القلب اصبح محزونا وفي كدر
لهول ما سمعت أذناي من خبر
هل مات شيخي؟ نعم، قد ودع الأرض
ذاك الامام غدا من ساكني الحفر
هل مات شيخي؟ نعم، رحماك يا عضدي
أنت المؤمل في السراء والضرر
أنت الذي ترتجي في كل نائبةٍ
ومن سواك؟ لقد سلمت للقدر
أنت الذي تحفظ الاسلام مذ بزغت
شمس الرسالة والآيات والسور
أخلف على أمتي يارب في عجلٍ
بثلة من وعاة العلم والنظر
بصفوة عُلما يفتون في ثقة
أقوالهم تكتسي بالآي والخبر
بالزهد في هذه الدنيا التي فتنت
بعض الاولى يدعون الوصل بالأثر
رباه يا أملي، يا خير من رُفعت
لك الأيادي، ومن قدّرت في الزُبر
ان الخليقة لا تبقى على ابدٍ
ولا يكون سوى ما خُط في القدر
ارحم فقيدا مضت ايامه غررا
يفتي، ويرشد، لا تلقاه في بسر
ذاك الامام إذا ما هل مبتسما
رأيت في وجهه اشراقة القمر
في الزهد مدرسة، في النفع مملكة
في العلم جامعة، بذل بلا ضجر
فذ له في نفوس الناس منزلة
قد عم اجلاله في البدو والحضر
ابن العثيمين من طلابه ظفروا
بالدرس عند إمام الفقه والنظر
والشيخ ما نال هذا العز في كسل
كلا، ولا ناله باللهو والبطر
كلا، ولا ناله بالمال يجمعه
أو بالقصور التي نافت على الجدر
بالعلم قد ناله، لله محتسبا
كذاك أحسبه، ما خضت في الخُبر
فدرس تفسيره للآي مفخرةٌ
شتى الفنون به، ما البحر كالنهر
تأتي الفوائد لا تلقى نظائرها
في أي طِرس مضى، ما العين كالخبر
ولتسأل الزاد عن ألفاظه شكرت
شرح الفقيه، فصار الصعب كاليسر
واستفهم الروض عن أحكامه كَلِفا
ببحثه، يدرس الالفاظ في سهر
أما البلوغ فذياك الكتاب فسل
عن الفوائد من أقواله الدرر
كذا الصحيحان في درس له عبقٍ
بذكر أحمد، خير الرسل والبشر
ولتسأل المنبر المحزون عن خطب
للحق ناصرة، نصحٌ بلا فتر
عفوا! فلست أصوغ الآن ملحمة
في ذكر شيخي عظيم القدر والسير
كلا، ولكنه شعر أسطره
اصبر النفس، يا نفساه فاصطبري
لو أن لي حيلة في الموت ما طمعت
عيناي في نومة، والشيخ في خطر
لكنها سنة لله ماضية
سفينة الموت مجراها على قدر
نبينا خير خلق الله قد فجعت
قلوب اصحابه، هل دام للبشر؟
نسلو بذكر وفاة خير من وطئت
رجلاه أرض الدنا، في السهل والوعر
ونقتفي شرعة قد فاز حاملها
وفاز من أرّث الموروث بالظفر
وأتبع العلم بالاعمال تزهره
فالعلم من غيره غرس بلا ثمر
آليت لا أنثني ادعو لوالدنا
ما غرد الطير في الروحات والبكر
لأنشرن علمه في الناس مجتهدا
ما دام جسمي صحيحا غير محتضر
وذا قليل بحق الشيخ أحسبه
فليس شيء على شيخي بمكتثر
بذاك كان فقيه الناس يرشدنا
حثا لنشر الهدى في الحل والسفر
يارب شيخي اتاك اليوم ملتمسا
يرجوك يا خالقي يا خير منتظر
فاحشره في زمرةٍ كالبدر مطلعها
أَجمِل بها طلعة من أجمل الصور
هذا الذي نطلب الرحمن خالقنا
ونحن يا ربنا من بعدُ بالاثر
يا صاحبي همسة في الأذن غالية
الزم دروب الهدى واحذر من السدر
واحذر صوارف قد تلهيك عن طلب
للعلم، تسعد به دنيا وفي الأُخر
وانظر عواقب من أفنوا بطِلبَتِه
أعمارَهم، تلق فيها أعظم العبر
آثارهم شاهد يبقى وإن دفنت
أجسادهم، فاعتبر يا صاح بالأثر