| مقـالات
نحن في هذه البلاد مجموعة ضخمة من الاصدقاء حتى وإن لم نكن قد تعارفنا, فالرسالة التي تصلني من قارئ في شمال البلاد وجنوبها تؤكد لي هذه الرابطة القوية وان كانت تدور حول حب الوطن, وهو واحد من عدة امور تربطنا وتقوي صلتنا اذ ان بقية الوشائج هي معروفة ولا يحتاج إلى تعدادها, وهكذا فان تداول الرأي لا يعني املاء الافكار او فرض الوصاية حيث ان مدرسة الحياة اقوى بكثير من الشهادات الدراسية لانها تعكس التجارب الفعلية في حياتنا وليس مجرد النظريات التي نتلقاها على منابر التعليم ولا اذكر بأن احد المتعلمين قد تفاخر على آخر بالشهادة الدراسية التي يحملها لأن ميدان الانتاج يسمح لكافة الخبرات والمواهب بأن تظهر كفاءاتها وقدراتها وليس الاتكاء على التحصيل العلمي فحسب, والتلميذ لا ينكر فضل معلمه او استاذه على تأسيس المعرفة لديه انما المعلم يفخر ايضاً بأن احد تلامذته بلغ مكانة يستحقها بجدارة وعيه وفطنته او لنقل ذكائه نعم فقدرات الذكاء ليست واحدة لدى جميع الناس انما الفوارق من سمات الفردية الانسانية, ولست اسخر منك حين اذكرك بأن في اعماقك مازال يعيش ذلك الفقير الامي الذي لم ينل حظه من التعليم فاتجه بسبب ظروفه الخاصة إلى العمل المتواضع منذ صغره لفقدان والده واعتماد اسرته على اعالته لها وهذا الظرف لن نضعه في كفة الابتعاد عن مصادر العلم لرغبتك في التمسك بظلام الجهل كلا مطلقاً لأن نتيجة الدراسة هي ايضاً الاتجاه إلى مصانع الرجال وهو العمل بصرف النظر عن نوعه ومستواه.
فالوطن يحتضن الابناء من الجنسين في ضمة طويلة داعياً لهم بالسداد والنجاح لان الميدان يتسع لكافة القدرات والامكانات والرزق يأتي حسب الجهد والتوفيق, وتجد ان اصحاب المهنة الواحدة في مواقع قريبة وكذلك المحلات المتشابهة فيما تعرضه من بضاعة فنجد ان احدها يمتلئ بالزبائن بينما الآخر لا ترى فيه احدا سوى العاملين, فنقول بتسليم بما قدره الله انه الرزق, ومن هذا الرزق اصبحنا سواسية في ان نمنح انفسنا الاستمتاع بما نملك اي ان نشتري ما يضيف إلى شعورنا بمتابعة ومعايشة تطورات العصر واختراعاته لان العمر يمضي متسارعاً سواء اكنا نقطن في قصر ام نعيش في غرفة خشبية ولهذا اقتنيت عربة فخمة واثثت منزلا عصرياً في كافة مرافقه وارتديت افضل الملابس والانواع الحديثة ورأيتك في الاقطار الفقيرة كثير العطايا كريم الخصال وان كنت انتقدك احيانا في مواقف استغلال طيبتك, واختلف معك كثيراً حين اجدك تتباهى بما تفعل حتى لا قول في نفسي بلغ مرتبة الغرور اما حين رأيتك تتصرف من وحي الغطرسة فقد توقفت حتى عن معاتبتك لأن منابع الجهل التي تدفع إلى الخطأ مازالت هي المسيطرة على عقلك وتصرفاتك, وهكذا ترى ياصديقي انك امتلكت كل ماهو حديث انما احتفظت بسذاجة تفكيرك وأفقك الضيق ومع ذلك فسوف تبقى ذلك الصديق الذي خطفه الجهل مني.
وعندما تتغلب على تصرفات الجهلاء سوف تجدني في انتظارك لفتح صفحة جديدة في ترسيخ الصداقة.
للمراسلة ص, ب 6324 - الرياض 11442
البريد
رسالة من القارئ سعود الذي دفعه حب ابناء وطنه الى ان يرجوني بأن احث الشباب الذين تتاح لهم فرصة العمل بمضاعفة الجهد حتى نلغي من اذهان اصحاب العمل ورؤساء التوظيف مقولة إن الشاب السعودي يتصف بالكسل والاهمال طالما أتيحت له فرصة ابراز مواهبه وهو الجدير بحب وطنه على الأقل وهذا الحب يدعوه الى التضحية والحيوية الى ابعد مدى وشكراً للقارئ الصديق على هذه النصيحة القيمة.
|
|
|
|
|