ولست أقصد مكائن الكهرباء,, وهي التي تولّد الكهرباء,, ولكن أقصد ما لم يعرف أصله ونسبه من بني البشر, وقد انتشر واشتهر هذا النوع من الناس في العصور السابقة، خاصة في تلك العصور التي تهاون فيها الحكام بالأمور الشرعية وانتشر الغناء والطرب واللهو,, وكانت المغنيات معظمهن من هؤلاء المولدات,, والغريب أن الصوت الغنائي المناسب للألحان التي كانت تركب, ينجح فيها أمثال هؤلاء لرقة أصواتهن وبراعتهن في الأداء الغنائي والغنج لكن لهن قصص تدل على ضعف العقل,, وسذاجة التفكير,, والله يرزق عباده شيئاً من الصفات والقدرات لا يرزقه غيرهم,, أي أن الخلق يتفاوتون في التركيب الخلقي, والصوت, وحركة الجسم, وحركة العين,, والالتفات, وسرعة البديهة,, والإعجاب بالشيء,, وهذا ملاحظ ومحسوس, وقد كان للشعر والشعراء دخل أيضاً في انتشار التطريب والغناء، إذ ان كثيراً منهم يقولون الغزل الذي يسري عبر الألسن الراوية يتغزلون في المشهورات من نساء العصور المختلفة, وقد يذهب الشاعر إلى القبر بسبب هذا الغزل,, والأمثلة كثيرة, وكان عمر ابن أبي ربيعة من أشهر المتغزلين في مكة وأعجب به كثير من أهلها,, وأهل الحجاز, وخاصة المغنيات من الموالي والمولدات, وطاف اسمه عبر سهول وجبال الحجاز,, وكان يضع له عيوناً على مداخل مكة أيام الحج ليخبروه بمشاهير النساء اللاتي يأتين للحج فيضع فيهن القصائد الغزلية، وتغنى أحياناً, ليست عينها في فلانة وفلانة ولكن لبراعته في التصوير, فتأخذ كأغنية للهو والطرب والتغني كما يفعل أهل زماننا الآن, ومن طريف ما يروى أن جارية من مولدات مكة صارت إلى المدينة فلما آتاهم موت عمر بن ربيعة اشتد جزعها وجعلت تبكي وتقول من لمكة وشعابها وأباطيحها ونزهها ووصف نسائها وحسنهن؟ فقيل لها,, خففي عليك فقد نشأ فتى من ولد عثمان يقال له العرجي يأخذ مأخذ عمر ويسلك مسلكه,, فقالت: أنشدوني من شعره فأنشدوها,, فمسحت عينها وضحكت,, وقالت: الحمد الذي لم يضيع حرمه,,,
هكذا كن أولئك المولدات يفكرن,, وقد لا تجد عند أمثال هذه من التفكير ما تستعين به على حلِّ معضلة أو مشكلة، أو ما يطربك من سرعة البديهة أو حسن التخلص من واقعة, وانما تفكيرهن منحصر في الغناء واللهو,, وقد قيل:
ولو كانت,, الأرزاق تجري على الحجا
هلكن إذن من جهلهن البهائم,. |
وكل ميسر لما خلق الله, ولكل مخلوق وظيفة في هذه الحياة, لكن الحلال بيّن والحرام بيّن,, وبينهما أمور مشتبهات كما قال أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام.
والعقل نعمة من أعظم النعم,.
|