رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 13th January,2001 العدد:10334الطبعةالاولـي السبت 18 ,شوال 1421

مقـالات

ضمير الطفل كيف يتكون؟؟
د, سلوى مرتضى *
يميل الطفل ما بين سن السادسة والثانية عشرة إلى الاستقلال ولابد من تشجيعه على هذا الاستقلال، شريطة ألا تزول رقابة الأهل عنه نهائيا ومن الجدير بالذكر أنه في هذه المرحلة العمرية يتكون ضمير الطفل، ولكن كيف يتكون هذا الضمير؟
يقلق الآباء وينتابهم الشك في تربيتهم لأبنائهم عندما يخرج الطفل عن طاعتهم وعن حدود الأدب واللياقة وتفشل كل الوسائل في إعادة الطفل لما كان عليه من قبل,,, من لطف ورقة ومعشر جميل,, إنه يتصرف بوقاحة ويرد بلهجة عنيفة,, ويتحدث مع أبيه بلهجة المتحدي,, ويقلب نظام البيت إلى فوضى,, ولا يهتم بنظافة يديه ولا يحترم مواعيد الاستحمام,, وقد يدخل في مناقشات طويلة وحادة حول هل من الضرورة أن ينام باكراً أو أن يمشط شعره، ويماطل في تنفيذ ما يسند إليه من أعمال وعندما يعاقب سرعان ما ينسى لماذا عوقب ويعود لتصرفاته، بهذه الصورة يبدو الطفل مزعجاً بشكل دائم ويجد الآباء أنفسهم حائرين في اختيار طريقة التعامل المناسبة مع أطفالهم, وبنفس الوقت إذا حاول الآباء السؤال عن سلوك هذا الطفل في المدرسة أصيبوا بالدهشة فهو طفل نشيط، مهذب، لبق، نظامي، له علاقات اجتماعية ناجحة, والسؤال هنا لماذا هذا التناقض في السلوك بين المنزل والمدرسة؟أيها الآباء إن التربية علم وفن وتحتاج إلى صبر وتأن وقدرة على فهم السلوك وعلى اتخاذ القرار المناسب إذ ان علماء النفس درسوا الحوار بين الأطفال الذكور أثناء الاستراحة بين الدروس, وكانت النتيجة مدهشة للغاية, إذ ان هؤلاء الأطفال يتحدثون عن الأخلاق وكيف يجب أن يتصرف الإنسان في المواقف المختلفة وما هو الصحيح وما هو الخاطئ محاولين بذلك أن تكون لهم أخلاق من صناعة أفكارهم، وألا تكون هذه الأخلاق من صناعة الكبار والغريب أن الأخلاق التي تكون من صناعة أفكار الصغار ليست فوضوية أو لا مبالية إنها في معظم الأحيان متزمتة للغاية وينزلون اللوم الشديد على كل من يخرج عن الأخلاق الحسنة التي يختارونها ومن الملاحظ أن الأطفال في هذا العمر يشكلون جماعات وكل جماعة منهم تجد نفسها حيث يميل كل فرد منها للآخر ويشتركون معاً في اللعب وتتخذ كل مجموعة أنظمتها الخاصة بها وعندما يخل الواحد منهم بقواعد التنظيم، فإن التنظيم يتخذ قراراً بفصله عن الجماعة ويحاولون دائماً أن يبتعدوا بأنفسهم عن عالم الكبار لأن الكبار دائماً يفتحون صنابير النصائح والتعليمات والتوجيهات عليهم إن الأطفال في هذا العمر يستغرقون تماماً في اللعب بل يستهلك اللعب كل أوقاتهم بما فيها مواعيد الطعام وتظهر عندهم الهوايات المتعددة والمتناقضة فنجد خزانة الطفل تحتوي على طوابع بريدية,, عملات تذكارية صور فكاهية لذلك لابد للأهل من تشجيع طفلهم على ممارسة هواية أو هوايتين فقد ينمي التشجيع الهادئ حباً لهواية معينة ومن يدري قد يحمل المستقبل موهبة ما في أعماق هذا الطفل سببها هذه الهواية.
على الآباء أن يكونوا قدوة حسنة في سلوكهم أمام أطفالهم حتى يساعدوهم على تكوين الضمير فكثيراً من الأحيان ينبه الأطفال آباءهم إلى بعض الأخطاء التي يرتكبونها فقد نعبر الشارع دون الاكتراث بإشارات المرور فنجد طفلاً يقول: لقد خالفت إشارة المرور يابابا إنه من الخطر أن تفعل ذلك وليس سراً إذا قلنا إن الكثير من الآباء يرفضون تعاليم الصغار وهذا خطأ كبير لذلك على الآباء الاعتراف بالخطأ لأن هذا يسعد الطفل ويقوي في أعماقه القدرة على الضبط الذاتي ويجعله مسروراً لأنه يتعلم أن الكبار ليسوا المصدر الأساسي الذي يلقي بالتعليمات,, إن ضمير الطفل ينمو بالاعتراف بالخطأ عندنا يخطئ فعلاً لأن الطفل يبدو هنا كالقاضي الذي لا يقبل أي مخالفة لقانون الضمير والعالم عنده أبيض أو أسود والضمير أساس في عملية نمو الطفل إنه يحاول بشتى الوسائل أن يستقل عن أسرته ويحاول أن يرضي الله سبحانه وتعالى في أفعاله, يقبل فكرة مراقبة الله سبحانه وتعالى له أكثر من تقبله لأفراد أسرته ويجد في قواعد الدين ما يؤكد له شخصيته وتبدأ عبادة الله كأساس هام من أسس تكوين شخصيته المستقلة عن والديه, وهكذا نجد أن مرحلة الأعوام الستة التي تبدأ من العام السادس وتنتهي في العام الثاني عشر مرحلة هامة تنمو خلالها مشاعر الحب ويتعلم الطفل فيها قواعد الأخلاق, وتزداد قدرته على الضبط الذاتي والاستقلال الشخصي وإدراك العالم الخارجي, أيها المربي صادق طفلك صداقة حميمة وجه عند الحاجة دون اللجوء إلى القسوة, تعامل معه على أنه شخصية مستقلة لأن ذلك ينمي فيه الإحساس بالمسؤولية والكرامة ومعرفة الصواب والخطأ إن المرحلة التي نتحدث عنها هي مرحلة تمرد في الظاهر على قوانين الأسرة، لكنه تمرد يضم في داخله شعوراً بالمسؤولية الاجتماعية إنه يتدرب على الدور المطلوب منه في المجتمع,, يبحث عن موهبته ويبحث عن الصداقات التي يرتبط بها وكلما عومل الطفل على أنه كائن مستقل كما استجاب لما يطلب منه كالاهتمام بنظافته واحترام المواعيد واتباع السلوك المهذب والقيام بواجباته، والتعامل الجيد مع المجتمع علينا ان نناقشه إن حاد عن الطريق الصحيحة دون أن نسيطر عليه خلال المناقشة سيطرة تامة إذ لابد من أن نفسح المجال له للدفاع عن نفسه بشكل منطقي ونشرح له أين يكمن الخطأ في سلوكه إن هذا الأسلوب يزيد من الصداقة مع الطفل ويساعده على الاستقلال ويكون لديه جهاز ضبط داخلي خاصاً يرعى استقلاله ويشرف عليه إن هذا الجهاز هو الضمير.
ولا أحد يشك في أن من أكثر الظواهر اصالة في الإنسان هي محاولته المبكرة في تربية نفسه بنفسه والقدرة على التمييز بين الصواب والخطأ وبين ما هو مهذب وما هو غير مهذب.
*جامعة دمشق


أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved