| وطني
* حوار : عبدالله الحسني
دعا د, سامي بن صالح الوكيل مدير مركز البحوث بكلية الحاسب والمعلومات بجامعة الملك سعود وعضو جمعية الحاسبات السعودية إلى تحويل مشروع وطني إلى هيئة دائمة تحت مسمى الهيئة الدائمة للتطوير المعلوماتي ويكون هذا المشروع قاعدة دائمة موجودة في المجتمع تتابع التطور التقني والمعلوماتي في مجتمعنا السعودي.
وقال في حوار خاص لالجزيرة : ان الأربع سنوات المقررة لاكتمال كافة مراحل المشروع لاستثماره بصفة رئيسية في التعليم كافية للتعرف على كل جوانبه، وتكون هذه الحصيلة مرتكزا للتفكير في أن يأخذ المشروع طابعا مؤسسيا دائما يخدم المجتمع بكافة شرائحه على المدى البعيد.
وأشار إلى ان المشروع خطوة جبارة ليس للتعليم فحسب بل ستستفيد من مخرجاته جميع الجهات الرسمية والخاصة في الدولة، وقد جاء في الوقت المناسب، لاعطاء المظلة الشاملة التي يمكن من خلالها توفير التجهيزات التي تتطلبها المرحلة الكونية الجديدة,, وفيما يلي نص الحوار:
* انطلق هذا العام مشروع عبدالله بن عبدالعزيز وأبنائه الطلبة للحاسب الآلي وطني الذي يهدف إلى توفير تقنية المعلومات في مدارس التعليم العام فكيف تنظرون إلى المشروع وعوائده المتوقعة على العملية التعليمية؟
في اعتقادي ان المشروع جاء في الوقت المناسب، فالتعليم يواجه في هذه المرحلة عدة صعوبات، منها ما يتعلق باعداد المناهج التربوية والتعليمية الجديدة التي تناسب العصر القادم، ومنها ما يتعلق بصعوبة توفير التجهيزات المطلوبة لنقل التقنية الى الطلاب والمجتمع التعليمي، لأن التقنية هي الوسيط التعليمي الجديد الاكثر اهمية وتأثيرا على المجتمع التربوي.
وقد حقق المشروع بانطلاقته الجبارة جزءا من أهم أهدافه هو نشر الوعي المعلوماتي بين افراد المجتمع بجميع طبقاته، كونه حظي بهذا الاهتمام الواعي من القيادة الرشيدة والمجتمع السعودي بأكمله.
وسيكون هناك تكلفة لهذا المشروع تتطلب توفير موارد مالية إذا أردنا ادخال الحاسب بشكل علمي مدروس في العملية التعليمية، فالقضية ليست أجهزة فحسب، بل يتعدى ذلك إلى آفاق أبعد من ذلك بكثير تتعلق بمحتويات الجهاز العلمية، وطرق التعامل معه، وهناك حاجة إلى خطة تدريبية لاعداد المعلم المناسب الذي سيقوم بتدريس المناهج التعليمية الجديدة.
وفي اعتقادي ان المشروع خطوة جبارة جاءت في وقتها تماما، لاعطاء المظلة الشاملة التي يمكن من خلالها توفير التجهيزات، والمناهج الجديدة، وتوفير الخطط، وأيضا نشر الوعي المعلوماتي عموما في المجتمع السعودي.
* ينظر بعض التربويين وغيرهم إلى التقنية على انها ترف، ويرون ان الاهتمام يجب ان ينصب على عناصر العملية التعليمية الاساسية، اي توفير المباني المدرسية الحديثة، وتدريب المعلمين وحسن تأهيلهم واختيارهم، وتحديث المناهج,, فما موقفكم من هذا الرأي؟
العصر الذي نعيشه الآن هو العصر المعلوماتي شئنا ذلك أم أبينا، وقد انتقل تعليم الحاسب الآلي من مرحلة كونه مجرد آلة يتدرب عليها الطالب إلى ان اصبح علما يدرس في المدارس والجامعات، بل أصبح مادة أساسية لا يمكن تجاوز اي مرحلة دون الالمام بأساسياتها.
