أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 11th January,2001 العدد:10332الطبعةالاولـي الخميس 16 ,شوال 1421

الريـاضيـة

آسف ,, قطعت الإشارة ولكن الحكم هو السبب!!
عبدالرحمن خالد
في ميدان الرياضة، يقوم التنافس الشريف بين المشاركين وفقا لقواعد نظامية رسمية معتمدة، وتحت مظلة مبادئ أخلاقية من اهم عناصرها الروح الرياضية واحترام المنافس، والقوانين التي تحكم الانشطة وتنظمها.
وفي الميدان الرياضي عندما يخسر أحد الطرفين تجد ان الخاسر يبادر بتهنئة الفائز بكل روح رياضية وتجد الفائز يراعي مشاعر الخاسر ويتمنى له التوفيق في الفرص القادمة.
هذ التعامل الحضاري هو القاعدة السائدة في المنافسات الرياضية، وإن حصل خروج عن هذه القاعدة فهو يمثل حالات نادرة لا يقاس عليها.
إن هذا التعامل الحضاري او القاعدة السائدة بين الرياضيين تحصل حتى في حالة حدوث اخطاء من الحكام لان الحكم بشر معرض للخطأ ومثلما تحصل أخطاء من اللاعبين لانهم بشر فكذلك تحصل اخطاء من الحكام.
ومن الثابت بالتجربة ان اللاعب الذي يوجه تركيزه نحو اداء الحكم لن يستطيع التركيز على ادائه وقد يتعرض للخسارة بسبب ذلك.
ان التركيز الذهني والاعداد النفسي من اهم مقومات التفوق في الميدان الرياضي وإذا حصل شحن نفسي قبل المنافسة وقلق مبالغ فيه فإن هذا غالبا ما يقود إلى توتر اداء اللاعب والاتجاه لتعويض تقصيره إلى البحث عن اخطاء الحكم وتضخيمها وجعلها مبررا لاخفاقه, هذا هو الاسقاط في علم النفس.
إن التفوق والنجاح في ميدان التنافس في الرياضة وغيرها من المجالات لا يتحقق بالحماس والرغبة وشحن اللاعبين نفسيا لاتخاذ موقف عدائي من الفريق المنافس والتقليل من مكانته وامكاناته والسخرية بانجازاته!!
ان أهم مبادئ التنافس هو التعرف على نقاط القوة لدى منافسك، ونقاط ضعفه ثم وضع خطة عملية للتعامل مع ذلك أما إذا كنت ترى انك الافضل وأنك سوف تحقق التفوق فلماذا إذن تدخل المنافسة؟ ولماذا الاعداد والتدريب والتصريح؟! إذا كنت أنت الأفضل فيمكنك ان تنعزل مع نفسك ولذاتك بعيدا عن المنافسة مع الآخرين.
ثم إذا كنت الأفضل فما الذي يمنعك من التفوق ميدانيا وعمليا، وما الذي يجعلك تسقط اسباب عدم التفوق على عوامل خارجية لا علاقة لها بعناصر التنافس.
ومن أهم عناصر التفوق امتلاك الامكانات المالية والفنية والبشرية القادرة على الدخول إلى ميدان المنافسة مع الطرف الآخر الذي يمتلك هو الآخر امكانات مالية وفنية وبشرية قد تفوق ما لديك.
ان توفر الامكانات المالية والفنية والبشرية وحدها لا يحقق التفوق بدون قيادة تستطيع استثمار هذه الامكانات للوصول إلى الاهداف المنشودة.
ولعل الاستثمار في البشر هو اهم عناصر الاستثمار فإذا لم يتمكن القائد من استثمار القوى البشرية المتوفرة لديه ولم يتمكن من اكتشاف قدرات العاملين معه او اكتشافها وتجاهلها فإنه بذلك يخسر اهم الأوراق، ويفتقد الى عنصر بديهي من عناصر القيادة.
