| متابعة
كلما قضى عالم من علمائنا نحبه وضعت يدي على قلبي لا لشيء إلا لأني أوجس في نفسي خيفة فثمة ترابط بين قلة العلم وقبض العلماء, شعرت بهذا الشعور المحزن لحظة علمي بوفاة فقيد الأمة فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين تغمده الله بواسع رحمته فالحزن على فقدان فضيلته أراه في أعين الناس كلهم في المسجد، والمكتب، والجامعة، والمدرسة، والورشة،والسوق، والمخبز، الكل حزين لأنه فقد عالماً علّم الناس وتعلم منهم، فتح لهم قلبه فأسكنوه سويداء قلوبهم، عالم لم يجعل بينه وبين الناس حاجباً ولا حارساً، رائع متواضع رغم مكانته العلمية ولن تغيب عني ما حييت تلك الصورة الرائعة له رحمه الله عندما شاهدته داخل الحرم المكي يمشي تحت أشعة الشمس الحارقة وحذاؤه في يده وليس معه أحد يظله بمظلة عن الشمس أو يحمل عنه حذاءه ناهيك ان يرافقه، فسلمت عليه فبادلني بسلام خير من سلامي وزاد ان ابتسم في وجهي ابتسامة يندر ان تراها من أحد في ذلك السموم، وسألني عن حالي، وعن حال أهلي، وهو لايعرفني ولايعرف أهلي، فما أنا إلا من عامة المسلمين وهكذا هم مُلاك القلوب، عالم محب لنفع الناس ونشر العلم بينهم حتى في أحلك ظروفه واحرجها صحياً تراه مفتياً للصغير والكبير، بفتوى مليئة بالفوائد والأدلة مما يجعل المستفتي على بينة من أمره وطمأنينة في نفسه، إن قلت هو مصلح اجتماعي فهو كذلك فكم من الخلافات الأسرية زالت بعد توفيق الله على يده، ان قلت هو اعلامي فهو كذلك له في الصحافة والإعلام حضور كبير، إن قلت هو مؤلف هو كذلك فله مؤلفات أثرت بحق المكتبة الإسلامية، إن قلت هو في حاجة ضعفاء المسلمين فهو كذلك فكم حاجة مشى فيها لأناس فقراء ضعفاء لا يؤبه بهم وهو لايعرفهم، إن قلت هو معلم فهو كذلك فكم من الطلاب من شتى بلدان المسلمين تراهم في درسه، إن قلت,,,، إن قلت,,,,, من أبواب الخير وضروبه هو فيه فهو كذلك!!!، لذا فهو علم عز على كل نفس مؤمنة فراقه فذرفت دمعها مبتهلة الى المولى جل وعلا أن يغفر له، إذا ذكر رحمه الله ذكرت عنيزة، وإن ذكرت عنيزة ذكر رحمه الله فهو علمها ودرة تاجها، أجدني بعد وفاته كلما دخلت عنيزة الثكلى مع موعد مع تقطع الحسرات، وتصدع الزفرات وعيني تطيل النظر إلى مسجده ومكان درسه لكنها لا تراه فابتهل الى الله بالدعاء له واتمثل قول الشاعر:
يعز عليَّ حين أدير عيني
أفتش في مكانك لا أراك |
البكاء على الماضي وحده لايجدي البتة بل لو كان رحمه الله موجوداً لنهى عن البكاء ولأمر بالعمل لذا فيما أؤمل ستبقى عنيزة منارة علم فمن قبل توفي فضيلة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله وقام من بعده تلميذه ابن عثيمين رحمه الله متحملاً مسؤولياته ولم يصبه فيروس احتقار الذات، لذا كلي ثقة بإذن الله ان عنيزة العلم عنيزة العطاء عنيزة الخير قادرة ان تنجب لنا بل للمسلمين في أنحاء العالم شيخاً آخر ذا فضل وعلم وسعة صدر يكون خير خلف لخير سلف ليواصل سيرة شيخه ابن عثيمين رحمه الله العطرة ولا ريب أن للشيخ رحمه الله طلاباً كباراً في علمهم وفضلهم جدير بأحدهم أن يستعين بالله ويتحمل المسؤولية مع عظمها محتسباً فيقوم بالإمامة والخطابة والتدريس في جامع عنيزة الكبير,اللهم اغفر لأبي عبدالله وارفع درجته في المهدين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونوّر له فيه.
أحمد بن محمد الجردان
جلاجل
|
|
|
|
|