| تحقيقات
*
* تحقيق: فارس القحطاني-غازي القحطاني
يعد حي النظيم شرق الرياض من أبعد الأحياء عن قلب العاصمة والأقل حظاً للخدمات الضرورية للعيش، وعند الدخول الى النظيم من أول وهلة تعود بك الذاكرة الى الوراء حيث الشوارع رملية والاضاءة معدومة والخدمات مفقودة، ولم يكن حي النظيم وليد فترة زمنية قريبة بل من أقدم الأحياء وبالمثل نجد بعض الأحياء الحديثة وصلت اليها الخدمات في فترة زمنية لم تصل حي النظيم رغم عمره الزمني الذي يفوق العشرين عاما.
فالبلدية والدوريات الأمنية ومصلحة المياه لم تقدم للحي أو سكانه الخدمات المنتظرة رغم تقدم عدد من السكان برفع الشكاوى للجهات ذات الشأن ولكن دون جدوى.
الجزيرة قامت بجولة في هذا الحي الذي يطل على استاد الملك فهد الدولي شرق الرياض وأجرت حوارات ولقاءات مع عدد من سكان الحي لنقل معاناتهم ومطالبهم وفيما يلي هذه اللقاءات.
بداية التقينا بالعم ابو مرضي وهو من قدامى سكان حي النظيم وحدثنا عن ما ينقص الحي حيث قال: بأن النظيم شوارعه في حاجة ماسة للرصف والانارة وبأن هناك شوارع عرض 30م و100م لم يتم تعبيدها الى اليوم رغم توقيع عقود رصفها وانارتها منذ عام 1417ه وبأن الشركة المقاولة اكتفت بوضع الحواجز الخرسانية في أول مدخل الحي، كما ان البلدية منذ سنة تقريباً لم تعد كسابق عهدها فلم يعد هناك عمال نظافة مترجلون يسيرون بين الأحياء لتنظيفها وازالة مخلفات سيارة البلدية بعد التفريغ لأن هناك شركة جديدة هي التي استلمت مقاولة تنظيف الحي ولكن بلا جدوى لأن الشركة السابقة كانت أفضل بكثير ونحن نعاني من تراكم القمامة في الحاويات لمدة تصل الى أسبوع دون حراك من قبل شركة النظافة.
أزمة الصرف الصحي
كما ان صهاريج الصرف الصحي تزيد من الأمر سوءا حيث تقوم بشفط المجاري ولكنها تعاني من عدم سلامة الصهريج من التشققات فتجد مياه الصرف الصحي تصب من الصهريج على طول الطريق مما يسبب انتشار الروائح وكذلك قيام سائقي هذه الصهاريج بتفريغ حمولتهم خلف الحي باثني عشر كيلو مترا فقط وهذا يشكل مصدر ازعاج لسكان الحي الذين يطالبون بابعاد أماكن تفريغ الحمولات, وأيضاً فان هناك شوارع رئيسية تحتاج الى اعادة سفلتة لكثرة الحفر والتشققات والتصدعات في الشارع حيث أصبح كحاويات للمياه في الشارع لعمقها ويتفادى الناس هذه الحفر بالسير من جانبها، وكذلك عند سقوط الأمطار يتحول الحي الى مستنقعات لأنه لا يوجد أي تصريف لمياه الأمطار لذلك يضطر بعض السكان الى رفع مستوى منازلهم كي لا تتراكم المياه عند باب منزله.
كما ان تواجد سيارات النقل الكبيرة يسبب في الصباح الباكر زحاما شديدا عند مدخل الحي هي والشاحنات التابعة لأحد الكسارات المحاذية للحي وهذا مما يضطر الدوريات الأمنية كل صباح للوقوف لتنظيم السير عند الاشارة والحوادث في تلك المنطقة تكاد تكون شبه يومية، كما ان المدرسة المتوسطة الموجودة في الحي لخدمة أبنائه تقع فوق الجبل ويحول بينها وبين الحي السكني عدد من الاستراحات كما انها مجاورة لهذه الاستراحات التي لا نعلم من يسكن بها ونرجو أن تكون في وسط الحي حفاظاً على سلامة أطفالنا من الحوادث.
شوارعنا بلا رصيف
وفي مكان آخر التقينا أحد سكان حي النظيم المواطن ياسر العنزي حيث قال: نحن سكان الحي نعاني من عدم وجود أرصفة في جميع الشوارع وخصوصاً شارع النظيم العام الذي يعتبر الشارع التجاري الوحيد في الحي، وأضاف ياسر بأن الحي ينقصه أشياء كثيرة منها التشجير الذي لم يطله مما يقارب العشر سنوات رغم المحاولات وتقديم الشكاوى ولكن لا مجيب لنا لانتشال الحي مما هو عليه الآن.
