| مقـالات
استعرضت في المقالة السابقة بعضاً من أبعاد وتبعات داء الازدواج في الثقافة العربية متخذاً من قيم الوفاء والصداقة محلياً وعالمياً نماذج لقراءة واستقراء ما خلقه هذا الازدواج من خلل ونقائص سلوكية أدت إلى تعميق الفجوة الضاربة بأطنابها بين المثالي المأمول والواقع المعاش، الأمر الذي ضخ المزيد من سموم الاغتراب! في عروق وشرايين الحياة الاجتماعية.
لقد ذكرت في المقالة السابقة انه من الصعوبة بمكان تشريح هذا الازدواج، فالخوض في مجاهل ومتاهات أسبابه وتراكماته وتبعاته,, وعليه فعليكم! عبء استقراء أسرار ما وراء أسوار! المثالي والواقع في الثقافة العربية,, ومن ضمنها ما هنالك من قيم وأمثال أوردتها في المقالة السابقة: أمثال من قبيل الصديق خير من ألف قريب ,, رب أخ لك لم تلده أمك ,, الصديق وقت الضيق ,, فأكثر ما استطعت من الصديق ,, احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة ,,
عدوك من صديقك مستفاد
فلا تستكثرن من الصحاب ,.
إن ازدواج قيم الوفاء والصداقة داخل أسوار الثقافة العربية قد طفح إلى خارج أسوارها فانعكس عليها سلباً بما أخذ عن العرب من صور نمطية سلبية، مما يؤكد ان ما يفشل في الداخل قمين بالفشل في الخارج، بل إن علاج ما في الخارج يبدأ من علاج ما في الداخل, ان صراعنا مع الصهيونية العالمية قد شهد مبادرات ومبادرات من قبل أفراد شرفاء من الغرب والشرق على حد سواء دفاعاً عن حقوقنا المغتصبة، ومع ذلك فقيم الصداقة والوفاء العربية لم ترد الجميل بمثله، ناهيك من أحسن منه، مما قادنا إلى خسارتهم، بل خسارة المزيد من التعاطف والتأثير عالمياً تجاه قضايانا المشروعة، حتى في أوساط ومجالات الفن والسينما العالمية خصوصاً في هوليوود! لم نعدم الاصدقاء، ومع ذلك فازدواج قيم ثقافتنا العربية لم تساعدنا بل خذلتنا في استغلال الفرصة لتأصيل صداقاتنا هذه فالحصول على المزيد من فهم وتعاطف ودعم الرأي العالمي لحقوقنا المغتصبة.
ليت الأمر قد اقتصر على عدم قدرة قيم الوفاء والصداقة في الثقافة العربية على خلق التفاعل الايجابي على أرض الواقع داخلياً، بل ان داء الازدواج الثقافي هذا قد ازداد تفاقماً وذلك بدليل ما استجد مؤخراً من تطور لم تعرفه قواميس قيم الصداقة والوفاء لدى العرب, إننا انتقلنا انحدارا من عدم رد الجميل لأهل الجميل إلى حضيض! خيانة من فعل بنا الجميل خصوصاً من الأجانب ، فتسليمهم إلى من يدفع الثمن المناسب، كقيام دولة عربية منذ سنوات ببيع رأس! كارلوس الفنزويلي إلى المخابرات الفرنسية، خصوصاً ان هذا الشخص رغم كل التحفظات قد أمضى سني عمره مناضلاً على مسارح قضايانا العربية! بل لعلكم تتذكرون الضجة التي أثيرت حول اليابانيين الأربعة الأبطال الأعضاء بمنظمة الجيش الأحمر الياباني الذين قضوا جل أعمارهم تحت التعذيب في السجون الإسرائيلية وذلك على اثر قيامهم بالعملية الشجاعة باللد الفلسطينية,, وكيف انهم اصبحوا بعد أن افرجت عنهم اسرائيل قاب قوسين أو أدنى من التسليم إلى اليابان,!
في المقابل، ماذا عن قيم الوفا لدى بني صهيون من مناصري قضاياهم,,؟ من منكم يتذكر مآثر وفاء اليهود الخونة طبعاً وتطبعاً! مع من وقف بجانبهم من أذناب الغرب، وخونة الضمير الانساني: كجين فوندا، واليزابيث تايلور، والمتطرف المسيحي بات روبرتسون، والضابط الأمريكي بولارد الذي تجسس على أمريكا لصالح اسرائيل فكشف عن العرب من المعلومات السرية الاستراتيجية/ العسكرية ما كلف الخزينة الأمريكية ما يقارب من أربعة بلايين دولار!,, بل من منكم يتذكر قصة الصبي الأمريكي اليهودي من أصل سوفياتي الذي هرب من أمريكا على إثر ارتكابه جريمة قتل إلى اسرائيل عام 1995,, إنه حتى هذه اللحظة لا يزال يعيش معززاً ومكرماً في اسرائيل رغم أنف تواصل الضغوط الأمريكية على اسرائيل سعياً وراء استعادته للمحاكمة,,؟!
في الختام: تساؤلات تقطر براءة! : إذا كان السموأل اليهودي هو رمز الوفاء في الثقافة العربية، فهل هذا يعني أن الوفاء يهودي أيضاً؟,, وهل هناك من سر لاحتلال الوفاء قائمة ثالث مستحيلات ثلاثة في الثقافة العربية الغول والعنقاء والخل الوفي؟! وأنى يوجد الوفاء ذرة وفاء! إذا استحال وفاء الخل؟! ,.
*للتواصل: ص ب 454 رمز 11351 الرياض
|
|
|
|
|