أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 16th January,2001 العدد:10337الطبعةالاولـي الثلاثاء 21 ,شوال 1421

متابعة

رحيل العلامة ابن عثيمين:
لماذا كل هذه العواطف الجياشة؟
د, فهد بن صالح السلطان*
كما أن رحيل العلامة الشيخ ابن باز لم يكن بالأمر الهين على أبناء الأمة فإن رحيل العلامة الشيخ محمد بن عثيمين لم يكن حدثاً عابراً بالنسبة للعالم الإسلامي بأسره، رحمهما الله رحمة واسعة,, والذي يستقرىء بإمعان الصفات التي ميزت الرجلين والتي طبعت محبتهما في قلوب العامة والخاصة يجد إجابة واضحة لأي غموض حول الأسباب التي جعلتهما يستأثران بقلوب الشريحة الكبرى من المجتمع الإسلامي.
وهي من وجهة نظري أسباب يجب أن يقف عندها طلبة العلم قبل العامة.
لقد قدم ابن عثيمين رحمه الله إلى ما قدمه بعد أن وهب نفسه للبحث والتحصيل والتعليم والافتاء والدعوة إلى الله, وأدى رسالة أحسب والله انها أم الرسائل, فقد درس وعلم علماً سماه الأوائل ب (علم السيادة) ونال به بفضل الله عزة في الدنيا وأسأل الله أن يكون له شفيعاً يوم القيامة.
ومن هذا المنطلق فإن كتابتي وغيري عنه لن تضيف له شيئاً، ولقد حرصت هنا على تلافي الأسلوب التقليدي في الرثاء بسبب قناعتي بأن هناك من هو أقدر مني على اجادته، ولكنني أردت بهذا المقال المتواضع الدعوة إلى أن يكون حدث وفاة الشيخ ابن عثيمين (كما دعوت لذلك عند وفاة الشيخ ابن باز) نقطة للمراجعة والتدبر بالنسبة لنا جميعاً وبوجه خاص بالنسبة لطلبة العلم الشرعي ومن شرفهم الله بالقيام عليه.
ونقطة المراجعة من وجهة نظري يجب ان ترتكز على عدد من المعطيات تستثيرها الاستفسارات التالية:
لماذا كل هذه العواطف الجياشة تجاه هذين الرجلين؟ وماهو سر محبتهما في قلوب الجميع؟ هل هناك عوامل أوصفات مشتركة بينهما؟ هل المستوى العلمي وحده المحرك لتلك العواطف؟ بمعنى هل هو التميز العلمي فقط؟ أم السلوك الشخصي؟ أم ماذا؟
في اعتقادي ان الوقفات التالية تتضمن نقاطاً هامة في قراءتنا للموضوع وفي محاولتنا لتفسير أي غموض يكتنفه:
أولاً: أهمية العفة والنزاهة بالنسبة للجميع وبخاصة العلماء ودورها في اضفاء الهيبة والوقار عليهم ومحبة الناس لهم, لقد كانت العفة والنزاهة التي تميز بها كل منهما وبحق مصدر ثقة بهما ومحبة لهما وعزة وكرامة لهما في الدنيا وأرجو أن تكون شافعة لهما يوم القيامة, وأحسب ان العفة والنزاهة راية بيضاء يجب أن تميز طالب العلم الشرعي وثوب ناصع البياض يرتديه ويميزه عن طلاب الدنيا وقد اثبت التاريخ بأن العفة والنزاهة تضفي على اصحابها من العلماء هيبة ووقاراً في قلوب العامة والخاصة.
ثانياً: الزهد في هذه الدنيا الفانية بما فيها من وظائف وأموال وأولاد واحتقار المادة وغيرها مهما بلغ حجمها.
ثالثاً: التواضع الذي تميز به كل منهما كان أحد أسباب رفعته وعزته في الدنيا.
رابعاً: التركيز على البحث والتدبر والتحصيل بدلاً من الاكتفاء بالنقل فقط وإغفال وتعطيل الفكر والعقل وهو أمر يحتاج إلى علو همة وصبر ومثابرة.
خامساً: الجمع بين العلم والعمل والربط بين إيمان القلب وعمل الجوارح.
سادساً: الأخذ بالمنهج الرباني وسيرته صلى الله عليه وسلم في السلوك الشخصي.
سابعاً: المثابرة على الدعوة والاستمرار في العمل وعدم الانقطاع عنه حتى الموت.
ثامناً: اخلاص النية واخلاص العمل لوجه الله سبحانه,,, والله أعلم.
وباختصار فالذي أردت ان أصل إليه هو أن العلم الشرعي وحده لا يكفي ومن أراد أن يقتفي أثر الصالحين ويقتدي بسيرة سيد المرسلين وصحبه الكرام وينال بذلك رفعة في الدنيا وثواباً في الآخرة فإن عليه ربط العلم بالعمل.
والله من وراء القصد.
أسأل الله سبحانه وتعالى ان يعمنا جميعاً برحمته انه سميع مجيب
* وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية المساعد للتخطيط والبرامج

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved