| العالم اليوم
مثلما أشرنا في العديد مما كتبناه عن مبادرة الرئيس الامريكي المنتهية ولايته كلينتون من أنها تحتاج إلى معجزة لتحقق اهدافها والتي تتمثل في اقناع الفلسطينيين بتوقيع اتفاقية استسلام باسم السلام هدفا اساسيا اضافة إلى اجهاض الانتفاضة الفلسطينية كهدف أولي، وبما أن هذا العصر ليس بعصر المعجزات، كما ان الفلسطينيين ليسوا بالسذاجة ولا بالضعف اللذين تصورهما كلينتون وادارته والاسرائيليون الذين أوحوا له بأفكار المبادرة، فقد انتهت المبادرة الى الفشل، وحتى محاولات اجهاض الانتفاضة من خلال فرض اعادة التنسيق الأمني على الفلسطينيين والذي كانت آخر محاولاته ما جرى في القاهرة بعقد اجتماع رباعي للقيادات الأمنية والاستخبارية الفلسطينية والاسرائيلية بحضور مصري وامريكي تمثل في رئيس وكالة الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان، حتى هذه المحاولة انتهت الى الفشل اذ طالب الفلسطينيون وقبل البحث عن اي شيء عن وقف الانتفاضة أو ما يسميه الاسرائيليون والامريكيون بوقف العنف طالبوا وأيدهم في ذلك المصريون بسحب القوات الاسرائيلية من الأراضي الفلسطينية التي تديرها السلطة الفلسطينية ووقف العدوان والاستعمال غير المبرر للقوة العسكرية والعنف الوحشي للقوات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني واعادة الدبابات الى ماوراء ما يسمى بالخط الأخضر ووقف استعمال الطائرات المروحية، ولأن الاسرائيليين لم يستجيبوا لهذه الطلبات، وعجز الامريكيون عن ممارسة أي ضغط على الاسرائيليين اذ كان همهم وقف الانتفاضة أولاً فقد فشل الهدف الثاني لمبادرة كلينتون.
ومبادرة كلينتون التي اشغلت الدوائر السياسية في المنطقة والشعب الفلسطيني رغم سلبيتها إلا ان لها ايجابيات لعل من أهمها تحرر السلطة الفلسطينية من أوهام الاعتماد على ادارة كلينتون بصفة خاصة والامريكيين بصفة عامة في مساعدتهم على اعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة، وهذا ما أخذ يظهر في أقوال وتصريحات قادة السلطة الفلسطينية التي أخذت تتوالى في الأيام الماضية والتي كان آخرها قول العقيد محمد دحلان بعد فشل الاجتماع الامني الرباعي اذ يؤكد بأن الدور الذي لعبه ويلعبه الامريكيون في الاجتماعات الأمنية هو دور يتلاءم مع الدور السياسي الامريكي الذي لم يكن يوما ما منصفا للجانب الفلسطيني رغم انه يعد ضروريا,, وأعرب عن اعتقاده بأن هذا الدور لن يكون منصفا في المنظور القريب رغم الحاجة اليه لكشف حجم وادعاءات وأكاذيب اسرائيل.
وأكد العقيد دحلان ان الانتفاضة ماضية في طريقها لتحقيق أهدافها الوطنية,, مشيراً الى ان الشعب الفلسطيني لم ينتفض لتحقيق ظروف معيشية,, ولكنه انتفض لانه ضاق من الاحتلال على مدى خمسة وثلاثين عاما كما أنه ضاق من المفاوضات على مدى سبع سنوات.
وهكذا فإن مبادرة كلينتون ستكون اضافة ايجابية للانتفاضة الفلسطينية اذ ستقويها أكثر خاصة بعد أن ساهمت في معالجة الوهم الامريكي وعرّته تماما.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|