| القرية الالكترونية
تعد مدينة دبي للانترنت، الراعية لمؤتمر التجارة الالكترونية في الاسواق الناشئة بمثابة مشروع طموح، يستهدف ايجاد منصة تساهم في تسريع عملية التحول الى تقنيات الاقتصاد الجديد ضمن منطقة جغرافية واسعة تمتد من الخليج والشرق الاوسط وافريقيا وحتى دول شبه القارة الهندية وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.
كما ستكون مدينة دبي للانترنت بمثابة مركز دولي متنامي الاهمية لتكنولوجيا المعلومات، ومقراً رئيسيا تعمل عبره مختلف شركات الاقتصاد الجديد، ابتداء من شركات تكنولوجيا المعلومات، شركات الوسائط المتعددة، مقدمي الخدمات عن بعد، وانتهاء بشركات حاضنات المشاريع، وممولي المشاريع والمؤسسات المهنية المختلفة.
وستستفيد الشركات العاملة في المدينة من بنية اساسية بالغة التطور والحداثة، تتيح لشركات الاقتصاد الجديد العمل محليا واقليميا ودوليا، مع التمتع بمزايا تنافسية مهمة.
إذ سيوفر مجمع مباني المدينة مساحات مكتبية حديثة جاهزة للتشغيل، مجهزة ببنية اساسية تقنية تعد الاحدث من نوعها، وشبكات اتصالات توفر خدمات متفوقة الاداء بكلفة تنافسية، وخيارات تأجير تتسم بقدر كبير من المرونة، تلبي مختلف المتطلبات، إلى جانب التمتع بتسهيلات وخدمات متميزة على مدار الساعة.
كما ستستفيد الشركات العاملة ضمن المدينة من حوافز ومزايا قيمة اخرى تتراوح بين الملكية الاجنبية الكاملة للمشاريع وسهولة انشاء وتسجيل الشركات، وانجاز كافة التعاملات مع الجهات الحكومية من خلال جهة واحدة والاعفاء من الضرائب وتيسيرات في استقدام العمالة من الخارج، وهناك ايضا مركز للعمالة المؤهلة يوفر للشركات احتياجاتها من العمالة المؤقتة والتعاقدية.
وتشكل مدينة دبي للانترنت احد محورين رئيسيين من منطقة دبي الحرة للاعلام والتكنولوجيا التي تضم ايضا المنطقة الحرة للاعلام، والتي تستهدف تعزيز مكانة دبي كمركز اقليمي دولي لصناعة الاعلام، من خلال توفير بنية اساسية متطورة وتسهيلات وخدمات تتيح للشركات العاملة في القطاع خدمة عملائها في اسواقها القائمة دخول اسواق جديدة.
وإلى جانب السماح بالملكية الاجنبية الكاملة للمشاريع والاعفاء من الضرائب والتيسيرات في جلب العمالة وسرعة انجاز الاجراءات، فإن تواجد مختلف الشركات العاملة ضمن الصناعة في منطقة واحدة يحقق مزايا عديدة تتراوح بين تكامل التسهيلات وخدمات الدعم والكلفة التشغيلية التنافسية.
ويكتسب مؤتمر التجارة الالكترونية في الاسواق الناشئة المقام في دبي خلال الفترة من 15 17 يناير (كانون الاول) 2001م قدرا كبيرا من الاهمية مع انعقاده في فترة تصاعد فيها اهتمام دول الخليج والشرق الاوسط بالتجارة الالكترونية إلى اعلى مستوياته.
إذ تشعر حكومات المنطقة ان هناك حاجة ماسة لتسريع جهودها للتحول عن اساليب التجارة التقليدية الى التعاملات المعتمدة على شبكة الانترنت لمواجهة المنافسة الحادة التي سيجلبها انفتاح الحدود وسقوط الحواجز التجارية في عصر منظمة التجارة العالمية.
حيث يتوقع ان تصبح الانترنت بالنسبة للعديد من الهيئات والمؤسسات في الشرق الاوسط، حلقة الاتصال الاهم مع عملائها والمصدر الرئيسي لمعلومات الاعمال حول متطلبات المستهلكين والتعرف على اتجاهات الاسواق مع قيام الانترنت باعادة رسم قواعد المنافسة واجبار الشركات العاملة في مختلف القطاعات على اعادة النظر في اساليبها التجارية.