التفحيط
ويضيف ياسر بأن التفحيط ما زال مستمرا كل يوم تزداد شعبيته حتى وصل الى طلاب المرحلة المتوسطة حيث يفحط صغار السن في أيام الاجازة مثل يوم الاربعاء بعد انتهاء المدرسة وفي بعض الأحيان في المناسبات الرياضية حيث يتجمع عدد كبير من الشباب في النظيم لاستعراض قدراتهم في قيادة المركبة ويقول السبب في ذلك لأن النظيم قريب من استاد الملك فهد الرياضي, واسترسل بقوله بأن الشوارع وعدم وجود الأرصفة وأعمدة الانارة ساعد بشكل ملحوظ في ازدياد هذه الظاهرة التي عرضت أرواح الناس الى الخطر وتدمير الممتلكات وازهاق الأنفس.
أين اللوحات الإرشادية
ويقول بأن هناك مشكلة يعاني منها سكان الحي وكذلك طالت زوار الحي وهي عدم وجود لوحات ارشادية تعنى بسلامة المرور حيث نلاحظ بأن قيادة السيارات عشوائية وفي أغلب الأحوال تؤدي الى الحوادث، وأضاف بأن الطريق الوحيد المؤدي الى حي النظيم لا توجد به لوحات ارشادية تدل على موقع الحي وكذلك انعدام الاضاءة فيه بشكل نهائي وتعرج الطريق بسبب ما يعانيه من حفريات وتحويلات وحفر في قارعة الطريق الرئيسي فما بالك بالطرق الفرعية التي لم تصلها السفلتة بعد.
مياه راكدة
ويقول أحد سكان الحي المواطن محمد موقد المطيري بأن السكان يعانون من تسرب المياه سواء مياه البلدية أو الصرف الصحي حيث تجد مستنقعات من المياه الحائرة في أغلب الشوارع داخل الحي وكذلك أنهار لا تنقطع على مدار العام ولم تتحرك البلدية لاكتشاف هذه التسربات التي أتلفت الطرق وعوضا عنها تقوم وايتات الشفط بشفطها وتفريغ حمولتها خلف الحي مما يسبب الروائح الكريهة واختناق السكان وخصوصاً الأطفال الذين يعانون من أمراض صدرية مزمنة مثل الربو، ونحن هنا متشوقون لاستنشاق الهواء النقي الخالي من الأمراض.
تأخير دائم وحوادث مؤسفة
ويضيف المطيري نحن بحاجة الى مركز للدفاع المدني لتقديم خدمات ويكون قريبا من مواقع الحريق لا قدر الله وفي حالة نشوب الحريق فننتظر قدوم صهاريج الأطفاء ولمدة تتجاوز الساعة وبعدها يقوم الدفاع المدني باطفاء النار وهذا تحصيل حاصل بعد أن احترق المنزل وما يحتويه من أثاث وأجهزة وغرف النوم وغيرها وفوق ذلك اذا حصلت أي اصابات يقوم سكان الحي بانتشال المصاب واسعافه الى أقرب مركز صحي لانقاذ حياته لأن خدمات الدفاع المدني تتأخر في الوصول الينا نتيجة لبعد الموقع وعدم وجود فرع للدفاع المدني في الحي.
افتقدنا الهدوء
ويضيف المواطن سعود تيمي العنزي بأن ما يسبب الازعاج للسكان هو عدم وجود رقيب على الشباب صغار السن حيث ذكر بأنه فيما سبق كان يوجد نشاط ملحوظ لمركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث كان قائما بأعماله على أكمل وجه وكان يمنع الشباب الذين يتجولون في الحي في ساعة متأخرة من الليل ولذا لم يكن أحد من الشباب يتسبب في الازعاج بأي شكل ولكن في هذه الأيام أصبح حي النظيم مرتعا خصبا لضعاف النفوس وهواة اختبار قدراتهم في التفحيط دون رقيب، ويقولون: من أمن العقاب أساء الأدب وبذلك أصبحت سمعة الحي بأنه مجمع لهواة التفحيط واللهو.
نداء للبلدية
ويضيف سعود العنزي بأن النظافة في الحي معدومة وسيارات النظافة لا تأتي الا في الأسبوعين مرة أو مرتين مرور الكرام وذكر بأن الشركة التي استلمت عقد النظافة لا تؤدي واجبها كما ينبغي وبأن الحاويات توضع بشكل عشوائي في الشوارع دون نظافة مما يسبب الروائح الكريهة المزعجة لنا، كما ان الحاويات قديمة والبعض منها قد اصابه الصدى والتشققات واسترسل بقوله بأن المراقبة من قبل البلدية لم نرها أو نسمع بها في الحي حيث ذكر بأنه دخل الى أكبر المحلات في الحي لشراء بعض الأغراض وعند الكشف عليها أتضح بأن تاريخ الصلاحية قد مر عليه شهر كامل وما زال عمال المحل يبيعونه على الزبائن دون الاهتمام بتاريخ الانتاج أو الانتهاء.