التوجه الجديد في المجتمعات المتقدمة ان الحاسب الآلي اصبح بمثابة علم الرياضيات والفيزياء، ولابد للطالب ان يلم ويدرك الخلفية العلمية له، لأن الحياة المعاصرة معتمدة على الحاسب، وبالتالي تعليم التقنية ونشرها في المجتمع جزء اساسي إذا أردنا ان نكون عصريين فاعلين لا تابعين.
لكن من جانب آخر لا ينبغي ان نعتقد بأن الحاسب الآلي مجرد تأمين للاجهزة، واهمال بقية العناصر الاخرى التي ينبغي الاهتمام بها، كوجود المعلم القادر على التعليم، والصيانة المستمرة، والمحتوى المناسب، والضوابط اللازمة، لأن أي تقصير في جانب من هذه الجوانب سيتسبب في هدر الموارد وضياع فرص الاستفادة الحقيقية من التقنية، وهنا ينبغي وضع اجهزة التعليم كافة في إطار متكامل للعملية التعليمية.
* بظهور الحاسبات الآلية ظهر مفهوم اقتصادي حديث يسمى الاقتصاد الرقمي والتجارة الالكترونية، هل تعتقد انه من خلال هذا المشروع سيكون بمقدورنا في المستقبل الدخول في هذا النوع من التبادل الاقتصادي وبالتالي توفير مورد اقتصادي جديد للدولة؟
هذا جانب مهم جدا في المشروع، وحسب علمي ان هدف المشروع تأمين جهاز حاسب لكل طالب، إذا تأملت كم تكلفة هذه الاجهزة وأكرر ان القيمة ليست في الجهاز كجهاز بل في محتوياته وتوابعه المتعلقة بالتدريب والمحتوى والربط فستدخل في المليارات من الريالات، ولذلك في تصوري ارى ان يخصص جزء من موارد المشروع لبناء مجتمع تعليمي تربوي متقدم في المملكة، يعتمد على صناعة معلوماتية محلية، فلو أخذنا على سبيل المثال البرامج، فإن السوق يفتقر حاليا الى برامج تربوية مناسبة للطلاب تناسب تعاليم ديننا وثقافة مجتمعنا، وأيضا ليس هناك برامج حتى على المستوى النوعي بصور كافية، وبالتالي نحن بحاجة إلى صناعة برمجية، لذا قد يكون من المناسب تخصيص جزء من موارد المشروع لبناء صناعة برمجية معلوماتية بالاشتراك مع القطاع الخاص، وتأمين الاجهزة، وهنا من المناسب النظر في تكوين هيئة استثمارية تستثمر المشروع كخطوط انتاج.
من جانب آخر يجب ان يكون التصور فيما يتعلق بموضوع النشر من خلال الشبكة شموليا، فالطالب او الطالبة في قرية يحتاج إلى ان يصل إلى المعلومات التي توفرها التقنية، وهنا لابد من التفكير في ايجاد شبكة تربوية تمتد في كل انحاء المملكة من خلال الاقمار الصناعية، بحيث تكون المحطات في كل قرية، ومن خلالها يدخل هذا المشروع جانبا آخر من جوانب الاستثمار التربوي، ويكون ذلك بالاشتراك مع القطاع الخاص.
وصناعة البرامج لا تتطلب بناء مصنع ضخم، بل تحتاج إلى عقول، وإلى بعض ادوات تطوير البرامج، وبامكان الانسان من بيته ان يبدع في صناعة برامج واستثمارها بما يدر ارباحا مالية هائلة, الهند من أكثر الدول التي تخرج مبرمجين، لان البرامج لا تحتاج إلى بنية ضخمة، لذا قد يكون من المناسب تخصيص جزء من موارد المشروع لبناء صناعة برمجية تربوية.
