| عزيزتـي الجزيرة
دأبت حكومتنا الرشيدة منذ زمن بعيد على نشر التعليم وطرقت من أجل ذلك كل باب مشروع ففتحت المدارس لجميع المراحل للبنين والبنات وما تزال الجهات المسؤولة عن التعليم في بلادنا ممثلة في وزارة التعليم العالي ووزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات تنشد كل جديد في التقنية والتكنولوجيا للنهوض بأبنائنا وبناتنا والوصول بهم الى أعلى المستويات العلمية للاستغناء بهم عن الكوادر الأجنبية في جميع التخصصات سواء العلمية أو التقنية أو الطبية وغيرها.
والمدارس هي الميدان لتطبيق هذه الخطط والتنظيرات لكن ومع ذلك هل يكفي ان تعلم المدرسة أبناءنا وبناتنا؟ هل يكفي ان تخرجهم الى الجامعات والكليات بتحصيل علمي مجرد لنقول ان المدرسة قامت بواجبها كما ينبغي؟ وبمعنى أوضح ما هو الهدف من انشاء المدارس ولماذا كل هذا الدعم للتعليم في بلادنا المتمثل في تقديم كل ما يحتاج اليه من أموال وكوادر متدربة وامكانات مطورة؟ هل كل هذا من أجل التعليم النظري فقط أم ان الواجب علينا أن نسعى لتربية النشء تربية اسلامية منطلقة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أولا ثم يأتي بعد ذلك السعي لتعليم النشء وتثقيفه, ولنتأمل ما يجول داخل المدارس بنين وبنات فما الذي يا ترى يقوم به المدير والوكيل أو المديرة والمساعدة, ثم أيضا ما الذي يقوم به المرشد الطلابي أو المشرفة الاجتماعية ثم ما الذي يقوم به المعلمون والمعلمات في المدرسة عامة وداخل الفصل خاصة ولنسع أحبتي بعد هذا التأمل الى معرفة اهتمامات هذا الطاقم التعليمي, فما الذي يريدونه من أبنائنا وبناتنا وما الغاية والأهداف التي حددوها لهم ومتى أطلقنا هذا التساؤل الذي يفرض نفسه نجد اننا ملزمون للحديث بصراحة عن واقعنا في المدارس بين تلقين الطلاب وتربيتهم وتهذيب سلوكهم, إذ أن المعلوم لدى الجميع ان كثيرا من المدارس لا تقوم بدورها كما يجب عليها في رعايتها للسلوك رعاية تامة، وبمعنى آخر لماذا تقوم بعض المدارس بدورها في التعليم النظري الذي يعتمد على حشو المعلومات وتخريج أجيال متعلمة ولكنها غير متربية تربية سليمة.
لماذا تسعى المدارس لاصلاح جوانب علمية وتهمل الجانب الأهم والذي لا يستفيد الطالب من أي علم بدونه.
إن أهم ركيزة يجب أن ننطلق منها الى جانب التعليم إن لم تكن قبله الحرص على تعديل وتقويم سلوكيات أبنائنا وبناتنا وذلك يتحقق من خلال العمل الجاد المخلص المبني على أسس تربوية سليمة لوقايتهم من السقوط في مهاوي مشكلات ضارة ومشينة وانه مما يدل على اهمال هذا الجانب المهم عدة أمور منها:
1 ارهاق طاقم التعليم كله بتعاميم رسمية عديدة من أجل النهوض فقط بجوانب الطالب التحصيلية فشُغل المدير والمرشد والمعلم برعاية الطالب غير المجد دراسيا عن الطالب المتأخر أخلاقيا، انصب اهتمامهم على واجبه المدرسي دون واجبه الرباني سعيا بذلك الى حشو عقله بالمعلومات بينما فات عليهم أهمية صياغة عقله صياغة ربانية وتهيأته لقبول المعلومات النظرية والاستفادة منها في عبادته ومعاملته.
2 ضعف الجانب التأديبي ضد أصحاب السلوكيات المنحرفة داخل المدارس مما ترتب عليه تفشي هذه السلوكيات بل وأعظم من ذلك الغاء درجة السلوك والمواظبة من نتيجة الطالب النهائية كما في اللائحة الجديدة ومن أمن العقوبة اساء الأدب.
ونتيجة لهذا التوجه غير المنضبط في مسيرة التعليم حين أغفل الاهتمام بالجوانب التربوية لتعديل السلوك فقد ظهر للعيان آثار سلبية عديدة فمن ذلك:
1 ظهور سلوكيات غريبة داخل المدارس كقصات الشعر وشرب الدخان والكلام البذيء والأفعال المشينة وعدم احترام المعلم ولا كتاب العلم بل ولا العلم ذاته.
2 تخرج كثير من الطلاب في مراحل التعليم وهم يحملون أخلاقيات منحرفة واستمر الحال على هذا المنوال سهراً على الباطل ومعاكسات وعقوقاً للوالدين وقطيعة للأرحام وعبثاً بالسيارات وربما إدمان للمخدرات.
وإن ما تضمه دور الملاحظة والاصلاحيات ومستشفيات الأمل من طلاب المدارس خير شاهد ودليل على ذلك.
إن الأمر يتطلب سعيا حثيثا الى تعديل وتقويم ورقابة سلوك أبنائنا وبناتنا أولا قبل الاهتمام بتعليمهم.
وهذا التعديل والتقويم يلزمه أمور كثيرة أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
تخفيف العبء على ادارة المدرسة والمرشد الطلابي واعطائهما وقتا كافيا لمتابعة هذه السلوكيات وذلك بالحد من الطلبات التي تُعنى بالتحصيل العلمي.
الاهتمام بالنشاط المدرسي واعطائه حقه ومستحقه واختيار المعلمين الأكفاء له فالنشاط المدرسي له أثره في تعديل سلوكيات الطلاب لكن وضع المدارس اليوم يتوقف بحسب همة المدير ورغبته ومدى توفر الامكانات المادية وغيرها.
إنشاء وحدات في ادارات التعليم تُعنى بمتابعة الجوانب السلوكية وتعديلها,والحق يقال ان سعادة مدير عام التعليم بمنطقة الرياض الدكتور عبدالله المعيلي وفقه الله قد بدأ بهذه الفكرة حيث أنشأ في أروقة ادارته وحدة تسمى وحدة تهذيب السلوك وهي ملحقة حاليا بقسم التوجيه والارشاد الطلابي.
وقد كُلف الأستاذ صالح القاضي بالقيام بشؤونها فهو يقوم بجولات على مدارس مدينة الرياض لمعرفة مدى اهتماماتها ومتابعتها لمسائل السلوك لدى الطلاب,ومن خلال متابعتي القاصرة ولقائي بالأستاذ صالح علمت بأنه تمكن من زيارة مدارس كثيرة ولمس حاجتها الى تعزيز الاهتمام بالجوانب السلوكية كما أنه لقي تأييدا وتعاونا تاما من منسوبي تلك المدارس.
لكنا لا نظن أن الأستاذ صالح بمفرده يستطيع تغطية منطقة الرياض لاتساعها وكثرة مدارسها لذا فأملنا في الله ثم في الدكتور عبدالله المعيلي في أن يقوم مشكورا مأجورا بالاهتمام بهذه الوحدة التي سنها وأن يسعى لتطويرها وتوسيع دائرة شموليتها وذلك بتفريغ عدة أشخاص أكفاء للقيام بنفس المهمة, وذلك لمواجهة حاجة المنطقة وكثرة مدارسها فنحن متعطشون للاهتمام بهذه الجوانب الرئيسية في التعليم واعطائها حقها.
كما أوجه ندائي قبل ذلك الى معالي وزير المعارف الدكتور أحمد محمد الرشيد وفقه الله ليقوم بالاطلاع على آثار وايجابيات هذه الوحدة ومن ثم يعممها وينشر فكرتها في ادارات التعليم في المناطق والمحافظات وهو الذي عودنا المبادرة الى كل ما من شأنه رفع سلوك أبنائه الطلاب وتهذيبه.
وهذا شيء يسير مما يجب علينا للنهوض بالتعليم وتصحيح مساره ونحن متفائلون إن وجد ذلك كله بتغير الحال في المستقبل القريب لكثير من السلوكيات المنحرفة لدى الطلاب، وعلاجها بإذن الله، عندها يكون الطلاب مهيئين لاستقبال العلوم والاستفادة منها.
وقبل أن أختم حديثي كأني بالقارىء العزيز يقول لي: إنك قد القيت بالحمل كله على المدرسة ومنسوبي التعليم في كل ما يحدث من الطلاب والطالبات من أخلاقيات منحرفة ونسيت أو تناسيت الأسرة ودورها والمجتمع وأثره, ورداً على ذلك أقول إنني لم أُغفل ذلك ولم أنسه بل أدرك أهمية متابعة الاسرة ودورها والمجتمع وأثره ولكن المؤسسات التعليمية تتحمل الجزء الكبير من ذلك,ولعله يتسنى لي في القريب العاجل فرصة أخرى للحديث عن دور الأسرة والمجتمع تجاه سلوكيات الطلاب والطالبات.
والله من وراء القصد وصلى الله على نبينا محمد
متعب محمد الرشود
الرياض متوسطة حي السلام
|
|
|
|
|