فهل تسلم بكل مافيها كما تقتضي الأمانة؟
واذا اعطيت للمسؤول فهل يتم الاتصال بك ايها المعني والتأكد منك شخصياً حول مايتضمنه خطابك؟
واذا تم الاتصال بك فهل يتم الاعتذار لك عن التقصير الحاصل أو الخطأ الذي تعرضت له بقصد او بدون قصد اثناء مراجعتك او استلامك الخدمة؟ واذا تم الاعتذار لك، فهل سوف يتم محاسبة المتسبب في الخطأ أو التقصير أيا كان؟ واذا تمت المحاسبة فعلاً، فهل ستصبح نظاماً ملزماً يطبق على الجميع دون استثناء؟
واذا أصبحت المحاسبة نظاما، فهل تصبح مرنة بحيث تكون قابلة للتعديل والتحسين؟
إن كل هذه الأمور مرتبطة فيما لو قرأ هذا المسؤول أو المدير شكواك بنفسه, أي أنها وصلت إليه كما هي؟ ولكن ماذا لو كان هناك آخرون أو أطراف أخرى هي من توصل هذه الرسالة، فهل تضمن وصولها إذا كانت حساسة ام ان مصيرها كغيرها الاهمال وسلة المهملات؟ أو كأفضل تقدير ان توضع في الدرج وتنسى كغيرها رغم ان لها رقما رسميا ومُراجعا يسأل عنها ويتابعها؟ مراجعا يقال له كل يوم بأنها لم تصل، رغم انه هو من أوصلها بنفسه! أو انه متأكد انها قد وصلت أو أحيلت من جهة اخرى؟ فماذا يكون الوضع حينئذ؟!
أمور كثيرة في الحياة تذهلك وتحيّرك وتضع الكثير من علامات الاستفهام على محياك! ولكن هل معنى هذا ان نفقد الثقة بالآخرين ونعُمِّم كل التجارب السيئة المؤلمة عليهم؟
إن الحياة بكل ما فيها من تجارب وعلاقات وتعاملات قائمة على الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع ممن لديهم مصالح مشتركة, بل اننا لا نتخيل الحياة ولن نستمتع بجمالها ولن نتذوق طعمها الرائع حينما تنعدم الثقة بين الناس! حينما تزول المصداقية بينهم بل حتى حينما يشعرون مجرد شعور ان كل شيء في هذه الحياة لابد ان يكون بمقابل حتى المشاعر الظاهرية المزيفة!
إننا بكل تأكيد لا نستطيع ان ندخل لقلوب الناس وان نعرف بماذا يفكرون وكيف يخططون، لانعرف كل ذلك، فتلك نوايا لايعرفها سوى الله عز وجل ولكننا رغم ذلك مطالبون بأن نُحسن الظن بالآخرين حتى يثبت العكس ولكن بحذر ايضا: فالمسلم كَيِّسٌّ فَطِن وليس كيسَ قُطن!
إن هناك أمورا كثيرة نعملها ونقوم بها بل ونبتسم اثناء تأديتها ومع ذلك، فنحن غير مقتنعين بها تماماً ولكننا مضطرون على الأقل في بعض الأمور ومع بعض الناس تحديداً, سمّوها ماشئتم غيروا في الفاظها، حوروا في معانيها، كل ذلك لايهم! مايهم أنها أصبحت احد مستلزمات الحياة اليومية التي لا غنى عنها لكي تشعر بالرضا النفسي ولكي ترضي غرورك أو على الأقل لكي تشعر بأنك لست اقل من غيرك شأناً!
وانت احيانا في خضم هذه المتناقضات لا تطالب سوى بشيء من الواقعية والعقلانية، لا تطالب سوى ان تحترم عقليتك، سوى ان تكون في الصورة علىالاقل في الامور التي تهمك وتعنيك في الدرجة الأولى، واذا كانت تلك التناقضات والمبالغات لزوم الطبخة فإن العقلانية والصراحة والصدق والوضوح من مستلزمات الحياة!
ربما تستغرب هذا الكلام وربما تستنكره، وهذا من حقك طبعاً ولا أحد له الحق في مصادرة رأيك ولكن حينما تفكر بروية وحينما تتطلع فيمن حولك وحينما تلاحظ تصرفاتك الشخصية في محيط عملك فقط كمثال تدرك بالفعل ان لديك لوازم كثيرة وضرورية وبحاجة لها بشكل يومي.
تجد نفسك ودون ان تدري تدمن عليها! والمشكلة ان بعضنا يكذب الكذبة ويصدقها هو نفسه! أليس ذلك غريباً؟!
ولكن يظل عدم قناعتنا بهذا الشيء أو ذاك رغم تأديتنا له يظل شيئا جميلا مازال باقياً بداخلنا ويظل تلك الشمعة المضيئة المتفائلة التي تدفعنا لأن تكون صادقين مع انفسنا وصرحاء معها.
نعم يظل هذا الشيء هو بصيص الأمل المشرف الذي نسعى الى تحقيقه في يوم ما والاستمتاع به.
بل يظل احترامنا لمشاعرنا وتقديرنا لمن نحب هو ذلك المانع القوي الذي يمنعنا من ان نغضب منهم او نتخذ منهم موقفا مهما كانت صراحتهم معنا ومهما كانت مشاعرهم تجاهنا.
نعم سوف لن نغضب لاننا نعرف مع من نحن نتحدث ويكفي انهم الواقع الذي لايمكن تغييره أو تجاهله لانه ببساطة لزوم الحياة.
همسة
ترى,.
ما الذي يشدني إليك؟
ما الذي يقربني منك؟
ما الذي يعجبني فيك؟
لولا صدقك وصراحتك معي؟
لولا حرصك وخوفك علي؟
لولا سؤالك المتواصل عني؟
فمعك,.
لم أر أقنعة زائفة!
بل طيبة زائدة,.
لم أعهدها في غيرك!
لم أسمع عبارات مستهلكة؟
بل كلمات صادقة,.
نابعة من أعماق قلبك!
ربما تخالني أبالغ!
ولكن إحساسي لايخونني,.
هكذا عوَّدني,, لا يكذبني,.
يكفي انه إحساس متزايد,.
لم يخبُ لحظة واحدة!
ربما تخالُني أجامل,.
ولكنها الصراحة ابثها إليك,.
الآن وقبل أي وقت آخر!
أقولها لك كما احس بها,.
دون زيادة أو نقصان!
|
|
|
|
|