فعلى الرغم من ان التجارة الالكترونية لن تحل بشكل آلي محل التجارة التقليدية في دول مجلس التعاون الخليجي، إلا ان الشركات التي لا تبدأ باستخدام الانترنت في انشطتها وعملياتها التجارية ستبدأ في فقدان اعمال لصالح منافسيها الذين يستخدمون تقنيات التجارة الالكترونية وتطويع قدراتها لمصلحتهم.
ويؤكد مسؤولون وخبراء في الخليج انه يتعين على الحكومات والشركات في دول مجلس التعاون تسريع عملية التحول الى التجارة الالكترونية لان الوقت ليس في صالح المنطقة، وليس أمام المؤسسات في دول المجلس سوى وقت قصير للتحول الى العمل عبر الشبكة، واستغلال التقنيات الجديدة وتعديل انماط أعمالها بما يتناسب مع متطلبات المرحلة المقبلة.
وتشعر الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة بأن التجارة الالكترونية يمكن ان توفر لها تحولا سلسا يتيح لها التأقلم مع المتطلبات والتحديات الجديدة في عصر منظمة التجارة العالمية، لكونها تساهم بشكل ملموس في تقليص الكلفة وتعزز القدرات التنافسية.
ويؤكد محللون ان من شأن تطبيق قوانين منظمة التجارة العالمية ان يؤدي إلىتغيير الممارسات التجارية الحالية السائدة بما في ذلك نظام الوكالات التجارية، بحيث يتعين على الشركات في دول مجلس التعاون اعتماد خطط وبرامج تتيح لها تعزيز قدراتها التنافسية بمواجهة التحدي الجارف الآتي عبر الشبكة.
يذكر ان مبادرات تتراوح بين اقامة مدينة دبي للانترنت وتأسيس مؤسسات كبيرة تنشط في مجال التجارة الالكترونية في دبي يضع حجر الاساس لتدشين بنية اساسية متطورة ستساعد على تعجيل وتسهيل التحول عن التجارة التقليدية الى التجارة الالكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي.
هذا وكان الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع قد ألقى كلمة في المؤتمر قال فيها:
يسرني ان ارحب بكم وبمؤتمركم المميز بحضوره والمهم بموضوعه المتعلق بواحدة من اكثر القضايا حيوية للعالم باسره، وليس فقط للاسواق الناشئة.
وفي هذا الوقت الذي يعيش فيه الاقتصاد العالمي في حالة انتقال إلى حقبة جديدة كليا، تزداد الحاجة الى تضافر الجهود الدولية لتسهيل عملية الانتقال وضمان شموليتها الكونية,, ونأمل ان يكون مؤتمركم هذا وانعقاده للمرة الاولى خارج دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خطوة على هذا الطريق.
و بالنسبة لنا في دولة الامارات العربية المتحدة فقد عقدنا العزم على مواكبة المتغيرات، ووضعنا في وقت مبكر نسبيا الخطط الضرورية لتوفير متطلبات التفاعل الايجابي مع الاقتصاد الجديد, وكان علينا ان نتحرك في عدة اتجاهات وفي وقت واحد,, في اتجاه نشر الوعي بثقافة المعلومات, وفي اتجاه تطوير التعليم واعادة النظر في برامجه ووسائله, وفي إطلاق مشاريع البنية الاساسية للاقتصاد الرقمي الجديد وفي اطلاق مبادرة الحكومة الالكترونية، حيث ستكون الشبكة اداة رئيسية في ادارة الخدمات وانجاز الاعمال على صعيد دوائر الحكومة وقطاع الاعمال.
ندرك ان ما أنجزناه يعتبر رياديا بكل المقاييس,, وندرك ايضا اننا مازلنا في بداية الطريق,, وان الطريق طويل,, لكننا واثقون من سلامة الاتجاه.
إننا نسير في الاتجاه الصحيح، ونعلم ان مهمات عديدة تنتظرنا في مجالات التشريع والاتصالات والموارد البشرية والتنظيمات الادارية,, ونحن قادرون على النجاح ومصممون على تحقيقه.
السيدات والسادة:
إن التجارة الالكترونية التي تجتمعون حولها اليوم هي احد العناوين البارزة لتحولات جذرية يعيشها عالمنا في كافة المجالات.