إن القيادي الذي يجعل العاملين معه يدمنون كلمة (نعم) ويلجأون إليه في كل صغيرة وكبيرة لن يحقق التفوق والنجاح الذي يسعى إليه سواء في ميدان الرياضة او في غيره من الميادين.
والمتابع للانشطة الرياضية في العالم يلاحظ تطورا في أداء الاندية حيث تحولت الى مؤسسات اجتماعية فاعلة، وأصبحت تدار بطريقة علمية، ووفق انظمة ولوائح متفق عليها، ولا تتغير بتغير الافراد، فقد أصبحت الاندية تدار كمؤسسات وليس كممتلكات شخصية، وأصبحت تدار بأسلوب جماعي يراعى اموراً كثيرة من اهمها مشاعر الجمهور، ومصلحة المجتمع، والحس الوطني.
نعم تطورت اساليب ادارة الاندية الرياضية في كل انحاء العالم، ولم تعد تخضع للاجتهادات والفزعة، والخطب الحماسية.
أصبحت الاندية مؤسسات اجتماعية استثمارية وقبل ذلك وبعده فهي مؤسسات تربوية.
هذه هي القاعدة، وإن شذ عن هذه القاعدة اندية معينة فهي محدودة جدا ولن تستطيع الاستمرار بأساليبها القديمة حتى ولو لجأت الى التظلم والتشكي واتهام المنافسين بتهمة التفوق الدائم!!
إن البديل أمام هذه الاندية التي لم تلحق بركب التطور هو ان تدرس ظاهرة الاندية المتفوقة لتتعرف على اسباب نجاحها وتقلدها او تعمل على ابتكار أساليب جديدة تقودها إلى التفوق عليها!!
أما اللجوء إلى وسائل أخرى لا علاقة لها بالتنافس الميداني فهذا يعني ان هذه الأندية سوف تستمر واقفة عند نقطة واحدة لا تتقدم إلى المستقبل بل هي تتراجع إلى الخلف سنة بعد أخرى وتفتخر بذلك!!
إن إدارات الاندية مطالبة من الجمهور بتحقيق الانجازات ولو تم تقييم اداء هذه الادارات بمعيار تحقيق الاهداف لما استمرت إدارات كثيرة في ادارة شؤون الاندية، ولكن اين التقييم؟ ومن الذي يقيم؟
وها نحن نرى ان الادارات التي تعجز عن تحقيق النجاح وتشعر انها يجب ان تتيح الفرصة لغيرها، تلجأ إلى مهادنة الجمهور وكسب تأييده بالعزف على اسطوانة التحكيم، وإيهام جمهور النادي بأن فريقهم لا يمكن ان يخسر اي موقعة إلا بعامل التحكيم فالفريق، قوي لا يقهر، ويضم افضل العناصر، ولكن الفريق مظلوم ومحارب، ولا يخسر إلا بسبب عدم احتساب ضربات الجزاء!!
إن الفرق المتفوقة في العالم امثال مانشستر يونايتد في بريطانيا، وبرشلونة في اسبانيا، وبوكاجونيور في الارجنتين، وبايرن ميونخ في المانيا، والهلال في السعودية لم يأت تفوقها من فراغ فالنجاح الذي حققته باستمرار يرجع إلى اسباب كثيرة من اهمها التمسك بالروح الرياضية والايمان بالتنافس القائم على احترام قوة ومكانة الاندية الاخرى ومن ثم العمل الجاد المخلص تخطيطا وتدريبا من اجل تحضير الفريق للمنافسات.
ومن اسباب ذلك ايضا ان الداعمين لهذه الاندية يدعمونها بقوة بصرف النظر عن اسماء إدارة النادي,وإذا كان الهلال السعودي يختلف في تنظيمه كمؤسسة عن الاندية المشار إليها بحكم انه لم يدخل مرحلة التخصيص حتى الآن إلا انه تميز بأعضاء شرفه الذين يعملون بروح الفريق، ويدعمون الادارات المتعاقبة ويهمهم نجاح الهلال وتفوقه ولا يبحثون عن امجاد شخصية, كما ان جميع ادارات الهلال تعمل على الاستفادة من اعضاء الشرف ماديا ومعنويا، وتتيح الفرصة لاسلوب الادارة بالمشاركة مما جعل لاعبي الهلال يعملون في بيئة إدارية صحية ساعدتهم على النجاح والسيطرة الميدانية، لانهم اضافة إلى الاسباب المذكورة، يمتلكون مهارات فردية متميزة تؤهلهم دائما لكسب الجولات، وكسب تمثيل منتخب الوطن.
