هل العين منها كان يُستمطر القطر
أم العين منها كان يُستنطق السر
لقد نطقت سراً وجادت بمائها
وقد فعلت فينا كما يفعل السحر
عشية ما قد ذاع أن خسف البدر
فضاق احتمالاً في تتبعه الصدر
فلما يقينا صار سلمت للذي
تعالى له في كونه الخلق والأمر
وذا شأننا إن الحياة مطية
يجوز بها سَفر ويتركها سَفر
ولكن بعض الموت يحدث ثلمة
ومن سدها في قومه فهو الصدر
تداعى انفراط العقد في جيد أمتي
فأوله بدر وآخره بدر
فلله قوم تتقيهم ظلامتي
صحا السكر مما حل لكنهم سكر
فقدنا إماماً في الفضيلة ليتنا
فديناه فيمن سام والنعم الحمر
ولكن معاذ الحق من موقف به
ترانا ننافي الصبر ما وجب الصبر
فقدنا إماما في الورى ذاع صيته
تقيا نقي القلب ظاهره بشر
فإن شئت نهراً في عذوبة لفظه
وإن شئت بحراً في غزارته بحر
ولست مدلاً بالمحب وفضله
على الله إن الكل في جنبه صفر
أشاح وقد كنا على وشك مفرق
تنازعه من بعده البيض والسمر
لعل له في السابقين مكانة
وكان له في كل شارقة عذر
سقى وابل من صادق الغيث قبره
يبادره قطر ويعقبه قطر
ويغدق حتى يصبح القبر روضة
إذا الريح راحت فاح من روضه نَشر
فيا راحلاً للبيت بلغ تحيتي
لقبلته الغراء لا نالها وزر
وبلغ سلامي للفقيد إذا التقت
عليه جموع حين صُلِّيت العصر
وبلغ سلامي للجموع وقل لهم
مقالة حق يستقيم بها الفكر
لئن رحل الشيخ الجليل فإن ذا
سبيل الورى والكل موعده الحشر
وياكم من الأصحاب قد مات قبله
ومن قبله قد مات في الأمة الحبر
ومن قبلهم مات النبي وكل ذا
يهوِّن ما نلقى إذا التبس الأمر
فذلك أدعى للتذكر إنما
يُذكَّر من يخشى فينفعه الذكر
وإني فتى ثهلان مثلكمو أسى
وأشكر من رغم المصاب له الشكر
عزاء لمن يشكو من البين حرقة
أرى البون مثل البين وقدهما جمر
وينسد من حر الحشى مستهامها
روائع شعر دونها يقصر الشعر