| مقـالات
* (الإعلام الاسلامي في روسيا): عنوان لعدة اوجه موضوعية للتعبير عن الصوت الاسلامي الروسي، فهو من وجه الصوت الإعلامي (الصحفي والإذاعي والتلفزيوني) الصادر عن المؤسسات الإسلامية المحلية الرسمية منها مثل الإدارات الدينية، او الخيرية مثل المراكز والجمعيات والاتحادات الاسلامية.
وبجانب ذلك تصدر نشرات وتقارير اعلامية دورية عن البرامج والمناشط الاسلامية، تصدرها المؤسسات الإعلامية الروسية، اضافة الى ما يصدر في المناسبات الدينية للمسلمين.
والواقع الإعلامي الحالي لا يرقى الى مستوى الحضور الإسلامي في الساحة الروسية (السياسية والثقافية والعلمية)، فمسلمو روسيا يتجاوزون 17% من اجمالي سكان روسيا، وقائمة رجالات السياسة والثقافة والعلوم تزخر بأسماء لامعة من أبناء القوميات الاسلامية في روسيا.
فواقع الاعلام الاسلامي الروسي ضعيف فنيا، متهالك موضوعياً، متذبذب فكرياً بين الاتجاهات المذهبية والاختلافات الفكرية، والنزاعات الطائفية، مع غياب كلي للمساندة الإسلامية الخارجية المنتظرة من المؤسسات الاسلامية الدولية كمنظمة المؤتمر الاسلامي، ورابطة العالم الاسلامي، والبنك الاسلامي للتنمية، والمنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلوم، والندوة العالمية للشباب الاسلامي وغيرها، ولا يزال الوقت مبكرا لمراجعة الجهود في هذا الاتجاه.
وفي هذا التناول الإعلامي السريع، سيتم الرجوع تاريخياً الى العهد السوفيتي، للنظر في الإنتاج الإعلامي الاسلامي في تلك الحقبة، مقارنة بالواقع الإعلامي في الحياة الروسية المعاصرة.
* (تاريخياً): لم تكن تصدر بروسيا في العهد السوفيتي أية صحف دينية باستثناء ما كانت تصدره الإدارات الدينية الأربع لمسلمي الاتحاد السوفيتي في مطبوعات دورية غاياتها إظهار أن المسلمين بخير هناك, وفي فترة البيريسترويكا اصدرت وكالة (نوفوستي) نشرة باسم (النشرة الإخبارية الإسلامية) لمتابعة نشاطات الهيئات الدينية التي بدأت بالظهور في فجر الصحوة الإسلامية في روسيا بأواخر الثمانينيات، لكن سرعان ما توقفت هذه النشرة عن الصدور بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتقلص نشاط نوفوستي لحد كبير, لكن من جانب آخر أخذت الإدارات الدينية لمسلمي روسيا التي تأسست بعد استقلال روسيا كدولة في مطلع التسعينيات تحاول الدعاية لنفسها عن طريق إصدار صحف عديدة لا تصدر بانتظام وبعضها صدر حتى بعددين أو ثلاثة ثم غابت عن الوجود بسبب فقدان التمويل.
ويلاحظ تغير نوعية المطبوعات الصادرة عن الإدارات الدينية الاربع في الاتحاد السوفيتي حيث كانت سابقا تقتصر على إصدار مجلات وجرائد شهرية تحت رقابة حزبية وحكومية متشددة أو إصدار التقاويم الإسلامية التي توزع في المساجد فقط، وفي المقابل فإن المطبوعات الإعلامية صارت تصدر الآن عن عشرات الهيئات الدينية في كافة أنحاء روسيا دون وجود أية رقابة عليها وتتضمن مواد كانت تعتبر من المحظورات سابقاً، كالمقالات الفقهية وأخبار العالم الاسلامي، بالإضافة الى تفسير نصوص من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة.
