| متابعة
رزئت الأمة الإسلامية بفقد واحد من أكبر علمائها وقطب من أقطابها في وقت هي في أمس الحاجة إليه في علمه وحكمته وورعه وتقواه لكنها إرادة الله ولا راد لقضائه ذلكم هو العلامة الجهبذ الزاهد التقي الورع علامة الأمة وفقيهها فضيلة الشيخ محمد الصالح بن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم الأمة الأسلامية ومحبيه وذويه الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد رحل الشيخ بعد معاناة طويلة مع المرض نسأل الله ان يكون ذلك المرض تكفيراً لسيئاته ورفعة لدرجاته فلقد صبر واحتسب فلم يثنه المرض عن الجلوس للعلم والتعليم والافادة سواء أعبر أجهزة الاعلام ومشاركاته المتعددة أو من خلال دروسه التي كان آخرها تلك الدروس التي ألقاها في الحرم المكي الشريف لهذا العام1421ه.
وحينما أخط هذه الأسطر فإني لا أزعم أنني من طلبته أو القريبين منه حتى أوفي الحديث حقه عن الشيخ ومآثره، ولكني أزعم أنني من محبيه الذين يؤنسهم اللقاء به عبر دروسه ومحاضراته وندواته وسائر مشاركاته إذ كنت اختلف إليه لأنهل من معين علمه الصافي، فلقد كان لفضيلته حضوره الفاعل في سائر المناشط الدعوية ناهيك عن اشتراكه في عضويات بل وترؤسه لأعمال الخير في مدينته عنيزة، ولا تكاد تمر مناسبة لأهل الخير إلا وله سهم فيها سواء مشاركة بعلمه أو بدعمه المادي والمعنوي فلطالما رأيته يشارك جماعات تحفيظ القرآن في المنطقة احتفالاتهم في تكريمهم للحفظة, وللشيخ مع طلبته شأن آخر فلقد كان ينظر في حاجاتهم ويلبي طلباتهم ويشفع ان ارادوا ذلك وكان لايتأخر عن دروسه مهما كانت الظروف فهو يهتم بمواعيدها ومواقيتها وينسق لمحاضراته ودروسه الخارجية بحيث لاتتعارض مع دروسه اليومية وهذا بلاشك أكبر دليل على جدية الشيخ وعلى حرصه الأمر الذي يريح طلابه كثيراً اما عن علمه وفقههه فحدث ولا حرج ولا احسب انني ممن يجيدون الغوص في عباب الشيخ الزاخر فهذا فن له أهله ومجيدوه، والشيخ عطوف محب باذل وقل ماشئت من خصال الخير وهو مع هذا كله مرح يدخل على من حوله السرور ويطرد عنهم السأم والملل ولعلي اذكر هنا طرفاً من ذلك فأذكر أنه في أحد الأعوام أقامت الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالبكيرية احتفالاً لطلبتها وقد دعي الشيخ لهذه المناسبة كالعادة وكان من بين من حضر هذا اللقاء فضيلة الشيخ عبدالرحمن السديس امام وخطيب الحرم المكي الشريف وذلك لكي يقوم بامتحان الطلبة في محفوظاتهم وقد اكتظ المسجد بالحضور وكان أكثرهم قد اتى لسماع صوت فضيلة الشيخ عبدالرحمن والاستمتاع بقراءته، لكن الشيخ اكتفى بالسؤال عن المقاطع دون ترتيل فلما انتهى من ذلك أخذ الشيخ محمد بن عثيمين (اللاقطة) وقال الآن نختبرك ياشيخ عبدالرحمن وذلك حينما عرف الشيخ ذلك من وجوه الحضور، فابتسم الشيخ عبدالرحمن وقال: لا بأس ان نحق الحق وفوق كل ذي علم عليم فاعطاه الشيخ مقاطع وآيات فيها ذكر للنار والجنة فرأيت الشيخ محمداً قد أطرق رأسه وبدأ يهزه حيناً وبدا عليه التأثر وذلك لما يعقله من تلك المعاني,, ذلك الموقف الطريف لا أنساه ابداً,, رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وعزاؤنا في الشيخ ذلكم الكم الهائل من العلم الغزير الذي تركه لنا ولئن ووري عنا تحت الثرى فلقد بقي ذكره وعلمه بين الورى، ونسأل الله تعالى ان يأجرنا في مصيبتنا وان يخلف على أمة الاسلام، فلقد توفي مفتي الديار السعودية إذ ذاك سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم فأصاب الناس نوع من الاحباط فيمن يخلف الشيخ بعد فقده فعوض الله الأمة بفقيدها الراحل سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وبعد رحيل الشيخ حصل مثلما حصل سابقا والآن نسأل الله ان يغفر لهم أجمعين وان يخلفنا خيراً منهم والأمة الإسلامية رحم ولود واني هنا أذكر الناس بوفاة محمد بن عبد الله نبي الهدى صلوات ربي وسلامه عليه فبتذكر وفاته تهون علينا مصائبنا كلها,, وقبل ان أختم هذه الاطلالة اليسيره أزجي الشكر والتقدير لولاة أمرنا على ما يلقاه أهل العلم من رعاية واهتمام من سائر أفراد الدولة على اختلافهم نسأل الله ان يجزل لهم المثوبة والأجر وأن يجبرهم والأمة الإسلامية في هذا الفقيد العلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
عبدالكريم بن عبد الله الخلف
بريدة
|
|
|
|
|