رُحماك يا ربَّ البريَّة حيثما
ناديتَ باسمك زاهداً متورِّعا
يا من إليك كما عهدت تعرّفت
كلُّ الأنام مهابة وتطلعا
إن كنت للعلم المؤزَّر قد جرى
قدر اللقاء لديك حيث توقعا
فلك العُلى وإليك منا ماترى
من منة تدنو إليك ترفعا
يا عالم الأسرار وهي خفية
أنت الكريم وفيك يسمع من دعا
بقضائك المحتوم أبحر وانتهى
علم لنا يروي المحبة منزعا
فيه لنا مالا يُنال بغيره
مذ كان غضاً يافعاً متطوعاً
كان المعلم والخبير بعلمه
والملهم المتمكن المتفرِّعا
تعنو إليه من الموارد كلها
منن من الفكر الأثير توسعا
فلكل وارد حكمة ومحجة
سنن يروم به الهداة تورعا
يا من إليه الملهمون بعزهم
يتسابقون إلى الفضيلة مطلعا
من كل فج يعمرون رحابه
زمراً يرون به الحياة تمنعا
ولهم به أمل يسير لنوره
شرف السلام تألقا وتتبعا
فالنور يشرق باسمه متبسما
رحبَ السريرة وارفا متطلعا
يتمتع الغرباء في نفثاته
ويسبِّح المتوطِّنون بها معا
حتى الصغار مع الكبار لهم به
ما يبلغ المتعطشون تشيعا
يا من له في كل سارية يد
للخير تورد همة وتطوعا
إن كان عرفك للخلود معطراً
فإليك ينتسب النعيم ممتعا
أسرت بك الآلام روعك وابتلى
نفحاتك الغراء سقما مجزعا
فصبرت حتى سامك الألم الذي
عانيت منه توتراً وتصدعا
ألم له في كل قلب لوعة
لولا الرجاء لكان فينا مفزعا
يا ساريا بيد الإله زمامه
نحو الخلود مرفَّها ومشيَّعا
لله درك إذ رحلت معلما
بالمكرمات وأنت أكرم من وعى
غادرت أهلك والحياة ثمينة
وجلال نورك في الخليقة قد سعى
فربحت في كنف الإله قرارة
يطرى لها وجه الزمان مشرعا
كنف له فيما تروم شفاعة
يتمتع الهادي بها متدرعا
ياخير من وسَمَ الإله جبينه
بالنور طاب بك الرضا وتمتعا
نجواك في الرَّمس المهيب أثيرة
نهفو إليها دون فقدك موضعا
فلك المحبة والأمان من الذي
روَّاك في جناته متضلِّعا
كنا نراك مدى الحياة مسليا
أرواحنا واليوم غبت مودعاً
يادرَّة شرف الزمان بمثلها
لولاك ماعرف المهذب مبدعا
إن كنت غبت عن الوجود فإننا
من بعد فقدك قد رشفنا الأدمعا
نبكي بكاء الثاكلات تأيُّما
ونجور في الليل البهيم توجعا
يا من تركت لنا العزاء توتراً
إنا إليك سنحتفي بك خشعاً
فلقد سئمنا بعد نورك منبراً
كنت الأمين به وكنت المرجعا