أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 11th January,2001 العدد:10332الطبعةالاولـي الخميس 16 ,شوال 1421

الاخيــرة

النساء في رحاب الحرم
فوزية عبدالله أبوخالد
كان أول من عمر أرض الله المقدسة وهي بعد واد غير ذي زرع امرأة منَّ الله عليها بأمومة الانبياء فكيف يمكن ان يضيق الحرم بسلالتها من النساء المرتادات بيت الله لا لهدف الا الركوع والسجود بين يدي خالق الرجال والنساء من نفس واحدة.
والى وقت غير بعيد يحكي النسوة المكيات المسنات ان الحرم المكي في صباهن كان فضاء روحيا حرا يلتقي مجاورات البيت العتيق عصر كل خميس في رحابه الطاهرة, يرفعن عن هاماتهن بشموخ الكعبة المشرفة غيوم السقوف الواطئة للمجال المنزلي الضيق، يغسلن بهدير شلالاته البشرية الواقفة بشتى لغات العالم شجن العمر وغبار المشاحنات اليومية الصغيرة مع الزوج والأولاد أو حتى مع النفس ويعدن بعد صلاة المغرب أو العشاء إلى دورهن ممشوقات بطاقات روحانية غامرة تعينهن على مواصلة السير عبر طرقات لم تكن معبدة, كانت النساء يغمسن حرقة الاحلام وحريرها عطش الاشواق وتشققات الاكف من مشقات المعيشة المتقشفة في بئر زمزم إلى ان يسيل ماء السكينة من اطراف ملابسهن المحتشمة الضافية في ضيافة الحرم, كان النساء يكحلن العيون بدموع الخشوع على اعتاب الكعبة المشرفة كن يضمخن الجوارح بمِسك الحجر الأسود وملمس الركن اليماني, كن يرفعن الأذرع ويغترفن بأكفهن الضارعة إلى من لا تضرع الاكف بحق الا لعظمته ويطلبن من منّ وسلوى السماء شفاء لشكواهن من تباريح الحياة, كانت وجوههن تعنو لفالق الحب والنوى في حاجة من حاجات الآخرة في طمأنينة وهدوء لايقضها الضيق المكاني أو النفسي بمجرد وجودهن خارج المنزل وان كان ذلك في فضاء بيت الله.
كان الوقت وقتها اقل زحاما والحرم اقل مرتادين هذا صحيح الا ان الأنفس كانت أكثر استيعاباً لما ساوى الله في التكليف الشرعي وفي الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء.
وتحكي اليوم سيدات مسلمات غير سعوديات ومنهن نسوة أوروبيات ومن اعراق اخرى تفضل الله عليهن بنعمة الاسلام انهن يجدن عنتا وضيقاً بوجودهن محرمات في الحرم بثياب الاحرام لمجرد انهن لايرتدين العباءة السوداء.
ذلك أمر سمعت عنه وهناك أمر آخر جربته بنفسي وهو ما يجده النساء من ضيق وتزاحم في الاماكن المخصصة للنساء وقت الصلاة, نظراً لقلة الاماكن المخصصة لصلوات النساء في اروقة الحرم, ولاي مرتاد لرحاب الحرم المكي بمكة المكرمة - يعمرها الله - ان يلاحظ ان عدد الاماكن المخصصة لصلاة النساء في الحرم لا يتناسب مع نسبة النساء المقبلات على بيت الله وخاصة في المواسم الشعائرية التي يقصد فيها الديار المقدسة الرجال والنساء من كل فج عميق.
وبما انه:


لايعرف الشوق الا من يكابده
ولا الصبابة الا من يعانيها

فلابد ان أحدا غير النساء لا يشعر باكتظاظ صفوفهن ومجاله الضيق الضنك حيث بالكاد يجدن موقعا للسجود مما يفسد عليهن لذة الوقوف على ارض مهبط الوحي وطمأنينة التواجد بين يدي الله في بيته الرحب الذي لايضيق بناص سواهن, ولو اننا بحسبة بسيطة نظرنا الى نسبة كل من النساء والرجال المرتادين للحرم ونسبة الاماكن المخصصة لكل منهم لادركن انها قسمة ضيزى واذ اننا لا نقول بتناصف الاماكن نظرا لكثرة الرجال على النساء في الحرم، فعلى الاقل تخصيص اماكن لصلاة النساء تتناسب مع نسبتهن ليؤدين الصلاة في سكينة وطمأنينة لاينغصها ضيق المكان بهن أو عليهن ولا تعرضهن لنهر أو تنفير لمجرد تواجدهن في مكان حلله الشرع للنساء كما حلله للرجال، حيث اقامة الحواجز ان هي الا اجتهاد لاتقاء الشبهات,, ان الحرم مكان مقدس جليل ويجب التذكر ان مرتاديه من الرجال والنساء يأتون من ارجاء الأرض قاطبة ومن خلفيات حضارية واجتماعية مختلفة وهم وان انتموا الى حضارات اخرى فانهم بحكم اسلامهم يشعرون أولا وأخيرا بالانتماء إلى حضارة الاسلام ولا اظن ان مرأى النفور في النساء وحجرهن في اماكن ضيقة على سعة الحرم وخاصة بعد التوسعة السعودية المتتالية يجعلهن مطمئنات على مسألة العدل في حقوق النساء.
وفي الحرم المدني بالمدينة المنورة تجد ان الأوقات المخصصة للنساء عند حياض الروضة الشريفة قصيرة وغالبا ما تنتهي بهجمة عارمة لتهجيجهن من ارض الروضة قبل رفع الأذان، وان كنا لانشك في منطلق الحرص والاخلاص الذي تنطلق منه هذه الاجراءات التنفيذية فإننا نقول ان اسلوب العمل يجب الا يقل نبلا وسماحة عن الهدف ولذا فلابد ايضا من التوسيع على النساء في وقت ارتياد الروضة وخاصة ان منهن من لا تتيح لها ظروف الترحال أو التنقل بمعاودة الزيارة كلما أرادت.
إنني اتوجه بهذه الملاحظات التي لا اظنها على بساطتها تقل اهمية عن القضايا الاخرى من شئون عمارة الحرمين الشريفين، يحدوني الامل ان تجد تجاوبا عمليا من معالي وزير الحج والاوقاف أ, اياد مدني كما آمل ان تجد صدراً رحباً من المسلمين عامة إذ لكل مواطن كما لكل مسلم ومسلمة حق إبداء الرأي في مثل هذه الأمور التي تعنى بالصالح العام دون ان يفترض احد بأنه حارس على الاسلام أو وصي على النساء المسلمات.
هذا ولله الأمر من قبل من بعد .

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved