أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 14th January,2001 العدد:10335الطبعةالاولـي الأحد 19 ,شوال 1421

متابعة

شيخنا ومجلة النهضة
لم يعد ذلك الجسد الناحل ذو الروح الزاهدة، يذرع الطريق عشر مرات كل يوم غادياً أو رائحاً من الجامع الكبير بعنيزة إلى بيته, توقفت خطواته، فلم يعتل المنبر، ولم يطل بوجهه الصبوح على الجمع الذي جاء يستمع إلى خطبه، لم يتربع أمام طلابه، ولم يعقد جلساته، وهو الذي لم يترك واجباته حتى في ذروة مرضه وشدة ألمه، وهو الذي يحترم المواعيد بشكل عجيب، يسجلها بدفتره، ولكنه هذه المرة، غاب بجسده الذي شيعه المسلمون بدعواتهم ودموعهم، وواروه الثرى، لترجع النفس المطمئنة إلى ربها راضية مرضية، وتدخل في عباده وتدخل جنته برحمته تعالى.
الحديث عن شيخي متشعب طويل، كامتداد سمعته، وغزارة علمه، وكثرة أعماله الخيرية، ولعلي هنا أتذكر جوانب لا يعرفها الكثيرون عنه، أرويها كتلميذ من تلاميده إبان المرحلة الثانوية, فقد أسند إليه الإشراف على جمعية الدعوة الإسلامية في المعهد العلمي بعنيزة عام 1394/ 1395ه رغم أنه لا يحبذ التقيد بهذه الالتزامات ويرى رحمه الله أن وقته وقف على استذكار القرآن المجيد وعلومه والسنة، وكتب السلف، والفتوى، وطلب مني رحمه الله جمع مادة علمية لإصدار مجلة خاصة بالمعهد, وبعد أن أجاز نصوصها، اقترحت أن يكون عنوانها (النهضة الإسلامية) فاعترض أحد الزملاء بحجة أن الشق الأول من الاسم يشبه مجلة لها خطها المغاير، فما كان منه إلا أن التفت إليه قائلاً: هل يعيب الاسم سلوك من تسمى به، وهل نهجر الأسماء المحببة من أجل ذلك؟ فظهرت المجلة بهذا العنوان مطبوعة على الاستنسل بعدد وحيد.
وأشرف على فعاليات المسرح في المعهد، وكانت الأمسيات تقام فيه، يحضرها جمع من المجتمع، فقراتها كلمات وقصائد ومشاهد مضحكة، وكان رحمه الله يجيز الكلمات، وينظر في الأبيات الشعرية وينقدها، ويسهم في رحلات الطلاب ويشاركهم فرحهم وسباقهم، ومسابقاتهم الثقافية, أما في إلقاء درسه ومتابعة تلاميذه فكان حازماً، وكان تصحيحه دقيقاً فليس في حساباته أنصاف إجابة فإما صواب وإما خطأ.
صدع بالحق، كان صلباً، لا تأخذه بالله لومة لائم، كان يحب الصدق والصادقين، وينبذ الكذب والمنافقين, يكره الادعاء والخيلاء، يتشح رداء التواضع، كانت خطبه تأصيلية، وكأنه يهدف إلى تأصيل المفاهيم الإسلامية لدى أفراد المجتمع، ثم ينتقل إلى تلمس مشكلاتهم اليومية، وأخذ رحمه الله يتناول أحوال المسلمين وقضاياهم بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، وأتبع القول بالعمل فأسس مرافق خيرية، وأسهم في برامج إغاثية.
أما في مجال الفتوى فكان يفتي في المسجد، وفي الطريق منه وإليه، ومن خلال الهاتف والإذاعة والتلفزيون، واللقاءات الطلابية، والندوات العلمية, وإنني أقترح تقديراً لهذا العلامة إطلاق اسمه على المعهد العلمي بعنيزة، وعلى الميدان المحيط بالجامع الكبير، وأن يجتهد بجمع فتاواه وكتبه ونشرها بأعمال كاملة على هيئة ورقية وحاسوبية بعد أن يتوافر عليها باحثون يرتبونها ويصنفونها كالعمل الذي نفذه مشكوراً مركز ابن صالح الثقافي للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن سعدي، رحم الله علماءنا الاخيار، وأسكنهم دار الأبرار، وأتوجه بتعازي الحارة إلى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، والنائب الثاني، وإلى أسرة الشيخ: أخويه الأستاذ الدكتور عبدالله، والأستاذ عبدالرحمن، وأبنائه: عبدالله، عبدالرحمن، إبراهيم، عبدالعزيز، عبدالرحيم وأقاربهم وإلى الشعب السعودي وعموم المسلمين.
د , عبدالله بن عبدالرحمن الربيعي
أستاذ العلاقات الحضارية بين الشرق والغرب المشارك في قسم التاريخ بجامعة الإمام

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved