| الاقتصادية
لا نستطيع ان نتخيل اقتصادا ناجحا وبالتالي بلدا متطورا بدون بنوك ناجحة ومتطورة, فالبنوك هي عصب الاقتصاد والدينمو المحرك له، ولذلك فإن نجاحها وازدهارها وتقدم خدماتها وتحسنها وتوفر تلك الخدمات لكافة الأطراف المتعاملة والمستفيدة من البنك هي دلالة واضحة على درجة النمو التي وصل اليها ذلك البلد الذي تتواجد فيه تلك البنوك.
فالبنوك كما يعتقد البعض لا ترتبط فقط برجال الأعمال ومصانعهم وشركاتهم، بل هي ذات مساس بكافة أفراد المجتمع ومؤسساته, مما يعني ضرورة أن ترقى البنوك الى مستوى تطلعات المجتمع كما وكيفا، إذ لابد أن يتواجد العدد الكافي من البنوك الذي يفي باحتياج المستفيدين سواء كانوا رجال أعمال أو أفرادا يبحثون عن مكان لسداد فواتيرهم الخاصة، كما أنه لابد من توفر وتنوع الخدمات بالكيفية التي ينشدها المستفيد، آخذة في الحسبان ظروف ذلك المستفيد ووقته وراحته وضرورة خدمته بالطريقة المناسبة.
وهذا يعني أن انتشار البنوك وتزايد اعدادها وايجاد المنافسة بينها وسيلة هامة بل ومطلب اساس لتوفير الخدمات المنشودة, إلا ان الملاحظ ان أعداد البنوك لدينا يتناقص بين وقت وآخر.
حيث بدأ ذلك التنافس بعملية الالتهام المعروفة والتي سميت في حينها اندماجا ثم تلتها عملية التهام أخرى سميت اندماجا أيضا.
وبغض النظر عن التسمية فإن المحصلة النهائية هي تناقص عدد البنوك وتقلص فروعها وبالتالي ضعف خدمة التواجد المكاني التي أشرنا اليها سابقا وحينما يحدث مثل هذا تقل المنافسة وبالتالي تتلاشى الدوافع التي تجبر البنك على تطوير خدماته والاهتمام بعملائه من مبدأ أنهم مضطرون للتعامل معه بغض النظر عن مستوى ما يقدمه من خدمات.
إن مناسبة هذا الحديث هو ما نقرأه بين وقت وآخر من تصريحات واشارات لمسؤولين كبار في بنوكنا حول ما يدور في الكواليس من نوايا اندماجات وتحالفات بين بعض البنوك.
وهي تصريحات بدأت تتكرر وتزداد حراراتها بل ومستوى المصرحين بها, وهي توجهات اذا ما تحققت على أرض الواقع فانها ستكون خطوة واضحة نحو تقلص عدد البنوك وبالتالي تلاشي فروع الكثير منها مما يعني حتما التأثير السلبي على ما تقدمه من خدمات.
إن الجميع يدرك ان ما يحصل بين البنوك والشركات بل ومنشآت القطاع الخاص بصفة عامة من اندماجات واستحواذات ليس إلا سيرا في خط الاقتصاد الحر، وهو أمر لا يعترض عليه في الغالب أحد.
ولكن حينما يزداد السير في ذلك الاتجاه وما قد ينتج عنه من تأثير على الخدمات التي تقدم للمستفيد فإن مبدأ اتباع الاقتصاد الحر لا يمنع من مراجعة ذلك التوجه وتقييمه كما تفعل الدول الكبرى التي أدخلت مبدأ الاقتصاد الحر الى السوق من منع بعض الاندماجات أو التحالفات التي قد تؤدي الى التأثير على الصناعات التي تتم فيها تلك الأساليب.
إن هذا يعني ضرورة ان تنظر الجهات المسؤولة وتحديدا مؤسسة النقد ووزارة التجارة الى تلك التصريحات ونوايا الاندماجات نظرة جادة وتمنحها ما تستحقه من التحليل والدراسة للوقوف على نتائجها وآثارها على المجتمع بمؤسساته وأفراده، والأهم من كل ذلك معرفة الهدف من تلك التوجهات وهل هي رغبة من تلك البنوك في التنافس واستقطاع أكبر حجم ممكن من الكعكة المحلية أم هي استعداد وتقوية لعضلات هذه البنوك كي تكون جاهزة حينما يفتح المجال أمام البنوك العالمية التي تتصف بشراسة المنافسة والتقرب من العميل من أجل كسبه وارضائه بكافة الطرق.
kathiri@zajoul.com
|
|
|
|
|