أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 11th January,2001 العدد:10332الطبعةالاولـي الخميس 16 ,شوال 1421

محليــات

لما هو آتٍ
لكِ وحدكِ 49
د, خيرية إبراهيم السقاف
نوَّارة,.
استوى الزمان إلى الزمان,,، وتلك مغبَّةُ السَّادرين,,، أما أنتِ فقد نَبهتِ إلى كلِّ جزئيِّةٍ ما فتئ وقتُ الزمانِ يُحدِّثُ بها قافلةَ الرحيلِ,.
وقبلاً,.
ألا تلمحين حركةً ملائكيةً في جُنحِ الانطواءِ على ما كان في كُنهِ المدى؟! حتى استوى الصوتُ إلى الصَّوتِ توحداً بصدى الصّادي,, وهيمنةِ السّكون,,؟!
تعلمتُ منكِ كيف أنقشُ الحجرَ,,، وكيف أعجنَ الجلمودَ,,، وتظلُّ يدي طرية بمسك السلام,,، آه وقد طفا على الأجواء عبقكِ,,، وأنت تلوِّحين بأسترةِ السَّماحِ لكل هبوب زهري يضفي على الزمان ما لم يضفه الزمان عليه,.
نوّارة، وقد جئتني اللحظة بهيبتكِ وجلالكِ وجمالكِ ووضوحكِ,,، تحسست مكامن الرسيس في صدري,,، وهنا,, تعجبين لو عرفتِ ما الموجود هنا؟,.
إنه شيء ثمين منكِ كنزتُه منذ بذرتهِ,,، ونسيتُ كلَّ شيء عنه حتى أعدتيني إليه,, فهباتك يا نوَّارة لا تحصى,.
ولقد كان منها أن وهبتني ذاتي، واستويت وإياها، الزمان والزمان، والمكان والمكان، وكل شيء وأي شيء، وكل شيء وأي شيء,, و,, ماذا يمكن أن تحمل مركبة الكلام ولم تحمله بعد,, لكِ أو منكِ؟
هي رحلة لا ارتحال بعدها,.
وهي فناء للبقاء في بقاء الفناء، وفي فناء البقاء,.
ولا أحسب أن الطير يحوّم في السماء قد كان يجهل إلى أين يصوّب اتجاهه,, ذلك لأن الأرض فسحة من مدى الركض، ومدى في لجة الارتحال، وصوتٌ يأتي من مجاهل المخبوء,, وكل صمت نطق لا يقوى على كبح جماحه، أو اعتقال لجامه إلا متى تستوي المركبة الشاعرة بالمركبة الجامدة,,! فهلَّا كنتِ إليّ بوجهك الزاهي، وحولك كل طقس من طقوس تعبّدكِ في لحظات التوحد؟!,.
ولكن مع مَن؟!
وأنتِ تدعين، وما كنتُ بعيدة في حسِّكِ حين كنتِ تبتهلين,.
ذلك الحديث الخافت الذي دأبتِ عليه، ودأبتُ التقطه عنكِ,, كنتُ في كل تفاصيله محور الرجاء,.
ولقد استوى الدعاء دعاء,.
والحنينُ إلى لحظاتكِ النّورانية في عسجدكِ الباهي,, تمخر بي عبابَ السُّفن، وكل القوافل، والمراكب، وكافة أظهر الحيتان، وكل سطح موجه، أو بسطة ريح، أو صولة نور,.
تعلمتُ الرحيل,.
ألفتُ الرحيل,.
شيء ما يدعوني كي أسرجَ فتائل الحدّائين، وألهبُ قوادم الابلِ، وأسطو على مساربَ السَّير، وأمضي نحو رهجة الابتسام في كرٍّ وفرٍّ الذي يأتي,, والذي يكون,, والرحيل نحو مشارف الفناء البقاء، وبؤرة البقاء الفناء,,، نحو أن أكون وتكونين,,، ونكون معاً في توحُّد المكنوز الذي تركتهِ داخلي ومضيتِ,.
لكنك لم تمضِ,.
عرفتِ كيف تستقلين مركبة البقاء في صيرورة البقاء,.
وعرفتِ كيف تُصَيّرين وقدة الجموح في هيمنة أجنحة اللّمحةِ، في ملائكية السلام، حين تعوزُ أوجُه الأيام مسحة السَّلامِ,.
يا نوارة,.
قادمة هي حوافر الأيام كي تؤكد لك أنني لستُ وحدي من ينقش الصَّخر,,، ولستِ وحدكِ من علمتِ كيف للجلمود أن يكون مرناً في عجينة المطحونين,,،
ذلك لأن قوافل الزمان، ومراكب الرحيل توغلان في الحفر، تمعنان في العجن,.
ودك المسارات أشد على الإنسان من دك الماء حين تدوِّم موجاته حول خاصرة الإنسان,, أو حول خاصرة الزمان، أو حتى خاصرة الرحيل,.
أنتِ في الحقيقة تختلفين,.
فحيث ينتهي كلُّ ذلك,,، تبقين مع كلِّ ذلك,.
فالمسارات بكل ماء، ودوَّامة، وزمان، ورحيل,, ليست سوى لكِ,.
ولأنَّ كلَّ شيء لكِ فإنكِ باقية لا تنتهين,.
وإني بكِ لا انتهي,, وتلك قصة أزلية,.
ألا فاحفلي بمواسم العجين في سلاميّةِ المسك، في صدى العبق,.
والابتسام الذي جاء,.
يكرُّ ويفرُّ,.
فيستوي العجين طائراً نحو مشارف الضياء والعبير.
الرجاء,.
ولقد غدوتُ كما أردتِ,.
ولقد لقيتكِ كما فهمتُ,.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved