| العالم اليوم
لأن المأزق الذي تعيشه كل القوى السياسية في الكيان الإسرائيلي نتيجة تواصل الانتفاضة الفلسطينية, وكعادة الاسرائيليين عندما يشعرون بالحصار يطوقهم يحاولون الخروج من هذا الحصار بالهروب الى التصعيد وصولاً إلى اشعال حرب اقليمية محدودة، محدودة المساحة، محدودة الزمن، بل وحتى محسوبة بالأيام، حتى تتحقق الأهداف السياسية التي من أجلها تشعل اسرائيل الحروب، والدارسون للحروب العدوانية التي شنتها اسرائيل يعلمون بأن كل تلك الحروب لا تستمر طويلاً، وحتى الحرب التي تشترك فيها القوات الاسرائيلية كعنصر اضافي ضمن المخطط الصهيوني لترتيب دور أو لصنع دور اسرائيلي بين الكبار مثلما كان الدور الاسرائيلي في حرب عام 1956م، فإن القوات الاسرائيلية لا تشارك في الحروب الطويلة، ويحبذ قادتها، بل ويخططون لشن حروب قصيرة الزمن يحققون من خلالها أهدافهم الاستراتيجية والسياسية، حيث تعد حرب عدوان 5 حزيران من عام 1967م، نموذجاً لهذه العقلية العسكرية الصهيونية.
ويعلم هؤلاء الدارسون ايضا ان افشال ما ترمي اليه هذه العقلية هو إطالة الحروب التي تشنها اسرائيل، وفي هذه الحالة تجني خسائر وتضيف إلى مشاكلها السياسية، مشاكل أخرى، كالتي حصلت لاسرائيل ابان حرب الاستنزاف التي استدرجها إليها الجيش المصري قبل حرب 6 اكتوبر من عام 1973م والتي مهدت لانتصار القوات العربية واندحار القوات العسكرية، كما تكررت نفس النتيجة وبصورة اقسى للقوات الاسرائيلية في الحرب الجهادية التي خاضها رجال المقاومة الاسلامية في جنوب لبنان.
والآن تصدر من قادة اسرائيل وبالذات من أرييل شارون مرشح اليمين الاسرائيلي لانتخابات رئاسة الوزارة، ومرشح اليسار ايهود باراك تهديدات بشن حرب، مرة ضد الفلسطينيين باحتلال جميع الأراضي الفلسطينية، أو بشن حرب ضد سوريا ولبنان، وهذه التهديدات ان كانت جادة أو للاستهلاك الانتخابي أو أنها تتطابق مع العقلية العسكرية والسياسية الاسرائيلية فإن الذي لم يعه الساسة الاسرائيليون وبالذات الذين امتهنوا السياسة بعد تقاعدهم العسكري أن العرب أصبحت لهم صيغة خاصة للتعامل مع الحروب التي تشنها اسرائيل، اذ يمكن القول ان عقلية عسكرية عربية جديدة تكونت دون أن يدعي اي مفكر عسكري عربي أنه ابتكرها، بل ان طبيعة الصراع والجماهير العربية هي التي صاغتها، وهي ببساطة ودون اي تعقيد لفظي او فلسفي اطالة الحرب مع اسرائيل.
واذا كانت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية التي ترفد المؤسسة السياسية الاسرائيلية بمرشحي الحكومات والوزراء، هي التي توقت وتبدأ الحرب، فإن العرب الآن هم الذين يحددون نهايتها، وقد اثبتت حرب 73 وحرب الجهاد في لبنان من الذي ينتصر في النهاية.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|