| متابعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين,, وبعد:
فإن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى وإن القلب ليحزن والعين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا شيخنا لمحزونون، إن في الله خلفاً من كل هالك، والحمد لله على قضائه وقدره أما بعد:
فقد أشهد الله تعالى أولي العلم على أجل مشهود عليه وهو توحيده فقال سبحانه وتعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) وهذا يدل على فضل العلم وأهله فقد استشهدهم دون غيرهم من البشر وفي ضمن هذا تزكيتهم وتعديلهم فإن الله لا يستشهد من خلقه إلا العدول بل قال أهل العلم: إنه سبحانه جعل شهادتهم حجة على المنكرين فهم بمنزلة أدلته وآياته وبراهينه الدالة على توحيده وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله مزيد العلم فقال: (وقل رب زدني علماً) وأهل العلم هم أهل خشيته وهم الذين تضع لهم الملائكة أجنحتها, قال الإمام مالك رحمه الله تعالى في معنى هذا: أي تبسطها بالدعاء لطالب العلم بدلاً من الأيدي ، وفي الحديث الآخر: إنها تحفه بأجنحتها: فالوضع تواضع وتوقير وتبجيل، والحفّ بالأجنحة حفظ وحماية وصيانة فتضمن الحديثان تعظيم الملائكة لهم وحبها إياهم وحياطتهم وحفظهم فلو لم يكن لطالب العلم إلا هذا الحظ الجزيل لكفى به شرفاً, وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن العلماء ورثة الأنبياء وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليهم فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدينار والدرهم فكذلك هو في ميراث النبوة والله يختص برحمته من يشاء، دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: نضر الله أمرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها,,, الحديث، هذه النضرة التي هي البهجة ونضارة الوجه وتحسينه وهي أثر تلك الحلاوة والبهجة والسرور الذي في قلبه وباطنه، ولا نحسب سماحة شيخنا إلا منهم ولا نزكي على الله أحداً، قال الإمام علي رضي الله عنه: محبة العلماء دين يُدان الله به وإننا نشهد الله على محبته وأمثاله حبا فيه سبحانه وتعالى ، رزقه الله الفقه في دينه وقد قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين وقد ضم إلى هذا الفقه العمل فاستحق اسم الفقيه ذلك أن السلف رحمهم الله لم يكونوا يطلقون اسم الفقيه إلا على العلم الذي يصحبه العمل، فهذا هو العلم:
ومن يُربيه الرسول ويسقه
لباناً له قد درّ من ثدي قدسه
فذاك لقيط ما له نسبة الولاء
ولا يتعدى طور أبناء جنسه |
سماحته من قوم علموا أن الدنيا دار ممر ومنزل عبور لا مقعد حبور، وأنها خيال طيف او سحابة صيف، وأن من فيها كراكب قال أي استراح في نصف النهار تحت ظل شجرة ثم راح عنها وتركها وتيقنوا أنها أحلام نائم، أو كظل زائل,,,, إن اللبيب بمثلها لا يُخدع فقدنا هذا العالم وفقده هو الرزية كما قيل:
تعَلَّم ما الرزية فقد مالٍ
ولاشاة تموت ولا بعيرُ
ولكن الرزية فقد حرٍ
يموت بموته بشرٌ كثيرُ |
لم يخف رحمه الله من الحق فقد كان يصدع به فكان كما قال القائل:
لا تخف وحشة الطريق إذا سر
ت وكن في خفارة الحق سائر
ومما يعزينا أن مآثره باقية:
وما دام ذكر العبد بالفضل باقياً
فذلك حيٌّ وهو في الترب هالك |
فأثر العالم يبقى وإن مات وليس كغيره كما قيل:
وكان بنو عمي يقولون مرحبا
فلما رأوني معسراً مات مرحب |
حدثتني أم إبراهيم وفقها الله قالت: وقفت للشيخ في العام الماضي في الحرم المكي لأسأله عن شيء مما اختلف الناس فيه لأعرف رأي سماحته، فوقف مقتدياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث توقفه المرأة والصبي في حاجتهما فيقف حتى يقضي ذلك، وما أن وقف سماحته حتى أحاط بي ومجموعة صغيرة من النساء جمعٌ غفير من الرجال هداهم الله لحرصهم على سماع أي فتوى منه لكني قلت لسماحته: إني لا أستطيع الكلام وهؤلاء الرجال يحيطون بنا، فالتفت إليهم وقال: اذهبوا، حتى فرقهم جميعا ثم انضمّ إليّ جمع كثير من النساء فاستمع الشيخ إلى استفتاءاتهن حتى فرغن,ا,ه.
وفي آخر كلمتي أتوجه إلى كبار طلبة الشيخ بل إلى أحدهم ليعرف الناس بكبارهم حتى يُعرفوا ويرجع إليهم فيما يراد من تراثه وأن يهتموا بجمع الفتاوى المتفرقة فإن هناك منها أشياء كثيرة في نوازل متعددة ليعم النفع بها, رحم الله شيحنا وأسكنه الفردوس الأعلى مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين, وفق الله الجميع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
نسيبة بنت سليمان الربعي
كلية التربية للبنات ببريدة قسم الدراسات الإسلامية
|
|
|
|
|