| الاقتصادية
إذا كانت العديد من المتغيرات الاقليمية والعالمية قد ألقت بظلالها على اقتصاد المملكة العربية السعودية خلال الخمسة عشر عاماً الماضية حيث يتضح ذلك من خلال ما واجهته الموازنة العامة للدولة من عجز خلال تلك الفترة وذلك كنتاج طبيعي لما أحدثته تلك المتغيرات من زيادة في حجم المصروفات العامة للدولة مع انخفاض في حجم الإيرادات بسبب الانخفاض الحاد لاسعار النفط ناهيك عن أزمة انهيار اقتصاديات النمور الآسيوية والتي ألقت بظلالها على اقتصادنا الوطني، فإن السياسات المالية المحكمة التي سلكتها الدولة خلال السنوات الماضية وفي مقدمتها سياسة الترشيد الانفاقي قد نجحت وباقتدار في إزالة العجز الذي عانت منه الموازنة العامة حيث جاءت الموازنة الجديدة لهذا العام متوازنة في جانبي المصروفات والإيردات منها, ومما لا شك فيه أن السير وفقاً لتلك السياسات المالية المحكمة سيحقق وفراً فائضاً في موازنة الدولة خلال السنوات القادمة.
إن الحديث عن الموازنة العامة للدولة ونجاح السياسات المالية العامة المتبعة وخاصة الترشيدية منها في السير بهذه الموازنة إلى بر الأمان يدفعنا إلى الحديث عن الميزانية الخاصة لكل شخص منا, إن ما دفعني إلى إثارة هذا الموضوع هو انتشار العديد من التصرفات غير المسؤولة والتي تصدر من قبل بعض الأفراد والمتمثلة في الإسراف والتمادي في الإنفاق الاستهلاكي وخاصة في الجوانب الكمالية دون أن يكون هناك توازن بين حجم ذلك الإنفاق الاستهلاكي من جهة وبين مستوى الدخل لدى هؤلاء الأفراد من جهة أخرى, وإذا كانت الدراسات الاقتصادية قد أثبتت بأن مستوى الانفاق عند الكثير من الأفراد يتجه إلى الزيادة كلما زادت دخولهم, إلا ان الملاحظ عند الكثير من الأفراد هو عدم ترددهم في زيادة إنفاقهم الاستهلاكي على الرغم من ثبات دخولهم.
إن عدم الإسراف والعمل على ترشيد الإنفاق لا يقتصر على كونه مطلبا اقتصاديا واجتماعيا وإنما يتجاوز ذلك إلى كونه مطلبا دينيا, وفي ذلك يقول الله تعالى في محكم كتابه: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً .
إنني أتعجب بالفعل لمن يتمادى في إسرافه من أجل اقتناء سلع أو خدمات كمالية ضارباً ما قد يواجهه في حياته المستقبلية من متطلبات ومصاعب عرض الحائط.
إن المواطن السعودي مطالب بالاستفادة من تلك التجارب التي مرت وما زالت تمر باقتصادنا الوطني, فعندما انخفضت مداخيل الدولة السنوية من عوائد البترول إضافة إلى ما واجه الاقتصاد السعودي من تحديات لم تتردد الدولة في انتهاج سلوك ترشيدي في الإنفاق ولعدد من السنوات وذلك رغبة منها في إنهاء العجز الذي تعاني منه الموازنة السعودية ومن ثم الاستمرارية في توفير الحياة الآمنة التي تعود عليها المواطن السعودي, وفي اعتقادي ان المواطن مطالب بالاستفادة من تلك التجارب التي مرت بها حكومتنا أيدها الله.
|
|
|
|
|