* ولئن قارنا بين الصحف الاسلامية القليلة العدد التي كانت تصدر عن الإدارة الدينية للقسم الأوروبي ومقرها في مدينة اوفا (1) (عاصمة بشكيريا) أو الإدارة الدينية لمنطقة القوقاز ومقرها في بويناكسك (داغستان) (2) ، وهما الإدارتان الرئيسيتان في القسم الأوروبي في الاتحاد السوفيتي، وبين الصحف الصادرة عن الهيئة الاسلامية اليوم لوجدناها تختلف في الأمور التالية:
1 تستهدف الصحافة الإسلامية الخاضعة للرقابة الحزبية نشر الدعاية للنظام السوفيتي الذي (حرر المسلمين من الأفكار البالية القديمة) حسب الزعم باعتبار أن المسلمين كانوا قبل الثورة البلشفية يعانون من التخلف الاجتماعي وسيطرة التقاليد الإقطاعية.
2 كانت الصحافة الإسلامية الرسمية تخلو من أفكار الدعوة الى اعتناق الإسلام ونشره بين الناس باعتبار أن السلطة السوفيتية الإلحادية لا تشجع اصلاً على نشر اية افكار دينية سواء إسلامية أو مسيحية أو بوذية أو غيرها، ولهذا أغلقت غالبية المساجد والكنائس والمعابد في الاتحاد السوفيتي وتعرض المؤمنون الى الاضطهاد والمطاردة.
3 نشرت الصحافة أنباء الإدارات الاسلامية مثل رحلات المفتي الى المناطق الاخرى أو الى خارج البلاد لحضور المؤتمرات الدولية، ونصوص خطبهم وأقوالهم التي تحث على السلام والصداقة بين الشعوب، وكذلك الأنباء حول زيارات الوفود والشخصيات الإسلامية الأجنبية الى الاتحاد السوفيتي واللقاءات مع المسلمين في المساجد.
4 خلت الصحف من أية مواد دينية تتعلق بأصول الشريعة والفقه والعلوم الشرعية عموماً.
5 لم تصدر في العهد السوفيتي سوى طبعة واحدة من المصحف الشريف وذلك في عام 1969م، ولكنها طبعت باعداد قليلة ووزعت على عدد محدود جداً من المسلمين، وكان المصحف يعتبر شيئاً نادراً في روسيا حتى ان الحصول على ورقة واحدة منه يتضمن مجموعة من الآيات الكريمة يمثل حدثاً هاماً (3) .
6 كانت المجلة الشهرية (مسلمو الشرق السوفيتي) مثلاً تنشر مواد طويلة عن الآثار الإسلامية في الاتحاد السوفيتي المدعمة بالصور الفوتوغرافية، وعن الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الجمهوريات الاسلامية، كما انها تنشر المقالات عن المناسبات (4) الإسلامية الهامة مثل ذكرى 1400 عام على نزول القرآن، وأهمية هذا الحدث بالنسبة الى المسلمين، او ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يحتفل به في المساجد القليلة الباقية، او عن حياة الإمام أبي حنيفة أو الامام الشافعي أو بعض الفقهاء المعروفين في البلاد, كما تنشر التقارير عن الحج، ونظراً لمركزية الإدارات الإسلامية فلم تنشر المجلة اية نقاشات أو آراء فيها اجتهادات.
* أما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي واطلاق الحريات في المجتمع الروسي وتصاعد موجة الصحوة الاسلامية الدينية ومنها الاسلامية فقد انهارت المؤسسات الدينية الرسمية السابقة بسرعة وظهرت في محلها إدارات عديدة في جميع الجمهوريات والمناطق الاسلامية، ولكنها احست بنقص شديد في مجال العاملين من أئمة المساجد والعارفين بالشؤون الاسلامية وتوجه الناس الى المستشرقين للحصول منهم على المعارف الأولية في العقيدة، ثم على الدعاة الذين وفدوا على روسيا عبر منظمات الدعوة والإغاثة الإسلامية الدولية.
