ما للحمامةِ لا تَردُّ هَدِيلا
والخيلُ أطرَقَ لا يجيدُ صهيلا
ما للفيافي قد تساقطَ زهرُها
والبحرُ يرقدُ ساجياً وثقيلا
ما للنجومِ تضاءلت أنوارُها
والسعدُ أمسى في العراءِ قتيلا
الصبحُ يَسألُ والدموعُ بعينِه
أحقيقةٌ يا ليلُ ما قد قيلا؟
يا ليلُ أين الشيخُ؟ قُل لي أينه؟
هل قامَ في محرابِه ترتيلا
أم أنه بين المُتُونِ مسافرٌ
فأبِيتُ أرقُبُ للإمامِ وصولا
أم قد تَحَلَّقَ حولَه طلابُه
والشيخُ يجلِسُ بينهم قنديلا
يا ليلُ قُل لي أينه فالصمتُ قد
تَرَكَ الفؤادَ ممزقاً وعليلا
يا صبحُ بل رَجَعَ الإمامُ لربه
والموتُ لن تَلقى له تأجيلا
رَحَلَ الذي شُغِفَ الأنامُ بحبه
حتى توسَّطَ في القلوبِ نزيلا
رَحَلَ الذي ضاق الفضاءُ بعلمِه
كالشمسِ تُشرقُ بُكرَةً وأصيلا
أبقى لنا نبعَ العقيدةِ صافياً
وأسالَه فينا فطابَ مَسيلا
وهدى النفوسَ العاطشاتِ لنبعِها
فروى بذلك في القلوبِ غليلا
ومضى يبارِزُ من أرادَ بمائِها
كَدَراً فَيَغلِبُ حُجَّةً ودليلا
ورأى البريَّةَ حوله في ظلمةٍ
فأضاء فيها للنجاةِ سبيلا
رَحَلَ الإمامُ وغابَ عن أنظارِنا
أحزِن بذلك غَيبةً ورحيلا
رَحَلَ الإمامُ فليتَ شِعري هل لنا
مَن في إمامتِه يَحِلُّ بديلا
فالعلمُ قد أمسى يتيماً بعدَه
يا رَبِّ قَيِّض لليتيمِ كفيلا
سَيَهِلُّ دمعُكِ يا صِحاحُ إلى متى؟
يا تَدمُرِيةُ هل كفاكِ عويلا؟
فالدمعُ لا يُجدي الحزينَ وإنما
صبراً على ألمِ الفراقِ جميلا