| مقـالات
بادىء ذي بدء، دعونا نستهل هذه المقالة بتقديم مسابقة تنقصها الجوائز! ,,,، لنتبعها باستعراض أسطورة شيقة,,، ومن ثم نخش! في ثناينا الموضوع الرئيس: اما المسابقة فما عليك سوى التقاط مجلة أية مجلة فالبحث عن صفحة التسالي! ومن ثم البحلقة! في الصورتين المتشابهتين ، فتعيين أوجه الشبه أو الاختلاف بينهما,,، متذكرا ان عليك مراعاة الوقت المحدد لذلك,, أما بخصوص الأسطورة فقد أوردها جراهام أليسون في كتابه المعنون: جواهر القرار Essence of Decision, 1971 وفحواها ان شخصين قاما باستئجار منزلين متلاصقين لا يفصل بينهما سوى جدار تم صبغ احدى واجهتيه باللون الأبيض بينما صبغت الواجهة الأخرى باللون الأسود، ولهذا اختلف الرجلان بخصوص لون الجدار: ففي حين أصر أحدهما على ان لونه أبيض، أكد الآخر على ان لونه أسود,, ليتطور النزاع الى شجار جسدي عنيف، متمخضا في النهاية عن موتهما رغم حقيقة ان كلا منهما كان محقا في وصف لون الجهة التي تليه من الجدار,, هنا وعلى أصداء فوزك في المسابقة، ومذاق استمتاعك بالاسطورة ، دعنا نحتفل بالأسئلة التالية: هل الحقيقة هي ما تعتقد انه الحقيقة، ام هل يا ترى ان ثمة وجها آخر للحقيقة؟,, هل الجزء من الشيء كل شيء؟ بل هل سبق ان رأيت حدثا، أو سمعت قولا، وحينذاك أصررت على صحة تأويلك، فقط لتكتشف لاحقا ان ما رأيت أو سمعت لم يكن سوى تأويل ذاتي غير صحيح البتة,,؟
ان العلم الحديث لا يزال يبحث في كنه آليات تأويل الانسان للمواقف الانسانية ، حيث انه من الثابت ان لكل انسان عدسات فكرية وذلك حسب تجربته وعلمه وشخصيته وطبيعته، ولهذا السبب يرى العلماء ان هناك فروقا بين الانسان والحيوان فيما يخص تأويل هذه المواقف واتخاذ ردة الفعل المناسبة تجاهها: فالحيوان يفسر ما يواجهه من مواقف عن طريق غريزته غير العاقلة وبسرعة بالغة، بينما تأويل الانسان على الرغم من سرعته البالغة أيضا فانه يتم على مراحل متدرجة: حيث تبدأ المرحلة الاولى بتكوين الانسان فكرة ذهنية اولية عما حدث,, يعقبها مرحلة تنظيم وترتيب وتحليل للمعلومات المستقاة,, فمرحلة تقييم ذهني لتسلسل الحدث وسلاسة التحليل,, وفي الأخير النطق بالحكم على ما حدث على أرض الواقع من وجهة نظر شخصية وليس بالضرورة من وجهة نظر حقيقة الحقيقة على أرض الواقع: ففجائية سيناريو الحدث حينما يقع، والدهشة مما يحدث، يؤديان الى ارباك المشاهد، فخلط حابل ذهنه بنابل ناظريه، فوقوعه تحت تأثير الضغط النفسي الناجم من محاولته فهم ما يجري,, ليجد نفسه في النهاية مفسرا الأحداث من خلال عدساته الفكرية وتأويلاته الشخصية.
العجيب ان أوائلنا قد راموا استكناه تفاصيل هذا الموضوع وحاولوا فك طلاسم ابهام الحس الانساني وغلطه، كما ستجده متناثرا في ثنايا كتبنا التراثية تحت مسميات مختلفة من قبيل: علم المناظر وعلم الاستبصار، وخلافهما، وهو موضوع طرقه لا يقلل أبدا من أهمية شهادة الشخص الواحد بقدر ما يعني وجوب التثبت والحذر من مغبة اطلاق الأحكام على عواهنها جزافا وتخرصا، حيث ان التبين منهج من مناهج ديننا الحنيف ومن شانه حمايتنا من مغبة ظلم الأبرياء فظلم أنفسنا، والظلم لعمري وبال في الدنيا وظلمات في الدار الآخرة, ان ابهام الحس الانساني وغلطه قد يكون السر وراء شهرة العديد من قضاتنا الأذكياء عبر التاريخ الاسلامي كالقاضي اياس، مثلا وغيره من ذوي الحدس القوي والبديهة العجيبة,, بل هو قد يكون السر وراء شيوع العديد من الأمثال والحكم العامية والفصيحة على حد سواء التي لا تفتأ تحذر الانسان من العجلة واللجوء الى الأحكام القطعية اعتمادا على النظر المجرد، أمثال من قبيل: ما كل بيضاء شحمة,, ما كل ما يلمع ذهبا,, من أسرع كثر عثاره,, وقد يكون مع المستعجل الزلل,, أو كما قال أحد الفلاسفة: الرجل المستعجل يبحث عن الباب ويمر من أمامه,,.
ص ب 454 رمز 11351 الرياض
|
|
|
|
|