ومن عوامل تفوق الاندية في العالم ومنها الهلال ما تملكه من شعبية مسيطرة وهي واضحة بلغة الارقام ولا تحتاج الى جدل نظري فالشمس لا تحتاج إلى برهان لتؤكد شروقها.
وبلغة الارقام ايضا يأتي الحديث عن الانجازات والبطولات، وهذه هي الاخرى امور موثقة ولا طائل من الجدل النظري حولها.
ومن عوامل التفوق ايضا ان هذه الفرق المتميزة في العالم لا تفكر في الحكام والتحكيم، لأنها قوية ولا تحتاج إلى حكم يساعدها، كما ان الحكم الذي يدير المباراة لا يعمل لمساعدة احد فهو نزيه وعادل ويهمه نجاحه.
أما كونه غير ذلك فهذه تهمة لا تخطر ببال الفرق المتميزة لان الفرق المتميزة تملك من المواهب والامكانات الادارية، والتنظيم ما يجعلها تقدم اداء قويا في الميدان يكسبها احترام الجمهور، لانها اساسا لا تشغل نفسها بقضايا التحكيم وتركز جهود جنودها على الاداء الميداني وتحقيق التفوق الفني.
وتشترك الاندية المتميزة في كونها تمد المنتخبات الوطنية باللاعبين بصفة مستمرة.
أما الاندية الوسط او الصغيرة فهي تحاول اللحاق بالمتميزة، فإن سلكت السبل الرياضية المناسبة حالفها التوفيق وان لجأت الى أساليب خارجة عن نظم التنافس فإنها تستمر واقفة في مكانها لا تملك من القوة سوى الاقوال والتغني بالماضي ان كان لها ماض ناجح.
ومن الملاحظ ان بعض لاعبي الفرق المتوسطة والصغيرة وبسبب الشحن الاداري قبل اللقاء يلعبون بتوتر فاللاعب يتعمد اصابة لاعب الفريق الآخر (النجم) ثم يعترض وبقوة على قرار الحكم!!
وفوق ذلك يلجأ اللاعب العاجز او المتوتر إلى التمثيل لتعويض فشله وتغطية اخطائه، وضربه المتعمد للاعبي الفريق المنافس!
هذا اللعب غير النظيف يرجع إلى ان الاساليب الادارية المتبعة في النادي غير سليمة,, ونقول ايضا ان سر نجاح الاندية المتميزة في العالم ومنها الهلال هو وضوح الرؤية، وتحديد الاهداف والسياسات ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتفويض الصلاحيات، والعمل بروح الفريق، من اجل مصلحة النادي، وتقدير واحترام المنافسين،والتمسك بأخلاقيات الرياضة، وبمبادئ المنافسة مهما كانت النتائج.
والخلاصة، أن سر النجاح يكمن في بذل الجهود المتكاملة بين اعضاء المؤسسة الواحدة والابتعاد عن تبريرات الفشل، واسقاط اللوم في الاخفاق على مبررات خارجية لا علاقة لها بالموضوع.
ان الانشغال بالتبرير والاسقاط يعني ان الجهود لا تتجه في الاتجاه الصحيح ولو اتجهت إلى البناء وتحديد الاهداف بوضوح وتطوير اساليب العمل لكان لها نصيب من النجاح، وإذا لم تفعل ذلك فلن تلحق بالأندية المتميزة مهما كان حجم الورق المستهلك في المقالات والتصريحات,,, والله الموفق.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved