| متابعة
(كل نفس ذائقة الموت وإنما توفّون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).
فبالأمس القريب أفل نجم وغاب قمر لطالما سطع في سماء العلم والمعرفة وودع العالم الإسلامي بأسره شيخاً جليلاً وعالماً فضيلاً أفنى حياته في خدمة الاسلام وأهله إنه الإمام الجهبذ الفقيه المفسر والداعية الكبير العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين الوهيبي التميمي رحمه الله واسبغ عليه شآبيب الرحمة والرضوان وأسكنه فسيح جناته, ففقد العالم ثلمة لا تسد ومصيبة لا تحد ولكن:
قضى رب العباد
بحكم الفناء على الأنام |
وتلك هي سنة الله الجارية ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وانا على فراقك يا ابا عبد الله لمحزونون:
لله كم ترحٍ يمضي وكم فرح
يأتي وكم سعدٍ يتلوهما كدر |
لقد عاش هذا الشيخ حياته في زهد وورع وقضى ايامه ولياليه في البحث والاطلاع وكرّس وقته وجهده لخدمة العلم وطلابه فأحيا السنن وقمع البدع والخرافات وألّف الكتب والرسائل ولا يكاد يخلو بيت من بيوت المسلمين إلا وفيه كتاب أو شريط لهذا العالم الكبير الذي لطالما نفع الله الاسلام والمسلمين بعلمه.
فقد كان رحمه الله قويا من غير عنف، لينا من غير ضعف، أمة في رجل، أئمة في إمام دؤوباً لا يفتر ولايكلُّ ولا يملُّ دائم الذكر لله عز وجل حسن الخلق، جم التواضع شيخ كريم تهفو القلوب لذكره وتطرب الآذان لسماع حديثه وتوجيهاته كيف لا يكون الشيخ كذلك وقد تتلمذ على ابن باز وابن سعدي وغيرهما من المشايخ الفضلاء رحمهم الله.
لقد رحل الشيخ عن هذه الحياة الفانية وخلّف علما غزيرا باقيا.
قال صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) ويكفيه شرفا قول الحق جل وعلا (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) إن اقل ما يجب علينا معشر طلاب العلم تجاه هذا الشيخ هو التضرع إلى الله جل وعلا بالدعاء له, اللهم اغفر له وارحمه واعظم له المثوبة والأجر واجزه عن أمة الاسلام خير الجزاء واجمعنا به في دار كرامتك ومستقر رحمتك مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا, اللهم إنه كان لنا علماء أجلاء سرى بهم البلى وواراهم الثرى اللهم فارفع درجاتهم في المهديين اللهم لاتحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم يارب العالمين.
رب العباد ألا فاجعل منازله
علو الجنان له قصر به نهر
واجعل مقاعده تروي مراقده
ومُدَّ ملحده فيما حوى البصر |
زياد منصور فهد التميمي
|
|
|
|
|