عزيزتي الجزيرة:
الناس أجناس بل ثقافات
والناس معادن منهم من معدنه أصلي يلمع بريقه كالذهب لايختفي لونه ولايتغير والبعض معدنه مغشوش فتارة يلمع ويزداد بريقاً وتارة يخفت بريقه وكأنه قد علاه شيء من عوامل الجو المؤثرة كحبات الندى مثلاً فزادته رطوبة وجعلته يصدأ ولكنه إذا نظف وحسن يرجع إلى لمعانه وبريقه, والبعض أرخص من الصفيح إذا ان معاملته مع الشخص فقط وقتية زمنية أي انها تذهب مع فراق الأبدان عن بعضها البعض.
فبعض من الناس لو وضعته على جرح أوهمت نفسك بأن جرحك قد برىء.
والبعض الآخر لو وضعته على جرحك لاعتقدت بأنه زاده ألماً وسقماً إلى سقم.
هؤلاء هم الناس أجناس ومعادن قل الصاحب الوفي في هذا العصر وندر، بل أصبح من الأشياء النادرة والفريدة في هذا الزمن.
لماذا يا ترى,, لماذا؟ لأن الصحبة أُنبنت على مصالح كما يقول العوام (شيلني واشيلك).
ولم تكن تلك المحبة لك وفي الله إنما كانت من أجل مصالح ومنافع فيما بينهم, إذا انتهت تلك المصالح والمنافع انتهت معها المحبة والعلاقة.
وتكون البلاد البهية الجميلة في طلعتها شر البلاد إذا لم يكن بها صديق يؤنسه في وحشته, ويتبادل معه الحديث ويمازحه ويفضي له بهمومه ويزيل عنه الكبت والهم وهذا ما رآه أبو الطيب المتنبي عندما قال:
شر البلاد بلاد لاصديق بها
وشر مايكسب الانسان مايصم
ولكن الديار الذي يحببها للنفس اكثر من جمالها هم الناس انفسهم والأصدقاء الذين بأخلاقهم وبمعاملتهم يكونون سفراء ديارهم.
كما حصل لقيس بن الملوح عندما مرَّ على ديار محبوبته ولم يجد أحداً وقال في ذلك:
وماحب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديار
فالحب كان لأهل الدار وليس للدار نفسها.
والإمام الشافعي يحذرنا من صحبة المصالح والمتكلفين في تعاملهم وينصحنا بمفارقتهم وعدم مصاحبتهم فيقول: