| عزيزتـي الجزيرة
ونحن نعايش هذه الايام أجواء الجنادرية الندية والتي بدأت تهب علينا بنسماتها العليلة والمنعشة والتي تضخ في الدماء روحاً جديدة وترفد حياتنا المعاصرة بكل ألوان الطيف الثقافية والاجتماعية والشعرية كان لزاماً علينا ان نتصفح هذه الأوراق البيض من تاريخ الجنادرية وأدوارها المناطة بها,, وهل استطاعت فعاليات الجنادرية وما أُعدّ لها من ترتيبات عالية المستوى واستعدادات تجري على قدم وساق وتحت إشراف نائب رئيس اللجنة صاحب السمو الملكي الفريق أول متعب بن عبدالله أن تحقق أهدافها الطموحة وما قصد لها من أبعاد حضارية وثقافية تبرز وجه مملكتنا الحبيب على أبهى صورة وأجمل وجه كما ينبغي لها بين بلدان العالم,, ولاسيما ونحن نستشرف الألفية الثالثة بكل زخمها علماً وثقافة وتقنية؟,, تساؤلات كثيرة تفرض نفسها على الساحة وافتراضات تصول وتجول ونحن نتابع هذا الأمر الهام عن كثب,, نرقب الحدث بكل اهتمام وحرص شديدين,, ونتابعه بقلوبنا وعقولنا ,, لا تغفو اعيننا عنه لحظة ولا تحيد عنه قيد أنملة,, لأن الأمر ذو أهمية بالغة ودور طليعي هام يتصل بسير حياتنا المعاصرة ويبرز وجه المملكة بكل موروثها القديم وتاريخها الحديث,, حضارة وإرثاً وصناعة وشعراً.
ففي يوم الأربعاء 21/10 تبدأ فعاليات هذا الحدث العظيم تحت رعاية ولي العهد الأمين وتنطلق بداياته الرائعة وقد ازدانت الرياض عاصمة الثقافة لعام 2000 بكل حللها القشيبة وتزيّت بهذا الجمال الفاخر والأبهة الرائعة,, ولقد نهض بالأمر صاحب السمو الملكي الفريق أول متعب واطلع عليه بنفسه ومن ورائه تلحظه عيون هذه الكوكبة الحاكمة بشرع الله,, خادم الحرمين الشريفين أطال الله في عمره وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز يؤازره في ذلك صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذين لم يدخروا وسعاً في إبراز وجه المملكة في فعاليات الجنادرية على أبهى صورة تضارع في ذلك أعظم دول العالم تقدماً وحضارة,, ولقد شهد بذلك الكل,, البعيد منهم قبل القريب,, وهذا ماجعل مواسم الجنادرية تزخر بكل الفعاليات الثقافية من مواسم شعرية وأدبية يدعى لها رجال الأدب والفكر في كل انحاء العالم العربي والإسلامي منه والعالمي الذين شهدوا بأنفسهم وقائع هذا الحدث العظيم وأدلوا فيه بآرائهم ورؤاهم وسجلوا ملاحظاتهم الرائعة التي تنضح بالاعتراف والإشادة,, والمتتبع لفعاليات الجنادرية منذ نشأتها يلحظ هذا الاختلاف والتطور الذي يتسارع إيقاعه عاماً بعد عام,, ففي كل عام تبدو الجنادرية على نسق جديد ووجه مختلف عن العام الذي سبقه,, فالأمر قد أُعد له بإحكام وسبقته دراسات مستفيضة ووضعت له لجان عمل دائبة الحركة عملت على تطويره ورفده بكل جديد وثر,, وإني لأراهن ان مهرجان جنادرية هذا العام (16) لهو نسيج وحده من التقديم والعرض والتنويع والثراء.
فولاة الأمر في هذا البلد الطيب عملوا على تسخير كل الامكانيات لجعل الجنادرية واجهة حضارية تبرز المملكة على العالم بالشكل الذي يليق بها من الرفعة والحضارة والتاريخ وهذا ما وفقوا له بإذن الله تعالى,, ولقد استجاب صاحب السمو الملكي الفريق أول متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز لهذه التوجيهات الكريمة ونفذها بكل حذافيرها يساعده في ذلك وكيل الحرس الوطني د/ عبدالرحمن السبيت الذي كان خير عضو وسند والذي عمل بكل ما أوتي من قوة وجهد لتسخير كل الامكانيات المادية والمعنوية لمصلحة هذا الحدث العظيم.
