| متابعة
بدأت علاقتي المباشرة بالشيخ محمد بن صالح بن عثيمين عندما التحقت في فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم في عام 1405ه، وقد كنت أشتاق إلى رؤيته فقط فضلاً عن الاستفادة من علمه، وكنت أنتظر خروجه من الجامعة من بعد وأستمتع بتزاحم الطلاب عليه وسؤالهم، وكان هذا يبعث في نفسي السكينة والاطمئنان, ورغم أنني في بداية حياتي استمعت للشيخ في شرحه لبعض المتون المتخصصة في النحو إلا أنني كنت أتمنى رؤيته، وتحققت الرؤية.
وبدأت العلاقة القوية مع الشيخ عندما ذهبت لمكة المكرمة لدراسة الماجستير في جامعة أم القرى عام 1410ه وبدأت بالترتيب مع جاري في المنزل الأستاذ حسين عبدالغني ثقة صاحب مكتبة الطالب الجامعي وقمت بالتنسيق معه بجمع رسائل ابن عثيمين وأسميناها العقد الثمين في رسائل ابن عثيمين ونشرت هذه الرسائل والحمد لله في مجلدين وأحضرتها للشيخ فسر بها ودعا لي بالتوفيق والصلاح، ثم بدأت العلاقة تزداد يوماً بعد يوم وبعد أن أكملت درجة الماجستير عدت إلى فرع الجامعة في القصيم, بدأت مع مجموعة من المشايخ بالتتلمذ على يد سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين وكانت البداية في كتاب زاد المعاد لكن هذا التتلمذ لم يستمر طويلاً وذهبت للولايات المتحدة الأمريكية وكرمني الشيخ برقم الهاتف الخاص في المنزل وطلب مني ألا أستخدمه إلا في الحالات القصوى التي تحدث دائما في بلاد الغرب وينتج عدم الفصل فيها إلى الفتنة والفرقة والشقاق والنزاع، وكنت أستخدم هذا الهاتف بين الفينة والأخرى وكم كان هذا مفيدا على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية فقد اتصلت به مرارا ولا سيما عندما يبلغ الخلاف الحلقوم، وبهذا الرقم الخاص انكشفت كرب وانحلت عقد واتحدت قلوب بهذه الفتوى، حتى إنه في أحد الأيام أن أحد الاخوان لم يصدقني في قول ابن عثيمين فنقلته له وقال لا مانع لدي أن يكون اللقاء مباشرا عبر الهاتف وأنا مستعد للمناقشة ومرت الأيام,, وفي زيارتي السنوية للمملكة العربية السعودية أعود لمجلس الشيخ مرة أو مرتين، وأذكر له بعض الصور الموجودة هناك وأحوال المسلمين وأعرض عليه بعض الفتاوى، وكان يكتب وييسر وكنت أناقشه بصراحة إلى درجة انه رفض الفتوى في موضعين لما أخبرته بكامل القضية ولم يعطني جواباً وقال اسأل غيري وهذه الفتاوى هي:
1 فتوى بطلب ترك إدارة المركز الإسلامي أو أخذ صدقة الفطر نقوداً فالشيخ لا يرى إخراج صدقة الفطر نقوداً ولا يرغب في أن أترك المركز لحسن ظنه جزاه الله خيراً فقال اسأل في هذا غيري,.
2 أما الثانية فهي قضية البطاقات التي تصرفها بعض الشركات مثل بطاقة (AAA) التي تقوم بإصدارها المؤسسة الأمريكية للسيارات بحيث تقدم بعض الخدمات مقابل هذا الاشتراك ووضحت أهميتها للمقيم هناك كلام طويل حتى قال لي: اتركها عنك بنص العبارة فقلت له يا شيخ هل هي جائزة أم لا؟ قال أقول اتركها عنك فقط لكنني كنت مصراً على الفتوى الصريحة عند ذلك قال لي الشيخ اسأل في هذا غيري,.
3 أما الفتوى التي يسر فيها الفتوى هي قضية تأخير الصلاة أو جمعها عند دخول المحاضرات في بلاد الغرب ولا سيما إذا كان الخروج من المحاضر يثير الشبهة أو يؤثر على الدرجة وغيرها من الفتاوى التي يضيق المجال لذكرها,.
وغير ذلك من الفتاوى التي كان الشيخ يتورع فيها ويرى عدم القطع فيها,.
أما آخر لقاء مع الشيخ فقد كان قبل بضعة أشهر في محافظة الزلفي عندما قدم لإلقاء محاضرته السنوية، وكنت من مودعيه مع فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله الطيار ومجموعة من المشايخ، وتحدثنا عن موقع الشيخ عبر الإنترنت لعلاقتي بهذا الموضوع وقال ماذا ستفعل لي؟ قلت أمرني يا شيخ فأنا رهن إشارتك فقال أول شرط هوعدم وجود احتكار أي احتكار للكتب والأشرطة والفتاوى وقال لي: أنا أرغب بذلك وضع الكتب والفتاوى والأشرطة عبر الإنترنت وسألني عن فوائده وكان الحديث طويلاً، وقال للشيخ الطيار تزكيه فقال نعم قال أنت مسؤول عن الموقع,, وقال لي الشيخ سوف يتصل بك ابني إبراهيم للتنسيق حول الموضوع وبدأت الاتصالات مع ابنه إبراهيم وزارني في المنزل وزرته، كذلك وبدأ العمل للترتيب لموقع الشيخ على الإنترنت، وما زال العمل جارياً وكنت أقول لابنه انني مستعد للإشراف والمساعدة في الموقع بأي وجه من الوجوه وهذه قربة إلى الله سبحانه وتعالى,, وما زال العمل جارياً على هذا الموقع وما زالت الاتصالات جارية حتى قبيل شهر رمضان الماضي وأسأل الله سبحانه وتعالى أن نوفق جميعاً للعمل في خدمة علم الشيخ وآثاره وسوف تكون العاقبة حميدة إن شاء الله تعالى,.
