| الاقتصادية
لقد أصبحت المستقبلية نظاما له قواعده ومضامينه ومنهجيته, فيها وجب الشروع لرؤى صناعية خليجية موحدة واضحة المعالم ولها آليات عملية لمواجهة التحديات المتوقعة وللتعامل معها بموضوعية, فاعطيت للصناعة افضلية الدعم واولوية الموارد الاقليمية في الخطط الشمولية لدولها تحييدا للتحديات العالمية, وتبلورت بالفعل تلك الرؤى والتطلعات في عدة مؤتمرات مباركة, فالمنطقة متفائلة حالياً باحداث تغيرات هيكلية انتاجية تكون بمنزلة واجهة مشرقة لانشاء قطب انتاجي خليجي له مكانته على الخارطة العالمية، فهل ستشهد السنوات القليلة المقبلة تطورا نوعيا في القطاع الصناعي الخليجي المتكامل؟ وهل يمكن ان تصبح اهمية الصناعة في الاقتصاديات الخليجية كاهمية التجارة والزراعة والخدمات؟ ثم ما الذي يمنع دول الخليج الشقيقة من ان تكون دولا صناعية معروفة كغيرها من الدول الغربية؟ هل تنقصها المقومات الصناعية اللازمة لجذب الصناعة اليها؟ هذه التساؤلات تطرح نفسها هذه الايام ونعتقد انها خطوة عملاقة في المسار الصحيح نحو التكامل الاقتصادي والاجتماعي والامني لدول المجلس، فالقطاع الصناعي قطاع اقتصادي هام كأي نشاط جماعي يحول الاحلام الى واقع، وان كان القطاع الصناعي بدأ بخطوات جريئة الا انها ثابتة مدروسة انتقل فيها بنجاح الى مرحلة انتقالية جديدة صحية ظاهرة الملامح خاصة في التحسن الملحوظ في البنى الاساسية (المرافق والصناعات المساندة) والارتفاع المستمر في معدلات النمو والاستثمارات التنموية فيه واستطاعت دول المجلس خلال العشرين سنة الماضية وبدون استثناء رفع كفاءة وتأهيل العمالة الصناعية من تعليم وتدريب وابتعاث, وهذا بدوره يعكس بوضوح ان الاتجاه المتنامي الان هو التحول الى آلية موحدة لقطب صناعي استراتيجي متمم ومتواز لما تم تحقيقه في المجالات التنموية الاقتصادية الاخرى، ورغم كل ماتقابله الاستراتيجية الصناعية من فوارق تكنولوجية وزمنية مع المثيلة المنافسة العالمية الا انها تعاملت معها بكل اخلاص في توظيف الامكانيات والقدرات الطبيعية والبشرية بغية تضييق الهوة التكنولوجية ونفي الافتقار في استخدام معطيات التحولات التقنية الحديثة، فهي تعمل بمستويات افضل بكثير عما كانت عليه سابقا اذا ماقورنت بالمجلس عند بدء تأسيسه, وتمكنت خبراتها من الحصول على فرص الاستفادة من التطورات التكنولوجية العالمية عمليا إما في استغلالها في التطوير والتنمية وتسخيرها في خدمة النهضة الخليجية وإما في تقريب الفارق الزمني الحضاري بينها وبين الاخرين فكانت التكنولوجيا المستوردة لدول المجلس اختيارا موفقا فهي مقامة على مبدأ الاكثر تطورا والاكفأ اقتصاديا.
وفي الوقت الحاضر يتم التنسيق والترابط في توحيد التشريعات واللوائح النظامية الخاصة بالتبادلات التجارية وانتقال السلع اقليميا وتبادل المعلومات بين دول المجلس حول العقود والتسويق والانتاج وبشكل جيد مما سهل عمليات التصنيع مصحوبة ايضاً ببناء قواعد ومراكز بحثية لتطويع ومتابعة التحديث والتطوير العالمي، ورسمت الاطر الاستراتيجية والفنية بتسخير وتعبئة الموارد المالية للمشاريع ولرفع القوة الشرائية الخليجية وتوسيع السوق من اجل انجاز تنمية صناعية متكاملة بمعدلات سريعة تقابل الطلب الاستهلاكي العالمي والذي يساعد بدوره على استمرارية تقدم الصناعة في برامجها الانتاجية من ناحية والحيلولة دون وجود طاقات عاطلة عن الانتاج من ناحية اخرى, كما ان هذه المرحلة ستشهد خلق رابطة عضوية بين انتاج المواد الاولية الاقليمية من طرف وانتاج السلع الاستهلاكية من طرف ثان والذي يهدف في مستقبله تحقيق الاعتماد الذاتي ونفي التبعية غير المتكافئة مع دول الشمال (الفارق الزمني الحضاري).
وعموما فإن قيام صناعة خليجية موحدة يخلق ترابطا وتشابكا خليجيا حيث تصبح المشاريع تعتمد بعضها على منتجات البعض او تستفيد من وجودها المشترك باشكال متعددة مفيدة مما يعمل على زيادة الانتاج ورفع الدخل الخليجي مساهما في تطوير اقتصاديات دول المجلس.
وطالما الاتجاه حاليا نحو صناعة خليجية موحدة فهناك ثلاث طرق للتميز، فهي إما ان تقوم بانتاج سلع ذات قيمة اعلى للمستهلك (محليا كان او خارجيا) وإما خلق قيمة نسبية للمنتجات بتكلفة اقل من المنافسين او كلاهما ويمكن ان يتحقق التميز المنشود للصناعات الخليجية عامة اذا كان اداؤها في صورة افضل اداء من المنافسات الاجنبية وعملت في نفس الوقت على استمرار هذا التميز وحمايته من التقليد، وعليه فإن استراتيجية التنافسية (بالإضفة الى استراتيجية التصدير الموجودة) تعني ان تكون الصناعات الخليجية متميزة عن منافسيها وان تقدم مزيجا من القيمة للمستهلك يصعب محاكاته وباختيار انشطة صناعية تختلف عن انشطة المنافسين, فقد يكون الاختيار مركزا على قرارات استثمارية تقوم على تنويع وتشكيل المنتجات, وقد يكون التنويع مطلوبا حيث انه يعني هنا اضافة منتجات خليجية او خدمات لما تنتجه الشركات الصناعية العالمية حالياً بهدف الاستفادة من الفرص التسويقية المتاحة في الاسواق الخارجية، والتشكيل مرغوب فيه ايضا وذلك باضافة اشكال جديدة من المنتجات العالمية بدلا من تكرار انتاجها خليجيا، وكلها اختيارات وقرارات استثمارية ملائمة لقيام صناعات ثقيلة ذات تمويل رأسمالي كثيف، فكل البدائل واردة والفرص مواتية والمستقبل زاهر ان شاء الله.
|
|
|
|
|