| الريـاضيـة
أتت كلمة أجنبي في اللغة من منطلق اجنب أو باعد والمجانب هو المباعد وجنبه الشيء بمعنى نحاه عنه ومنه قول الله تعالى واجنبني وبني أن نعبد الأصنام والغريب في الأمر فإنه على الرغم من أن مفهوم الأجنبي في اللغة العربية ينطلق أساساً من الابتعاد إلا انه لا يصل إلى درجة الغربة أو مفهوم الغريب فالصاحب بالجنب هو صاحبك في السفر والجار الجنب هو الذي جاورك ونسبه في قوم آخرين.
وعندما كنا على مقاعد الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية كانت التسمية الرسمية المطلقة على جميع الأجانب بForeigner أو فورينر, فيقولون طلبة أجانب Foreigner students وعندما ينادونك بالفورينر فهم يعيرونك, فالكلمة أصلاً وحسب قواميس اللغة الإنجليزية تعني الغريب.
وعندما عشنا في انجلترا وجدنا أن الإنجليز اكثر تهذيباً من الأمريكان خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع مفهوم الطلبة الأجانب, فالإنجليز لا يستخدمون مفهوم فورينر مع الطلبة وإنما يطلقون عليهم Oversees students أو طلبة من وراء البحار.
وسوف يكون المفهوم جميلاً إذا تذكرنا بأن بريطانيا محاطة ببحار ولكنه سيكون غير ذلك إذا أدركنا مدلول الغربة والبعد في مفهوم وراء البحار, ولذلك تظل لغتنا العربية أجمل وأكثر تهذيباً خاصة فيما يتعلق بهذا الموضوع.
نعتذر للقراء الكرام على هذه الجرعة اللغوية ونعود إلى عنواننا وموضوعنا الرئيسي وهو مطالبة البعض مؤخرا بالاستعانة بالحكم الأجنبي لإدارة مباريات الدوري المحلي لدينا, وإذا كان البعض من الكتاب والمتابعين طالبوا بذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة فإن أبرز من دعا إلى ذلك فاكهة الرياضة السعودية وخبيرها ومخضرمها الأمير عبدالرحمن بن سعود رئيس نادي النصر, وإذ كان الأمير عبدالرحمن بن سعود قد أورد في مقابلته الصحفية مع جريدة الرياضية يوم أمس الأول الكثير من الأفكار والمقترحات النيرة والمهمة لتطوير كرة القدم خاصة والرياضة السعودية عامة، ولكنه أخطأ وغلطة الشاطر بعشرة كما يقولون عندما دعا إلى الاستعانة بحكام أجانب.
فالأمير عبدالرحمن يقول نحن لدينا ثقة في لاعبينا ومع ذلك نستعين بلاعبين غير سعوديين ولدينا الثقة في مدربينا الوطنيين ومع ذلك نستعين بمدربين غير سعوديين,, ما الذي يمنع ان نستعين بحكام أجانب!! انتهى كلام الأمير عبدالرحمن دون أن يكمل الجملة المنطقية والتي توضح الواقع.
ولذلك سنعيد كلام أبي خالد بالشكل التالي نعم لدينا ثقة في لاعبينا وفي مدربينا ولدينا ثقة ليس لها حدود في حكامنا .
وهنا قد يلزم توضيح بعض النقاط الخاصة بالاستعانة بالحكام الأجانب, فالأندية السعودية عددها مائة وثلاثة وخمسون نادياً وإذا اعتبرنا ان كل ناد يحتاج إلى ثلاثة مدربين على اقل تقدير لجميع الدرجات سنكتشف أننا نحتاج إلى أكثر من أربعمائة مدرب بالإضافة إلى مائة آخرين للهيئات والمؤسسات والشركات الحكومية والأهلية وغيرها وهو عدد باهظ, وبالإضافة إلى ذلك فنحن لا نبرئ ساحة آليات وإعداد المدربين الوطنيين والتي ما زالت بدائية ومحلك سر.
والاستعانة باللاعب الأجنبي أمر طبيعي ومعمول بها في جميع بلدان العالم وذلك لتنوع مراكز اللعب ولحاجة الكثير من الأندية إلى مواهب وقدرات رياضية معينة في مراكز معينة الامر الذي يضطرها إلى اللجوء إلى جميع الأسواق الداخلية والخارجية, بالإضافة إلى ذلك فهنالك تبادل وتناقل خبرات رياضية.
