| متابعة
سبحان الدائم وكل شيء يزول,, والقائم وكل شيء يحول,, والباقي وكل شيء يموت,, ولقد تألمنا ونحن نودع عالما من علماء هذه البلاد,, كان حافظا مجتهدا على فقه وورع,, وعلم وأدب,, وكان يتميز باطلاع واسع على جوانب الشريعة السمحة,, وقد درس وتعلم وعلم,, وكان يتميز بمروءة وفضل وقدرة على الاقناع وأدب في الحوار.
كان رحمه الله ممن يألف ويؤلف,, كما كان يتميز بقدرة على مخاطبة الشباب والتحدث اليهم بلغة يفهمونها,, وكنا نحس بقربه من الناشئة.
ولقد عرفت الرجل فيما يزيد على ثلاثين عاما عندما كنت في جامعة الملك عبدالعزيز,, وكان يزورنا ونأنس به في بداياته الاولى,, فقد كان شقيقه الاخ الدكتور عبدالرحمن بن عثيمين يعمل معنا في الجامعة,, وكان الشيخ يزورنا,, وكنا نلاحظ أدبه وغيرته على الشريعة وولعه بالعلم,, فقد كان يحرص على اقتناء كل كتاب مفيد في الحديث او الفقه او الدعوة,, وظلت صلتي به دائمة وكان يأتينا ويتحدث في مساجد جدة,, ونأنس به,, ولكن الأمر الذي يسترعي الانتباه انه رحمه الله كان ينصح لولاة الأمر ويوجههم الى بعض الأمور التي يراها جديرة بالعناية,, ولكن نصائحه تأتي بصورة مباشرة اليهم وقريبة منهم,, وبحكمة وروية,, ينشد من خلالها النصح دون تكلف او رغبة في الظهور,, ولهذا فقد كانوا يحبونه,, وكنت أشعر ايام الملك خالد رحمه الله انه كان يرتاح الى نصحه,, ويفرح بلقائه,, ويتقبل منه النصح,, وكنا نلاحظ عفة الرجل وترفعه عن الدنيا,, فلم يكتب في طلب لجاه او مال, وحتى عندما عرض عليه الملك خالد رحمه الله ان يشتري له منزلا اعتذر وفضل ان يبقى في منزله,, قانعا محتسبا,, واستأذن ان يدفع المال لبناء المسجد الى جانب مرفق خيري كمكتبة في جوار المسجد بدلا من ان يبنى له منزل.
وكان للشيخ رحمه الله ولع بالحرمين الشريفين,, وكان يأتيهما بين وقت وآخر,, وأذكر انه صلى بنا لعدة أيام في المسجد الحرام,, وعندما عرض عليه ان ينتقل فضل ان يبقى مع تلاميذه في عنيزة,, فقد كان يشعر بارتباطه بهم وحرصهم على الأخذ منه,, وقد تخرج على يده مئات الطلاب,, وكان هو قد حفظ عن شيوخه وبالذات الشيخ عبدالرحمن السعدي الكثير من أدب الدعوة وألف ما يزيد على أربعين كتابا.
كان الرجل كريم اليد,, طيب النفس,, عفيفا متواضعا لا ينفر من الحوار ولعل مما يميزه قدرته أثناء الحديث مع الشباب على ادخال جوانب من المرح في روحهم بين وقت وآخر.
رحم الله الشيخ محمد بن عثيمين وتغمده بواسع مغفرته واسكنه فسيح جناته وعفا عنه وعنا جميعا,, فقد ظل في مرضه الاخير صابرا محتسبا حتى لقي الله عز وجل,, فنسأل الله ان يتغمده برحمته,, وحسبي الله ان بدأنا نفقد العلماء واحداً تلو الآخر,.
ونسأل الله ان يعوضنا خيراً,, وان يكرمهم بما قدموا وان يخلفهم خيرا في أهلهم وولدهم وتلاميذهم.
وإنا لله وإنا إليه راجعون .
محمد عبده يماني
|
|
|