وكان المسلمون في فترة الانقطاع عن العقيدة الاسلامية وسيطرة الإلحاد قد فقدوا كل ما كانت قد احتفظت به الأجيال القديمة من صلات بالفكر الاسلامي وأصول الدين عموماً, ونشأت اجيال كاملة دون ان تعرف معنى الصلاة وحتى لم تشاهد مصحفاً ابداً, ولهذا برزت حاجة ماسة الى توفير وسائل الاعلام لنشر اصول الدين على الأقل (مما يعلم من الدين بالضرورة), وهكذا ظهرت صحف كثيرة للدوائر الدينية أو بمبادرات من بعض المثقفين المسلمين، بيد أن هذه الصحف كانت فقيرة المحتوى في غالب الأحيان وتتضمن تفسير بعض الآيات او شرح بعض الامور المتعلقة بالفرائض كمعنى الحج والعمرة وأحكامها وكذلك احكام الصيام في رمضان, ولا ينكر في أن هذه الأمور ساعدت الى حد كبير على نشر شيء من التوعية الإسلامية, لكن القدرات المالية لهذه الهيئات الاسلامية ضعيفة لذا فإنها تصدر بصفحات قليلة وبصورة غير منتظمة.
ومن أهم الصحف الإسلامية الصادرة في روسيا:
1 (السلام) تصدرها الإدارة الدينية لمسلمي داغستان مرتين في الشهر بمدينة محج قلعة (5000 نسخة).
2 (الإيمان) جريدة فصلية تصدرها الهيئة الدينية لمسلمي مقاطعة فولوجدا (900 نسخة).
3 (منبر الإسلام) جريدة شهرية تصدرها الإدارة الدينية لمسلمي القسم الأوروبي في روسيا, رئيس تحريرها د, طالب سعيد بايف (6500 نسخة) موسكو.
4 (الاخبار الاسلامية) جريدة شهرية تصدرها الإدارة الدينية لمسلمي مناطق الفولجا, رئيس تحريرها الشيخ مقدس بيبارسوف, مدينة ساراتوف (5000 نسخة).
5 (راية الإسلام) تصدر بغير انتظام عن المركز الاجتماعي الانجوشي بموسكو وتتميز بمقالاتها العلمية الجيدة.
6 (الفكر) يصدرها المنتدى الاسلامي الروسي، ويتم فيها التركيز على قضايا الدعوة الاسلامية والتنوير رئيس تحريرها طاهر عبدالرحمن, تصدر شهرياً بانتظام منذ عام 1992م.
7 (الساعي الإسلامي) (اسلامسكي كوريير) جريدة اجتماعية سياسية ثقافية وتنويرية تصدر شهريا ورئيس تحريرها ايلدار محمد جانوف, (وتحظى الجريدة بدعم حركة (رفاه) الاسلامية التي يترأسها عبدالواحد نيازوف النائب في مجلس الدوما).
8 (الجريدة الاسلامية) لسان حال حركة (رفاه) وهي صحيفة شهرية بدأت بالصدور بانتظام منذ تأسيس الحركة وذلك لتوفر التمويل اللازم لها, وتنشر المواضيع السياسية والاجتماعية والثقافية ذات الاتجاه الاسلامي, وتخصص الجريدة بابا فيها الى الدعوة الاسلامية, ويتولى رئاسة تحريرها علي فياتشيسلاف بولوسين وهو روسي اعتنق الاسلام.
9 (توغان ياف) صحيفة تنطق باسم مسلمي نيحني نوفجورود وتصدر باللغة التتارية.
10 (مسلمو سيبيريا) لسان حال الإدارة الدينية لمسلمي القسم الآسيوي في روسيا, وتصدر في مدينة توبولسك في مقاطعة تيومين (سيبيريا) يترأس تحريرها فاتح عريف الدين وتركز الصحيفة على أنباء المسلمين في سيبيريا والشرق الأقصى والاورال، وتتضمن مواد متنوعة تحتل التربية الاسلامية حيزا كبيرا فيها.