وإذا نظرنا إلى خارطة العالم فإننا سنكتشف أن هنالك القلة النادرة من الدول التي تستعين بحكام أجانب, وهذه الدول تنقسم ثلاثة أقسام, إما ان لديها بعض المشاكل المستديمة ولذلك استعانت بحكام كما هو معمول به في بعض الدول الشقيقة ولكنها وللاسف ما زالت تعاني من نفس المشكلة.
والقسم الثاني دول حديثة العهد باللعبة وليس لديها حكام كفاية وتستعين من الدول الصديقة ببعض حكامها للمساعدة في إدارة مبارياتها, وحمدا لله فإن حكامنا هم من الحكام الذين تستعين بهم بعض هذه الدول, والقسم الثالث هو تجسيد لاتفاقيات مشتركة كأن يدير حكام من إنجلترا مثلا بعض مباريات الدوري السعودي وفي المقابل يدير بعض الحكام السعوديين مباريات من الدوري الإنجليزي وهذا النوع الأخير هو عمل مطلوب وممارسة حضارية لما لها من فوائد للطرفين.
والأمير عبدالرحمن يعرف مساوئ بعض الحكام الأجانب التي قد يكون أضعفها وأقلها ما فعله الحكم الأجنبي بدري قايا حسب ما ورد في ثنايا الشرح للدعوة إلى الاستعانة بالحكام الأجانب من قبل الأمير عبدالرحمن كما أن الأمير عبدالرحمن عرف عنه مناداته بسعودة لجنة الحكام عندما كان أحد الأجانب عضواً بارزاً فيها وهو الكلام الذي ورد كذلك في نفس الشرح,
إذا طاح الحكم كثرت سكاكينه
لم تكن الأحداث الأخيرة التي كان من أبرزها حل لجنة الحكام الرئيسية في اتحاد كرة القدم وإيقاف حكم المباراة بغريبة فلقد كانت قرارات من قيادة حكيمة جاءت في وقتها وقد تكون نقطة الغيث التي يتبعها المطر في سبيل تطوير الرياضة السعودية أو خطوة جبارة نحو عمليات تسوية العود ليستوي الظل وكما يقولون فالأرض التي لا تحرث لا يخرج لها زرع .
على أية حال فالأحداث التي حدثت طبيعية وتحصل في الدول الأوروبية الكثير من الأخطاء أو التقديرات الخاطئة للحكام والتي تتسبب بمشاكل طويلة ومتكررة, فالحكم بشر قد يخطئ وقد يصيب سواء كان سعودياً أو إيطالياً أو غيره, والحكم القدير محمد السويل ليس أول من أخطأ فالحكام لدينا ولدى الدول المتقدمة يخطئون بشكل مستمر وواضح.
ومن وجهة نظر محايدة فنحن ليس لدينا علاقة لا بالنصر ولا بالهلال ولا بأي ناد آخر فالحكم أخطأ وارتكب أخطاء قد تكون كبرى ونال جزأه ثم إن اللجنة أخطأت كذلك ونالت جزاءها.
فما دواعي هذا الهجوم المستمر عليهم وما دواعي هذا التجريح الشخصي الغريب؟ أليسوا جميعا منا ومن جلدتنا ,,؟
أليسوا بشراً؟!
ألم يخدموا الرياضة والوطن فترة من الزمن ,,, ؟!
ثم أليس من المتوقع الاستفادة منهم مرة أخرى؟! لقد صدق الذي قال إن الجمل عندما يسقط تكثر السكاكين عليه!! .
إذا كانت بعض الأقلام ومن منطلق أن ليس لديها شيء تكتب عنه حاولت النيل من بعض أبناء الوطن وقدراتهم حتى لو حدث خطأ فإن ما يدعو للاستغراب هو قيام رؤساء الأندية بانتهاج نفس الأسلوب فالعتب كل العتب على رئيس نادي النصر الأمير عبدالرحمن بن سعود ورئيس نادي الهلال السابق الأمير بندر بن محمد فنرجو ان يكون لهم عذر لكي لا نلوم,,,!!
د, خالد عبدالله الباحوث
|
|
|
|
|