ولاشك ان كل دول العالم تتطلع إلى مواكبة هذه التحولات بيسر وسلامة، لكن عقبات وتحديات كثيرة تعرقل تحقيق طموح الغالبية العظمى من الدول النامية.
وفي رأينا ان اكبر هذه التحديات هي الهوة التكنولوجية بين الدول الصناعية والدول النامية، وهي لسوء الحظ آخذة في الاتساع.
لقد شهدنا في القرن العشرين صورة عالم منقسم مرة إلى دول متقدمة وأخرى نامية، ومرة إلى دول الشمال الغنية ودول الجنوب الفقيرة, ويبدو ان التقسيم في القرن الحادي والعشرين سيكون على اساس المعلومات,, مجتمعات تعرف وأخرى لا تعرف؟!
من واجبنا جميعا ان نتساءل هنا عن تأثيرات هذه الهوة الواسعة,, لا على استقرار الاقتصاد العالمي فقط، إنما ايضا على الامن والاستقرار الدوليين.
ونتساءل عن عالم يتغنى بالعولمة والقرية الكونية الواحدة بينما ثرواته الاساسية وهي المعلومات تتركز في عدد محدود من البلدان، ويجري تعميق هذا التركيز من خلال الاتجاه المتصاعد لاحتكار المعلومات عبر توسيع حقوق الملكية الفكرية في الدول الصناعية لتشمل حتى جوانب تطبيقية للمعرفة، مثل حقوق ملكية الاجراءات الطبية وانجازات الهندسة الوراثية وغير ذلك.
أعضاء المؤتمر الكرام:
إن اتساع الهوة المعرفية يحرم معظم الدول النامية من المشاركة الحقيقية في الاقتصاد العالمي الجديد، مما قد يعرضها لمخاطر كثيرة تبدأ بالاقتصاد وتتسع لتشمل الاستقرار والامن,, وحين نتحدث عن عالم واحد، واقتصاد دولي واحد,, وقرية اعلامية كونية واحدة,, فعلينا إذن ان نتوقع ان الامن ايضا في العالم واحد، وهذا سبب اضافي لحفز الدول الصناعية المتقدمة على المساعدة في تسهيل وتسريع دخول الدول النامية إلى الاقتصاد الرقمي، وهو ما سنؤكد عليه خلال مشاركتنا في منتدى دافوس الاقتصادي هذا العام.
إنني أغتنم انعقاد مؤتمركم هذا للدعوة الى تبني مبادرة لانشاء تجمع دولي يعنى بمساعدة الحكومات والقطاع الخاص في الدول النامية في مجال تكنولوجيا المعلومات، على ان تشارك فيه حكومات الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمنظمات الدولية ذات الصلة، وشركات تكنولوجيا المعلومات.
وفي موازاة ذلك فإن حكومات الدول النامية مطالبة ببذل جهود مضاعفة في هذا المجال، من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب ووضع الانظمة والتشريعات المناسبة.
ومن جانبنا في دولة الامارات العربية المتحدة فإن تجربتنا تقدم نموذجا طيبا لتعاون الحكومة والقطاع الخاص من اجل تسهيل وتسريع عملية التحول، حيث حقق برنامج الحكومة الالكترونية الجاري تطبيقه في دبي نجاحا ملحوظا، بينما بات استخدام التجارة الالكترونية يحظى بالاولوية في عدد متزايد من مؤسسات القطاعين العام والخاص، وقد ساهمت مبادرات حكومية رائدة مثل مدينة دبي للانترنت في نشر وتعميق الثقافة الرقمية وتعزيز آليات التحول، بحيث يتوقع تضاعف مبادلات التجارة الالكترونية عدة مرات خلال السنوات القليلة المقبلة.
في الختام,, أود أن أعبر عن سعادتي لاختيار دولة الامارات العربية المتحدة، كأول دولة من خارج الدول الصناعية، يعقد فيها مؤتمر التجارة الالكترونية في الاقتصاديات الصاعدة، ان هذا الاختيار يتناسب مع اهتمامات دبي بالاقتصاد الرقمي ومع مكانة دبي كمركز دولي للمؤتمرات والمعارض الكبرى، وهو ما يؤكده اختيار دبي لاستضافة الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في عام 2003م.
|
|
|
|
|