11 (شمس الإسلام) تصدرها الإدارة الدينية لمسلمي مقاطعة بينزا, ولا تصدر بانتظام وتخصص صفحاتها الى نشر اصول الدين والسيرة النبوية وأخبار المقاطعة.
12 (الاخبار الإسلامية) جريدة ثقافية اسلامية مستقلة يصدرها اتحاد مسلمي روسيا ورئيس تحريرها مقصود حجييف, توقفت عن الصدور بعد اعتقال نادر خاتشيلاف رئيس الاتحاد الاسلامي من قبل السلطات الروسية.
13 (ابن الوطن) جريدة اجتماعية سياسية تثقيفية تصدرها الجمعية الثقافية التتارية في مقاطعة موسكو، وتخصص صفحات كبيرة لقضايا الدعوة والتوعية الاسلامية.
14 مجلة (المسلمون) مجلة دينية تثقيفية تعنى بنشر الفكر الاسلامي وأخبار المسلمين في روسيا والعالم, وتعتبر من الصحف الاسلامية الروسية الجادة الصادرة عن مؤسسة (الأنصار) الخيرية وطباعتها أنيقة وملونة, ويشرف على تحريرها مراد سيف الدين.
15 جريدة (نور الوطن) تصدرها مؤسسة (اقرأ) برئاسة النائب الشيشاني إسلام بك اصلاخانوف (10 آلاف نسخة) شهرية.
* والمشكلة الرئيسية التي تواجه الصحافة الاسلامية الروسية هي ضعف التمويل وعدم توفر الكتّاب المؤهلين لتناول الأمور الشرعية، ولهذا يجري الاعتماد بصورة رئيسية على الترجمة من المطبوعات والمؤلفات المنشورة في العالم العربي والاسلامي.
كما تستغل المطبوعات الاسلامية أحياناً للهجوم على الاطراف المتصارعة على السلطة في الساحة الاسلامية ولاسيما بين المفتي طلعت تاج الدين والمفتي راوي عين الدين رئيس مجلس المفتين في روسيا وغير ذلك.
والحضور الاسلامي في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة ضعيف جداً، وقد استمرت مؤسسة (اقرأ) بتقديم برامج اذاعية وتلفزيونية بهدف التوعية الاسلامية وذلك على مدى عام كامل ثم توقف تمويلها وتوقف البث ايضا,وهنا تبرز مشكلة نقص الكوادر لذا غالبا ما يظهر على شاشة التلفزيون المستشرقون الروس المتخصصون بالشؤون الاسلامية مثل مالاشينكو وسوكيانين, ولم يستطع العاملون في البرنامج جذب شخصيات إسلامية من خارج روسيا للمشاركة فيها، والسبب يكمن في عم توفر التمويل ايضا,وكان بالمستطاع تأسيس محطات إذاعية وتلفزيونية إسلامية تعمل بانتظام لو تولت اية جهة إسلامية هذه المهمة.
* ولعل هذه الدراسة الصحفية السريعة لهذا الموضوع الهام تقود الى القيام بدراسة أكاديمية لهذا الموضوع تتناول الاستقصاء التاريخي، والتحليل الموضوعي المقارن لمادة مختارة من الإعلام الاسلامي الروسي في مراحله الزمنية والسياسية المختلفة.
وسيكون معد هذه الدراسة الصحفية عوناً لاي دارس يندفع لذلك.
(1) (اوفا) عاصمة جمهورية بشكيريا وهي ذات حكم ذاتي.
(2) داغستان جمهورية مسلمة جنوب روسيا، ذات حكم ذاتي.
(3) وقد استغل احد الطلاب الدارسين في احدى المدن الاسلامية في الاتحاد السوفيتي هذا الأمر فوقف مرة في أحد الاسواق وصار يبيع الورقة الواحدة بخمس روبيلات (ستة دولارات تقريبا آنذاك) وتزاحم الناس لشراء الأوراق منه.
(4) هذا من باب الاشارة الى الاحداث الاسلامية في الساحة الروسية وإن كان الباحث لا يرى مناسبة ذلك شرعاً.
|
|
|
|
|