| متابعة
تطرح بعض الصحف القضايا الاجتماعية بأسلوب أكثر صراحةً، ووضوحاً مما تعودت عليه الصحف على وجه العموم,,, والناس كانت تحسب أن في أسلوب المواجهة والصراحة وتداول الرأي والنقاش فيه، وإتاحة الفرص للقراء إلى جانب الكتَّاب للمناقشة الإعلامية للظواهر الاجتماعية فيه حرج,,,، وتتعمَّد لذلك اللجوء إلى أساليب الرمز والإشارات الخاطفة والحوم حول الحمى دون ولوجه أو على أسوأ افتراض عدم الكتابة فيه أو التعرض له من باب سد الأبواب حرصاً على عدم التعرض لما تؤدي إليه الأبواب,,,.
ويبدو أن هذه الحسابات خاصة بالكتَّاب أنفسهم، وبرؤساء تحرير الصحف بأعينهم، وأن السياسة الاعلامية الرسمية لاتمنع تداول الرأي بوعي، وطرح القضايا الإجتماعية بما يفيد، وبثَّ الوعي وبناء الإنسان من خلال الأفكار الجيدة، بالأساليب التي تتجنب إثارة الحزازات الاجتماعية، أو هتك الستر عن أصحاب السلوك المحتاج إلىعلاج أو توجيه، إذ في كل ما يفيد الإنسان ماهو مسموح، وفي كل ما يضر بالإنسان ماهو ممنوع منع أدب هو الدعامة الأساس في خلق الإسلام,.
ولأن حديث الناس الآن كيف تطرح صحيفة كالوطن محلية القضايا الاجتماعية بجرأة لا توجد بل لا تتحلَّى بها الصحف الأخرى، ولا يمارسها كتَّابها بمثل ما يمارس كتَّاب الوطن هذه الموضوعات؟ الأمر الذي جعل الجميع يتساءل كيف يكون هذا الأمر؟ فيه ما يؤكد أن الموضوع لايرتبط بسياسة إعلامية تُفرَض على صحف وتتجاوز عن الأخرى، وإنما هو توجُّهٌ يخص كلَّ صحيفة ولأن الجميع تعوَّد هذا النهج فقد غالى بعضهم، فيه، ومرن بعضهم واكتسبه في المبادرة من جاء حديثا إلى الساحة الإعلامية,, وكسب بذلك أولوية المبادرة.
وليثق الجميع أن أحداً لم يوح إليَّ بكتابةٍ مثل هذه ترفع عن كاهل وزارة الإعلام تهمةً تحوك في صدور كلِّ الذين يقارنون مرونة الكتابة في صحيفة، وصعوبتها في صحف أخرى، وإنما إمعاناً في التأكيد بأن كلَّ قلم يتحرَّى الصدق ويهدف إلى المصلحة العامة في غير إسراف مخل بقواعد التعامل المنبثق من قيم المجتمع وثقافته وأبنيته الاخلاقية فإن ضوءاً أحمر لن يقف أمامه، وإنه قادر على فكّ طلاسم رموز ما يلجأ إليه كي ينقد أو يوجِّه,,.
ولعله الوقت الذي يحتاج إلى تغيير مواقف رؤساء التحرير من الأمور الاجتماعية التي بدأت تتأثر بمتغيرات المؤثرات في أبنية السلوك الجمعي والفردي من خلال الانفتاح الإعلامي القائم الذي سبق التحرُّج بشأنه عندما طُرح التساؤل قبل سنوات قريبة وقبل تحول فضاءاتنا النقية إلى بوتقات وأفران لطبخة الإعلام الخارجي العالمي في فضائياته العديدة,.
وكان السؤال يدور في محاور ماهي الآثار التي سوف تعكسها هذه الانفتاحة ، أو ذلك الاندماج,؟ ولعل المنظِّرين من علماء الاجتماع، والنفس، ومن المفكرين والمحللين قد تضاربت بهم السبل ولم يتوصلوا في حينها إلى موقف جازم، إذ كان الواقع أكثر جزماً وأشد وقعاً,,.
ولأن بواعث وعوامل التأثير من القوة بحيث تكون لها آثارها الاجتماعية في الأفراد في ضوء عدم وجود حصانات دقيقة ومكينة في أساليب التربية الأسرية والبيئية وظلَّ الناس لم يوفروا ترسانات تربوية ذات أسس قوية تقوم على أسلوب الاقناع والإفهام,, بل ظلت أساليب التربية بالقوة والفرض أو بالتسيب والتدليل فإن سلوكاً اجتماعياً طرأ على الجيل بين مده وجزره في أخذه وعطائه وفيما يتلقى في البيت والمجتمع والمدرسة وفيما يتلقى من الوافد بكل وسائل الوفادة,,, فإن ما يطرأ على المجتمع من مثل أحداث الشغب والجريمة في الرياض/ وجدة خلال الأيام الماضية لاتحتاج إلا إلى مناقشات واعية,, قادرة على التحليل والاستقراء ومن ثم التنبؤ بأساليب يمكنها من درء مثل هذه الأحداث,,, باجتثاث دوافعها من جذورها.
لذلك يبدو أن على رؤساء تحرير الصحف فتح الضوء الأخضر لكتَّابهم لمناقشة واعية وتناول صريح لايخرج عن نطاق الهدف منه لكلِّ الموضوعات الاجتماعية والفكرية في شيء من المرونة,, التي لاتمنعها السياسة الإعلامية,, كما ثبت بل تتيحها، وخير دليل على ذلك ما تطرحه بعض الصحف ويُمكَّن منه كتَّابها,, مما يؤكد براءة المسؤول عن تهمة التحيز لصحيفة دون أخرى.
وحريةً للتعبير وتأكيداً لهذه الحرية.
فإنني أثق أن رئيس التحرير خير من سيمنح هذا المقال الضوء الأخضر إمعاناً في ثبات براءته.
|
|
|
|
|