أما ما أخفاه الشيخ عن الأمة فهو تبرعه السخي الخاص للمسلمين في مشارق الارض ومغاربها، وأذكر أنني في إحدى زياراتي له في منزله عندما كنت أدرس في الولايات المتحدة الأمريكية أنه أخذ بيدي إلى مختصر له فقال يا عبدالله أنا وأنت هنا ولا يرانا إلا الله خذ هذا المال وكان كبيرا وهو من مالي الخاص واشتر به مصاحف ووزعها على المحتاجين في السجون الأمريكية وأنت مسؤول عن الشراء وعن التوزيع وأسألك بالله ألا تبلغ بهذا أحداً, ولم أبلغ بهذا أحداً منذ وقته إلى الآن، أما وقت انتقل الشيخ إلى الرفيق الأعلى فلا أرى بأسا أن أذكر أنه كان من المنفقين في السراء والضراء، وكان لا يريد علم الناس بذلك,, رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأجزل له المثوبة والعطاء,.
ولن أتحدث عن مناقب الشيخ فهناك من هو خير مني يترجم ذلك ولا سيما طلابه ولكن ماذا يجب علينا تجاه الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكي يبقى اسمه ساطعاً وعلمه ثابتاً وراسخاً ومنهجه واضحاً وبيناً وصبره واحتسابه مثالا وأنموذجاً للأجيال القادمة، أذكر بعض المقترحات (الواجبة علينا) على سبيل العد لا الحصر:
1 أقترح أن يقوم أحد الأثرياء بالتبرع بطباعة كتب الشيخ بعد تنقيحها ووضعها في مجلدات بدلا من ان تكون متناثرة على شكل كتيبات صغيرة، بل إنني أرى ترجمة كتب الشيخ إلى اللغة الإنجليزية، لكي يعم نفع هذا العلم جميع العالم, ثم انني أذكر بفتوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله بأن الكتب هي من العلم الذي ينتفع به الذي يبقى للميت بعد وفاته, كما أتمنى أن تتبنى مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هذه الفكرة.
2 على صعيد وزارة المعارف، أتمنى أن تدرس سيرة الشيخ في المناهج, ثم انني أقترح أن تحمل بعض المدارس التي سوف تفتتح هذا العام اسم الشيخ سواء على مستوى المناطق أو على مستوى المحافظات سواء كانت ابتدائية أو متوسطة أو ثانوية, وبكلمة أخرى ان يكون في كل محافظة أو منطقة على الأقل مجمع تعليمي أو مدرسة باسم الشيخ محمد بن صالح العثيمين، كما أتمنى ان يكون نصيب محافظة عنيزة من ميزانية الخير والعطاء لهذا العام إنشاء مجمع تعليمي اسمه مجمع الشيخ محمد بن صالح العثيمين التعليمي .
3 على صعيد وزارة الشؤون الإسلامية، أقترح أن تقوم بتسمية بعض المساجد والجوامع التي سوف تفتتح هذا العام باسم سماحة الوالد ومثل ذلك حلقات تحفيظ القرآن الكريم التابعة للوزارة.
4 على صعيد الجامعات، وخاصة جامعة الإمام التي علم فيه الشيخ آمل أن يتم تسجيل رسالة بل رسائل علمية في كلية الدعوة والإعلام حول جهود ابن عثيمين في الدعوة منهجه في التفسير , أما في كليات التربية في الجامعات السعودية فأقترح أن تبادر أقسام أصول التربية الإسلامية بدراسة الفكر التربوي للشيخ ابن عثيمين حيث إنه مثال للتربية والتعليم, كما أنني أقترح أن تقوم الجامعات بتسمية بعض القاعات باسم الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، وعلى صعيد الإنترنت آمل ان تقوم جامعة الإمام باستضافة موقع الشيخ مجاناً وتخصيص خط مباشر للقائمين على الموقع وتحديثه.
5 على صعيد طلاب العلم الموجودين من خارج البلاد ويدرسون عند الشيخ ولم يكملوا سنتين يدرس الطالب عادة عند الشيخ سنة أو سنتين ثم يوصي بقبوله في جامعة الإمام آمل أن يتم قبول الطلاب جميعاً في الجامعة لهذا العام، وفي هذا تكريم للشيخ لأن الطلاب جاءوا لهذا الهدف,, وكلي أمل في الله ثم في معالي مدير جامعة الإمام أن يحقق هذا الأمر فهو سباق لما يخدم الإسلام والمسلمين.
6 على صعيد وزارة البلدية والقروية آمل أن يتم التوصية للمحافظات بتسمية شارع الشيخ ابن عثيمين لأن اسم الشيخ جدير بأن يكون له شارع خاص يذكر فيه ويصلى عليه ويدعى له عند ذكره.
أخيراً فإننا بحاجة إلى من يدون سيرة سماحة شيخنا العلمية والعملية لكي تبقى نبراساً ومنهجاً ودليلاً ومرجعاً للأجيال القادمة,, اللهم ارحم شيخنا واغفر له وأعل منزلته.
آمين,.
د, عبدالله الموسى
رئيس قسم الحاسب الآلي ونظم المعلومات
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|