فرع للبلدية
وفي مكان آخر داخل الحي التقينا بالمواطن صالح جديد العنزي الذي قال بأن الحي لا يوجد له فرع للبلدية تهتم بالحي وشؤونه من حيث مواصفات البناء والتشجير ومراقبة الأسواق ومنع الغش والتلاعب الذي يحدث، وأضاف بأن البيوت متناثرة في كل مكان وأكثر الطرق لم تصلها السفلتة حتى الشارع العام للحي يحتاج الى السفلتة من جديد.
ويقول صالح العنزي لا يوجد مصلى للعيد لسكان حي النظيم والأحياء المجاورة مثل حي سلطانة والجنادرية حيث نضطر الى الذهاب الى حي النسيم وأداء الصلاة فيه منذ عشر سنوات.
حوادث ووقائع
ويذكر بأن في أحد الأيام نشب حريق كبير في الحي وتأخر الدفاع المدني بسبب طول المسافة التي قطعها وكذلك لكثرة الشاحنات في الطريق والحفريات والتحويلات وخلال الحريق تم اسعاف عدد من المصابين في المركز الصحي الموجود في الحي ولكن توفي منهم البعض بسبب عدم توفر الأجهزة اللازمة والأسرة لاستيعابهم حيث ذكر بأن المركز الصحي الوحيد في الحي يعمل الى الساعة 8 مساء ولا يوجد اسعاف أو طوارىء للحالات الحرجة مما يضطر البعض الى الذهاب الى مستوصفات خاصة والعلاج على حسابهم، وأضاف بأن المركز الصحي صغير المساحة وعدم وجود أسرة للمرضى كافية، كما ان المبنى في موقع لا يخدم الجميع كما ان سكان الأحياء المجاورة مثل حي سلطانة والجنادرية يراجعون هذا المركز مما سبب ضغطا كبيرا على المركز، وأضاف بأن الطابور على المركز من ساعات الفجر الأولى يصل الطابور يومياً الى خارج المركز وقد اعتدنا ذلك وأصبح الذهاب الى المركز الصحي كابوسا مزعجا للجميع.
ويضيف المواطن معيض عودة العنزي: بأنه في أحد الأيام اصيب أحد أطفاله بمرض وعند الذهاب الى المركز الذي يفترض أن يعمل 24 ساعة يومياً وجده مقفلا واضطر الى الذهاب الى مستوصف خاص في أحد الأحياء المجاورة.
واحدة لثلاثة أحياء
ويذكر معيض العنزي بأن الدوريات الأمنية لا وجود لها الا نادراً حيث توجد دورية واحدة تخدم ثلاثة أحياء متجاورة حي النظيم وسلطانة والجنادرية وفي غالب الأحيان تتجول الدورية في الطرق المسفلتة فقط دون اقحام أنفسهم بالدخول الى داخل الأحياء ذات الطرق الرملية وبث الأمن والاطمئنان لسكان الحي ويقول في آخر الليل تنعدم الدوريات الأمنية ودورها الفعال وذلك عندما يتجمهر عدد كبير من الشباب داخل الحي وفي الغالب يكون هؤلاء الشباب ليسوا من سكان النظيم وهذا يشجعهم على ممارسة التفحيط طوال الليل حتى ساعة متأخرة.
المدرسة بعيدة
ويقول معيض العنزي بأن المدارس تشكل هاجسا لنا خصوصاً بأن في الحي مدرسة متوسطة واحدة وتقع فوق سفح الجبل المجاور للحي السكني حيث تسبب مشقة وعناء للطلاب للوصول اليها في الوقت المناسب وكذلك مشكلة لأولياء الأمور لمراقبة أطفالهم أو ايصالهم اليها خصوصاً انهم مرتبطون بدوامات في بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية، ويذكر بأن أغلب المدارس الابتدائية الأخرى منازل مؤجرة وليست حكومية ما يحمله ذلك من معاناة.
من الجولة
* بجولتنا لاحظنا انتشار العمالة الأجنبية في الحي بشكل غريب فتجدهم في المحلات والشوارع والمكاتب العقارية والبنوك وفي كل مكان.
* يلاحظ الزائر للحي عدم وجود أي من الحدائق العامة التي تعتبر متنفسا لسكان الحي أو ملاعب وملاه لأبناء الحي فتجد الأطفال يهيمون في الشوارع بحثاً عن البهجة والمتعة.
* انتشار البقالات الصغيرة بين الأحياء وفي كل زاوية من زوايا الحي.
|
|
|
|
|