| الثقافية
أن يحيا الانسان، رجلا كان أم امرأة، فهذا حق مشروع له وهبه له الخالق، لكن أن يترك بصمة بارزة في تاريخ وطنه وأمته هنا يكون الاختلاف بين عامة البشر, وقد أدركت المرأة السعودية في العقود الأخيرة أنها تستطيع بسلاح ارادتها ومواهبها الفكرية أن تحفر اسمها في جدار التاريخ، وقامت بمنافسة الرجل في الكثير من المجالات، ونجحت في تحقيق الكثير من الانجازات التي كانت محصورة في دائرة الرجل، وتفوقت عليه في بعضها, لكن على الرغم من كل هذه النجاحات، إلا ان المرأة السعودية ما زالت في نظر المجتمعات العربية الأخرى، وفي نظر العالم بأسره، امرأة مغموسة في تخمة النفط، غارقة حتى أذنيها في بهرجة الترف، لا تلقي بالاً لمجريات الأحداث الدائرة من حولها، ولا تتفاعل مع قضاياها، كونها ضيقة الأفق، محدودة الفكر، وهذا يعود للأسف الى الاعلام السعودي بأقسامه المرئية والمسموعة والمقروءة، الذي أولى ظهره لها، في عدم إلقاء الضوء على انجازاتها الابداعية، أو ابراز مكانتها، أو اعطائها الفرصة للادلاء برأيها فيما يخص مجتمعها، مما جعلها هشة الهوية بالنسبة لمجتمعات العالم.
منذ فترة وجيزة قام ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، بالتوقيع على الاتفاقية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهي شهادة مضيئة لحكامنا الذين كانوا وما زالوا النبراس المشع لدروب المرأة السعودية، في تشجيعها على تحقيق طموحاتها، وتنمية قدراتها الابداعية.
لذا فإن فكرة اقامة معرض للإنتاج الفكري والعلمي والابداعي للمرأة السعودية، سيفسح المجال أمامها للتعبير عن مطالبها، وتوضيح وجهات نظرها، ويقدم للجميع صورة شاملة مشرفة للمجتمع السعودي، كون الانسان رجلا كان أم امرأة، يتبنى أفكاره من مجمل ثقافاته المتباينة على مراحل عمره وهي التي تبلور شخصيته، وتحدد اتجاهاته، والمرأة تشكل نصف المجتمع، ولها رؤية خاصة تختلف عن شريكها الرجل, كما ان عرض نتاج المبدعات في مختلف المجالات سيحفزهن على مزيد من العطاء، ويساهم في الكشف عن أسماء موهوبة منزوية في الظل، لم تسنح لها الفرصة لعرض نتاجها لظروف مختلفة, كما ان المجتمع السعودي المحافظ بطبعه، تعود على وضع سياج من الحيطة والحذر حول المرأة السعودية، وهو ما أدى الى جهل الكثيرين من دول العالم بأسره، الى التطور الفكري الذي تحيا في مناخه المرأة السعودية خلال العقود الأخيرة، وسيؤدي هذا المعرض الى تعريف الجميع بفكر المبدعة السعودية من خلال ترتيب دعوات حضور للمبدعات العربيات والأجنبيات، واقامة ملتقى فكري بينهن وبين المبدعات السعوديات لخلق تزاوج ثقافي عام.
لكي تتحقق النتائج المأمولة مستقبلا من هذا المعرض، بالامكان ان يقام سنويا في موعد محدد، حتى يستمر التواصل الثقافي بين المبدعات السعوديات من جهة، وبين المبدعات العربيات ومبدعات العالم من جهة أخرى، والذي سينعكس تدريجيا على المرأة السعودية المبدعة، من خلال بلورة فكرها، وصقل تطلعاتها.
من هنا تبرز أهمية المعرض المزمع اقامته حول نتاج المرأة السعودية فكريا وعلميا، وسيكون نافذة مشرعة أمام المبدعات السعوديات في كافة المجالات في إبراز الوجه المضيء لهن، ليؤكدن للعالم بأسره ان النفط لم يكن يوما لعنة، بل نعمة تم تسخيرها لخدمة العلم والمعرفة، وفي ميلاد أجيال من الشابات المبدعات القادرات على قيادة حياتهن بدراية وحنكة لما فيه خير مجتمعهن.
* كاتبة وأديبة سعودية
|
|
|
|
|