لا تأمن الأمر إن ما خيره وقبا
أو تكره الأمر إن ما شان وانقلبا
فهذه الدار دار لا قرار بها
لو قالوا الناس أعطى الدهر قل سلبا
أمران ما دبت النكباء بينهما
فراقب الله يا من جدَّ أو طلبا
يا ابن العثيمين لم أبصرك من كثب
لكن لقيتك من بعد فكنت أبا
قبل الوفاة بيوم كنت تخبرنا
معنى استوى وتدني من غلا ونبا (1)
الوقت عندك إخلاص وموعظة
أو ساعة تشرح الفرقان والكتبا
اشغلت وقتك بالزاكي فكنت لنا
نعم المثال ونعم العالم الأرِبا
تبكي عنيزة من أحيا منابرها
حتى بدا الركب ممن حولها سربا
يأتون والمال حب يحتفون به
ويشترون الهدى والعلم والأدبا
واليوم أضحت دروب الركب خالية
يا أيها الدرب إن الركب قد نُكبا
لا تسأل الناس عن خطب ألمَّ بها
واسأل هضابك والوديان والشعبا
إن يذهب العلم في قوم وإن كثروا
فاعلم بأن عتاد القوم قد ذهبا
يا ابن العثيمين ما مات الذي بقيت
أفعاله تنفي الاسقام والوصبا
أرثيك لا، إنما أرثي ثقافتنا
ثقافة رغم مجدٍ نجمها غربا
ثقافة كانت العلياء ديدنها
وأصبحت تشرب الأوهام والطربا
أرثيك لا، إنما أرثي مكانتنا
في عالم خاتل الاقمار والشهبا
أبكيك لا، إنما أبكي سلامتنا
من غاشم في ربانا يزرع العطبا
تموت في أحلك الأوقات يا علما
لم يعرف الوهن بل نحو العلا وثبا
والارض تشكو من الوعثاء ما فتئت
والكون من حولنا بالجور ملتهبا
تموت والقهر يسري في هياكلنا
وأحقر الناس شأنا ينهر العربا
تموت والحيف لايبقي على أحد
منا وأطرافنا لاتعرف الغضبا
كيف السبيل إلى مدح سُقيت به
وكيف أزهو بمن يزهو إذا غُلبا
ويبغي العز ممن حاك محنته
ويحسب النصر كل النصر إن شجبا
يا أيها الشيخ هذي الأرض عشت بها
مجاهداً ما شكوت الهم والنصبا
علَّمت أفتيت لم تبخل على أحد
مما عرفت فكنت الحاذق الذربا
مهما يكن لمقام المرء من ألق
فالعلم أشرف ما نزهو به رتبا
يا رب فاغفر لشيخ مات محتسبا
ثوابه عند من لايغفل التعبا
واجعله يا ربنا يا من علمت به
من أفضل الناس يوم الحشر منقلبا