والجنادرية واجهة حضارية حُبلى بكل ألوان الفنون الجميلة التي تمتاز بها بلادنا الحبيبة,, فهناك سباق الهجن والذي حشد له كل الهجن الأصيلة,, بغية إرضاء محبي هذا اللون الجميل من ألوان الرياضة والذين هم كثر في مجتمعنا على مختلف شرائحه العُمرية,, والمتابع لفعاليات الجنادرية يلحظ وجود المناطق المختلفة على امتداد ربوع هذا الوطن,, فكل مناطق المملكة قد مثلت وجودها وشاركت بتراثها القديم المتوارث زِيّاً وحرفة وأطعمة شعبية,, فكل جناح يمثل فلكلوراً حياً لمنطقة بعينها,, فلقد كانت هناك أجنحة الحجاز والمدينة المنورة التي عرضت إرثها الحضاري بشكل جميل وجذاب,, ولقد شرّف هذه المناطق ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله والوفود الزائرة من مختلف البقاع من دول الخليج العربي وسائر البلدان الأخرى.
والحق يقال,, إنه ما كان للجنادرية ان تبدو بهذا الوجه المتلون والمتعدد والثري لولا دور الحرس الوطني الذي كان حاضراً في كل صغيرة وكبيرة,, بل لقد كان الموجه والمنفذ والمعد ولكن من خلف الكواليس,, فلقد عمل الحرس الوطني على تجنيد الطاقات الفاعلة المتعددة وتأمين المساكن للضيوف واستقبالهم على أحسن وجه وفق مقتضيات الضيافة العربية الاصيلة وتهيئة الأماسي الشعرية الرائعة والتي دعي لها أفضل الشعراء وأشدهم تمكناً وشهرة في الإبداع الفني,, فأذكوا جنبات الحفل بجميل شعرهم ولطيف نظمهم,, فأجادوا وأبدعوا,, ولا ينكر الجهد الذي اضطلع به سلاح الإشارة في القيام بالتغطيات الفضائية المطلوبة والمناسبة لمثل هذا الاحتفال البهيج وعكسه محلياً ودولياً,, وعلى رأس هذا الجهاز اللواء علي سعود المدبل وأركانه الذين سهلوا هذا النقل الحي والهام.
كما أن دور العلاقات العامة في الحرس الوطني ممثلة في الأستاذ/ سلطان البازعي كان عظيماً ورائعاً في الإعداد والتنسيق والتوجيه والارشاد بإعداد الكتيبات والنشرات التعريفية والتثقيفية والتي تعين الحضور والضيوف بتسهيل اللقاءات والزيارات ومتابعة كل البرامج على أحسن حال وأفضل طريقة.
ولقد أحسن القائمون على أمر الجنادرية صنعاً حينما عملوا على تكريم الرواد والأدباء والمفكرين الذين أثروا حياتنا ثقافياً وعلمياً وأدبياً,, فحفظوا لهم لجميل وردوا لهم الإحسان إحساناً بتكريمهم والإشادة بهم رداً لجميل صنعهم وحسن أثرهم وتحفيزاً للهمم ببذل الجهد والطاقة وتسخير كل الطاقات الكامنة لمصلحة هذا البلد الطيب المعطاء,, وإنني لآمل ان يأتي اليوم الذي تكرم فيه الجنادرية جيل الشعراء الفطام أمثال راشد بن جعيثن وخلف بن هذال ومحمد سعيد الذويبي وأحمد الناصر الشايع كما أحسنت صنعاً بتكريم الأديب الكبير عبدالكريم الجهيمان.
إنني حين أخط بيراعي كاتباً وواصفاً وسارداً لأحداث الجنادرية ووقائعها العظيمة لا أزعم أني قد أوفيت حقها,, فهذا جهد شاق وكبير لا يقدر له كاتب مثلي ويكفي اني قد حاولت وكفى.
سعد حمد الخنيفر
|
|
|
|
|