| فنون تشكيلية
يعتبر الفن التشكيلي أو فنون الرسم أحد العلاجات أو السبل لمعرفة أغوار النفس ووسيلة ناجعة لحل الكثير من المشاكل النفسية لملامسته المباشرة للوجدان باعتباره مجهرا كاشفا له ولكل مايؤثر عليه ولانطلاقه من قاعدة المشاعر المرهفة عند الانسان التي قد لايصلها مشرط أو منظار الطبيب.
والحقيقة ان الموضوع يحتاج إلى مساحة كبيرة ومراجع علمية وطبية للتعرف بشكل أوسع على هذا الجانب في امكانية العلاج بالفنون ولهذا فنحن لسنا بصدد بحث أو دراسة وانما سأذكر فقط ما يلامسه معلمو التربية الفنية من مواقف وحالات نفسية عند تلامذتهم وكان لي تجربة طويلة في هذا المضمار وقت تدريسي للمادة.
ورغم ان الغالبية من الناس وعلى مختلف ثقافاتهم مازالوا غير مقتنعين بهذا الأمر ووصل انعدام القناعة إلى نوعية من المسؤولين عن هذه المادة من غير المتخصصين بها مما أوجد فجوة بين مايعرفه المقربون منها وبين أولئك المتصدين لها والمعتبرين لها من المواد الهامشية.
ففي مادة التربية الفنية أومادة الرسم كما يسميها البعض رغم صحة التسمية الأولى وهي التربية عن طريق الفن ومن خلال تدريسها للطلاب ما يحل الكثير من المشاكل ويكشف العديد منها لمن يعنيهم أمر مشاكل الطلاب والتلاميذ العائدة من ظروف أسرية او اجتماعية وكثيرا ما استخدمت مادة الرسم في علاج تلك الحالات مما جعلها إحدى ركائز العلاج النفسي على المستوى العالمي وفي المؤسسات المعنية بهذه النوعية من الأمراض خصوصا عند الأطفال والشباب والأمثلة كثيرة عودا إلى معرفة معلم التربية الفنية المتخصص والمتمكن من مادته والملم بسيكولوجية رسوم الأطفال وتحليل رموزها الخطية واللونية مما يجعله يتعرف على حالة الطفل بما ينتج عنه من رسوم تحمل المعاني والمؤثرات منها المستقرة وغير المستقرة مما يمكن المعنيين والمختصين وعبر المادة أيضا من إعادة التوازن وتقويم السلوك وزرع الثقة في نفس الطفل بين اقرانه عبر توظيف ملكات الإلهام الفاعل والمؤثر في تكوينه الذهني بجانب تنمية مهاراته الابتكارية والإبداعية وتقويم نظرته المتفائلة للواقع بزاوية جمالية.
ومن الأمثلة ما نختصر ذكره تقديرا للمساحة المتاحة وما يتوصل إليه معلمو التربية الفنية من تلك المواقف والقضايا النفسية غير الظاهرة ومنها الخلاف الأسري بين الآباء والامهات وما يثيره من رد فعل في نفسية الطفل ويصبح في حيز مختزله العقلي والوجداني حتى يأتي مايحرضه على الخروج للواقع وهو الرسم دون شعور لا يعرف سرها إلا العارف لفلسفتها الفنية كما نجد من الحالات التي كشفتها هذه الوسيلة من وسائل التعبير حالات الانطواء وافتقاد الثقة بالنفس نتيجة مؤثرات مشابهة للسابق ومايعيشه الطفل من استبداد الآخرين في أفراد العائلة أو زملاء الصف أو حتى من المعلمين.
كل تلك الأمور وغيرها كثير فيه من السرية ما يمنع الاستشهاد به تكشفها اللوحة الفنية التي يرسمها الطفل قبل دخوله المدرسة وبعدها تطبيقا للمراحل التي يمر بها انطلاقاً من أول لحظة يمسك بها القلم والألوان وحتى مرحلة النضج مروراً بالمراهقة وقد استطاع العديد من المعلمين الوصول إلى ابعاد تلك المشاكل واشاروا إليها للمختصين في علاجها من المشرفين الاجتماعيين وخرجوا بنتائج محققة للهدف وهو العلاج.
كما ان في ممارسة أولئك الأطفال أو غيرهم ممن لديهم مشاكل نفسية للرسم ما جعلهم أكثر تفاعلا مع العلاج والمعالج وذكرت العديد من الدور المتخصصة في هذا المجال احصائيات تؤكد ذلك على المستوى العالمي.
كل هذا الاستعراض المختصر دفعني لكتابته حديث دار بيني وبين أحد الأحبة من مشرفي التربية الفنية حول دور مدرس المادة ومستوى قناعته بها في هذه المرحلة التي أصبح الكثيرون يرون فيها الفائدة مقابل ما تعيشه من تدني فهم المسؤولين عنها واعتبارها عالة على المنهج باحثين عن سبل استبدالها مما يعني ان الدور أو الكرة في مرمى المعلمين لاثبات فاعليتها التربوية والعلاجية ايضا كعلم وليس كترفيه.
في بيوتنا مبدعون:
نعم في كل بيت من بيوتنا ممن رزق أهله بأطفال نجد فيهم المبدعين مهندسين ورسامين وأطباء إلى آخر المنظومة أولئك هم الأطفال القادمون بمواهب فطرية تولد معهم وتوأد بعد ولادتهم من قبل أولياء الأمور آباء وأمهات.
فالموهبة والذكاء يحتاجان للتنمية والرعاية وإذا لم نحسن تربيتهما ورعايتهما يموتان في مهدهما وهذا الأمر لايتوقف عند هذا الحد بل يستمر للمؤسسات التعليمية التي مازالت تردد شعارات الاهتمام بالموهوبين ولم نر لها أي طحن أو عجين ونحن هنا لانعني الفن التشكيلي أو الموهوبين فيه رغم ان في وجوده عند الطفل مايعني الاثر الذي يدل على المسير, أعود للتأكيد على أهمية الأسرة أولا والتي نحن في حاجة لتوعيتها التوعية المكثفة للأخذ بمواهب ابنائها والتعريف بها للجهات المتخصصة ابتداء من المدرسة ووصولا إلى مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين التي تنتظرهم.
|
|
|
|
|