بكت القلوب ولانَ منها الجلمَدُ
إذ قيل: قد قُبض الإمام محمد
سهم أصاب من الفؤاد بقية
كانت لقرع النائبات تجلّدُ
ما كان فقدُ الشيخ موتة واحد
لكنه القمر المنير يوسَّدُ
كانت تتوق إلى لقاه قلوبنا
حين الوداع لعل عينا تسعد
ولعل مشتاقاً يفوز بنظرة
لكن طواه عن العيون: الموعد
أرضَ الحجازِ على ثراك توقفت
أنفاس من يفتي العباد ويرشد
بالأمس أُودِعَ في ثراك إمامنا
عبدالعزيز,, العالم المتجرد
واليومَ يدفن في جوار رفيقه
عَلَمٌ أشَمّ، وسيف هند يُغمد
أسفي على الاسلام حين تصرّمت
عُلماؤه كالعقد كان يُنضدُ
يا شيخ قد رحلت بموتك أمةٌ
في العلم والأخلاق،أمست تُلحَد
لو كان تُجدي في المصاب دموعنا
ما كنت أحسبها لفقدك تجمد
تنعاك يا بحرَ العلوم عوالمٌ
وبكاك شيخ في الأنام وأمرد
والجامع المحزون بات وفيه من
وقع المُصاب: حُشاشة تتردد
كم كان يُلقي الدرس ثَمّ، كأنه
عذب تهش له الظِّماءُ ومورد
فإذا تكلم في الخلاف مُرجحاً
خِلتَ الموفق للمسائل يسرد
ويفيض في شرح العقيدة موضِحا
ما كان يُشكل، فاستراح مُوحدُ
وإذا تلا آي الكتاب مُفسراً
أطرقت تستمتع الفوائد تُنضدُ
أما الأصول فلا تسل عن عُمدةٍ
بالأصل في الفرع الجديد يؤيدُ
من كان يجهل ما أقول فهذه
آثاره الحسنى بحق تشهد
سيقت له الدنيا فراح موليا
وأشاح عنها زاهداً يتعبدُ
وقضى الحياة مجاهدا ومربياً
حين استراح القاعدون وأخلدوا
سارت فتاواه الحسان ونصحه
شمساً لليل السالكين تُبدد
وغدا ينفِّر من تعصُّب معشرٍ
جعلوا التفرق شرعة وتجمدوا
قد كان في درب الفساد مهنداً
يجتث أصل المفسدين ويحصد
لا طال نومُ الشامتين فخلفه
جيل لنهج السالفين يجدد
إن كان قد رحل الأئمة قبله
هيهات يُعدم في البلاد مسدد
يا رب مُنَّ على الفقيد بجنة
طاب المقام بها وطاب المقعد
واخلف بخير أنت أهل إجابة
نعم النصير لنا، ونعم السيد
