| متابعة
رحمك الله يا أبا عبدالله رحمة واسعة.
رحمك الله يا شيخنا، آه لو تفنى الآهات، لقد خسرنا يوم الاربعاء الماضي العالم الرباني الحافظ الأصولي الحبر الإمام محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين الوهيبي التميمي القصيمي السلفي, عن عمر يناهز الخامسة والسبعين في جدة بعد ان جاهد مرضاً عضالاً لم يمنعه من التدريس والإفتاء والمطالعة والمناقشة.
رحمك الله يا أبا عبدالله فقد كنت من أنجب تلاميذ شيخك عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله، ولقد كنت من الأئمة المجتهدين، المتصدرين في كل الميادين، فلك من الفتاوى، والكتب، والتلاميذ, والاختيارات ما لا يملك الواقف عليها الا ان يدعو لك بالرحمة والخير العميم.
رحمك الله أبا عبدالله، عرفتك المعلم والإمام، والمنظر، والشيخ، والأب الرحيم، والمربي الكبير، فضائلك عليّ لا أحصيها، أما على المسلمين فلا مجال لعدّها، مقارناً بعمرك، ووقتك، فلك الله أبا عبدالله.
ولا أجد وصفاً أصدق من القول فيك الا هذه الأبيات:
هو البحر لابل دون ما علمه البحر
هو البدر بل ما دون طلعته البدر
هو النجم لا بل دونه النجم رتبة
هو الدر لا بل دون منطقه الدر
هو الكامل الأوصاف في العلم والتقى
فطاب به في كل ما قطر ذكر
محاسنه جلت عن الحصر وازدهى
بأوصافه نظم القصائد والنثر
رحمك الله أبا عبدالله, مازلت أذكرك وأنت تؤول رؤيا لامرأة بأن هذا الذي فيه الرؤيا مغفور له ومقبول حجه، ثم قالت: رأيتك أنت، فبكيت تواضعاً وفرحا، أرجو أن الله حقق لك ذلك.
ما أحلاك وأجملك وانت تتوسط مستمعيك، وأنت تسأل هذا وتطلب من ذاك أن يعيد.
لك الله أبا عبدالله وأنت تتأكد من سائليك، فلا تفتي الا بعد تبين فشكر الله لك وغفر لك ورحمك حيث تركت لنا علماً كثيراً مباركا فيه في العقيدة شرح لمعة الاعتقاد، القول المفيد شرح كتاب التوحيد، وشرح العقيدة الواسطية وعقيدة أهل السنة ورسائل كثيرة,وفي الفقه وأصوله، أصول علم الأصول، والشرح الممتع، والدماء الطبيعية، وسجود السهو وغيرها من الرسائل في كل فن عامة وخاصة.
وفي التفسير واصوله, اصول التفسير، وتفسير لسور من القرآن، وتفسير آية الكرسي وغيرها، وفي الحديث شرح صحيح البخاري، وفي اصول الحديث وغيره وفي الوعظ والارشاد، الضياء اللامع في الخطب الجوامع، ومجالس شهر رمضان، والباب المفتوح وغيرها وأما المشاركة في المناهج التعليمية فهي كثيرة ولقد أورثتنا كمّاً هائلاً من الأشرطة المسموعة، والمرئية والبرامج الشيقة، في بيتك، وفي الحرمين، وفي مسجدك، واللقاءات الخاصة حتى الإنترنت لك فيما يخص المسلمين بصمات، رحمك الله.
عظم الله أجرنا فيك، حيث سيبكيك منبرك، ومجالسك للتدريس في كل مكان.
لكن عزاؤنا أننا نحتفظ بشيء يسير من آثارك التي اسأل الله الا يتوقف نشرها, مسموعاً، ومرئياً ومقروءاً.
لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عند بمقدار عزاؤنا لخادم الحرمين، وولي عهده والشعب السعودي، بل كل الأمة المسلمة, إنا لله وإنا إليه راجعون.
د, عبدالكريم بن إبراهيم آل غضية
الجامعة الاسلامية المدينة المنورة
|
|
|
|
|