| الجنادرية 16
ما كانت مفاجأة، وما كان الأمر غريباً عندما أعلن أن الشيخ عبدالكريم الجهيمان هو شخصية العام التي سيتم تكريمها خلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة لعام 1421ه، فمسيرة عمل فكري امتدت لأكثر من سبعين حولاً، لابد وأن يكون هذا التكريم نتيجة طبيعية لتلك الجهود التي بذلها هذا الشيخ في مجالات متعددة بدءاً بمجال التربية والتعليم عندما باشر عمله مدرساً في عام 1351ه، مروراً بالمجال الصحافي عندما أنشأ صحيفة أخبار الظهران ورأس تحريرها وسطَّر فيها وفي غيرها كاليمامة والقصيم بعاطفة وطنية جياشة، وبحبر سال من محاجره مقالات اجتماعية وطنية إصلاحية مخلصة، فكان من أوائل الوطنيين الغيورين المصلحين، الذين سبقت أفكارهم زمانهم، فنادوا بصوت عال بضرورة الأخذ بكل جديد مفيد واللحاق بركب الحضارة المدنية، ولعل دعوته الصريحة قبل أكثر من عقود أربعة بضرورة تعليم الفتاة السعودية خير شاهد على ذلك، حيث ضحى من جراء هذه الدعوة بكثير من جهده ووقته!! ولعل من فضل الله على هذا الشيخ الناصح أن أطال في عمره إلى اليوم الذي رأى فيه الفتاة السعودية وقد أخذت من العلم بحظ وافر، وانخرطت في مجالات التربية والتعليم والطب والتمريض والعمل التطوعي الخيري وبرزت في مجالات علمية وأخرى اجتماعية، وما زال المجتمع اليوم بعد أن منحها ثقته يطالبها بالمزيد من الجهود بعد أن أثبتت جدارتها وتوافرت على خبرة عريضة!!.
إن الشيخ الجهيمان المولود في قرائن الوشم قبل أكثر من تسعين عاماً، يُعدُّ بحق أسطورة فكرية من خلال عمله الوثائقي الهام الأساطير الشعبية في قلب الجزيرة العربية كما أن كتابه الموسوم ب الأمثال الشعبية في الجزيرة العربية الذي صدر قبل أكثر من ثلاثين عاماً لا يزال هو المرجع الوحيد لقصة المثل الشعبي (العامي) ومدلوله، حيث جمع في كتابه (10,000) مثل شعبي صدرت في عشرة أسفار نفيسة، وتمثل مشاركة الشيخ الجهيمان في هذا المجال إضافة لريادتها وسبقها، عملاً توثيقياً هاماً، وتحديداً علمياً صارماً لمسار الثقافة الشعبية السعودية مارسه الجهيمان من خلال البحث والتنقيب والممارسة الميدانية في مختلف مناطق الجزيرة العربية، ولطالما تساءل الكثيرون عن مصير ثقافتنا الشعبية (أساطيرها وأمثالها) لو لم يقيّض الله لها هذا الشيخ الجهبذ وأمثاله الذين وعوها واستوعبوها فحفظوها؟!.
إنها دعوة على إثر هذا التكريم الذي يحظى به اليوم الشيخ الجهيمان نوجهها إلى جميع أصدقائه ومحبيه وتلاميذه ومريديه في أن يفكروا جدياً في فكرة إنشاء مركز الجهيمان للثقافة الشعبية، يكون من مهامه حفظ وتوثيق وتحقيق وتنقيح ثقافتنا الشعبية، تقديراً لعطاءات وإسهامات هذا الرمز الفكري في هذا المجال وتخليداً لاسمه الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بثقافتنا الشعبية.
محمد عبدالله السيف
|
|
|
|
|