وأيضا فإن بعض الاجهزة ليست سهلة الاستخدام، وقد تأتي فئة من الطلاب لتفكر في ابتكار اجهزة مقفلة بحيث لا يمكن ان يعبث بها الاطفال الصغار، وذلك بأن يكون نظام التشغيل داخل الجهاز بحيث لا يستطيع ان يمحيه او يغير فيه، وقد يأتي جيل جديد يصنع برامج سهلة للاطفال الذين لم يدخلوا المدرسة، فليس كل ما في السوق حاليا سهل التعامل من جميع الاعمال، وعلى ذلك قس برامج الكبار والاميين منهم.
وفي اعتقاد ان بناء صناعة معلوماتية برمجية وخطوط انتاجية واشتراك شركات الاتصالات لبناء شبكة تربوية سيكون لها مردود اقتصادي متميز، بالاضافة إلى اهميته التربوية المتكاملة في بناء المجتمع المعلوماتي.
* ما هي مقترحاتكم لماينبغي ان تكون عليه شبكة المشروع بعد اكتمال مراحل المشروع الاساسية المحدد لها اربع الى خمس سنوات؟
وفي اعتقادي ان المشروع ينبغي ان يتحول إلى هيئة دائمة، فلا يكون مرتبطا بالمراحل الزمنية، وتسمى مثلا الهيئة الدائمة للتطوير المعلوماتي تحت رعاية سمو ولي العهد ويكون هذا المشروع قاعدة دائمة موجودة في المجتمع تتابع التطور التقني والمعلوماتي في مجتمعنا السعودي، بحيث تكون هذه الهيئة مسؤولة عن متابعة المستجدات التقنية ومتابعة تطوير البرامج الجديدة، فهذه السنوات الخمس او الاربع المقررة لاكتمال كافة مراحل المشروع كافية للتعرف على كل جوانبه الادارية والمالية والعلمية، لتكون هذه الحصيلة مرتكزا للتفكير في ان يأخذ المشروع طابعا مؤسسيا يخدم المجتمع بكافة شرائحه.
نحتاج إلى ان نوجه جزءاً من المشروع إلى اجراء ابحاث تراعي المشاكل الخاصة بمجتمعنا وبجوانبنا التربوية، خذ مشكلة التعريب، نعم توجد بعض البرامج المعربة، لكن خصائص اللغة العربية هل استغلت بالكامل؟! وغيرها الكثير، ولذلك ارى ان يتحول المشروع في النهاية إلى هيئة دائمة للتطوير المعلوماتي لتقوم على كل ما يتعلق بالجانب العلمي والتربوي والوطني من خلال مهام محددة.
* كيف يمكن ان تستفيد الفئات المستهدفة من المشروع؟ وما عوائد ذلك على الجهات الوطنية الحكومية والخاصة الاخرى؟
لا يكفي توفير الاجهزة للطلاب فحسب، بل ينبغي ان يخطط لمناهج تربوية جديدة، تراعي التعليم ألا صفي، وايجاد وسائط اخرى لتنمية مهارات الطلاب من خلال شبكة الانترنت، ومن خلال الشبكة التربوية للوزارة، ومن خلال نوادي الحاسب الآلي.
وفي مجتمعنا فئات مهمة علاوة على الطلاب هي: فئة ولي الامر الذي له دور مهم جدا للتوجيه وتوفير المستلزمات، والاستخدام الامثل في المنزل وفي العمل وفي مجالات الحياة الاخرى، وفئة المعلم الذي في تصوري انه المحرك الاساس للمشروع، وهنا يجب ان يشمل المشروع كليات المعلمين في الوزارة، والتعاون مع الكليات التربوية المسؤولة عن تخريج المعلمين، ومن الضروري جدا ان يكون معلمونا على قدر من الفهم، فإذا لم يسبق لمعلم ان استعمل الحاسب فسيكون من الصعوبة ان تفترض بأن هذا المعلم سيستفيد منه في حياته اليومية او حتى سيجعل طلابه يتحمسون الى استخدام الحاسب.
وعلى المدى البعيد ستنعكس مخرجات المشروع على جميع فئات المجتمع من مسؤولين وموظفين في الدوائر الحكومية والخاصة.
|
|
|
|
|