احتج كثيرون بشأن الفاصل الزمني بين الدراسة والاختبارات بإجازة العيد، وقيل إن هذا الفاصل عكس آثاره السالبة على الدارسين,,, وإن كان بين الدارسين أبنائي,,, إلا أنني أعترض على هذا الاحتجاج بسؤال: إلى متى,,,؟
فإلى متى لا يدرك الإنسان قيمة الوقت؟,,, وإلى متى لا يعرف كيف يوظف زمنه لاحتياجاته؟ ويوازن بين ما يحتاج وما يستوعبه زمنه؟!
وإلى متى يضع الإنسان المشاجب أمام تعثره في حياته؟,,, فمشجب الإجازة تارة، ومشجب المناهج تارة، ومشجب الناس على اختلاف علائقه بهم تارة أخرى؟ ومشجب الظروف على اختلافها؟,,.
الإنسان في المجتمع العربي إنسان تبريري ,,, وليس مبرِّراً,,, ذلك لأنه يلجأ إلى تبرير نتائج ما هو فيه وإليه لصالح نفسه,,,، وهو يحترف في هذا الأمر احتراف الماهر في صنعته، وليته يَمهُرُ في شؤون النجاح، وشجون الفلاح,,, بمثل ما يمهر في شؤون التبرير,,.
وإلى متى والخارطة غامضة أمامه,,.
ومسالك الطرق مغلقة عنده,,.
وأبواب المسارات موصدة,,.
وإلى متى وهو يعجز عن التقاط مفاتيح الخارطات، والطرق وكافة المسافات؟
ثم,,.
إلى متى لا يحرص الإنسان على ما يوصله إلى معرفة نفسه؟,,.
ألا يدري بأن معرفة النفس هي أولى لبنات النجاح,,, ومن ثم إلغاء كافة المشاجب,,,، وبعد ذلك الخلوص إلى تذويب المبررات,,, كي يستطيع الواحد الوقوف في الشمس أو في الظل أو في العراء أو في الخفاء وهو ناهض الهمة واثق الخطوة؟
ألا يدري المرء كم من الآثار,,,؟، وكيف من البصمات؟,,,، يترك في الحياة وهو سالب بمشاجبه، داكن بمبرراته، متأخر عن قوافل النور؟
ثم إلى متى تتوالد أجيال التواكل,,, ولا يبقى للإنسان من حياته إلا هذا الوجه السالب وتلك الركائز الواهية والواهنة؟!
والزمن يوغل في المضي، وترتفع سنائمه إلى الألفيات المغرقة في اختصار وسائل البناء والتمكن، واجتياز مواقع الأقدام إلى مرابع الأفلاك,,, والناس في العالم الآخر توجه رسائلها إلى كائنات الفضاء وسكان العوالم القصية، والناس هنا تصرخ لماذا تفصل الإجازة بين الدراسة وموعد الاختبار؟,,, وتبكي على هدر المعلومات التي اكتنزها الأبناء في مدارسهم وجامعاتهم خلال أسبوعين,,,!!
وعلى كل خبرة مكتنزة في شهور قابلة للتبخر في أيام ألف سلام,,.
ذلك لأن الاحتجاج هنا على كيف يحدث هذا؟! ومن المسؤول عن هذا؟,,, هو الصواب,,.
ذلك لأن كيفية التعليم وكيفية التعلم,, بمعنى كيفية اكتساب الخبرات العلمية هي محور القضية المشجب وليس الاجازة.
وعندما نعرف ماذا يتعلم الإنسان؟ وكيف يتعلم؟ ومن يكون بعد التعلم عندها فقط يمكننا التوقف لتقبل الاحتجاج لأية إجابة سالبة في هذا الأمر، أما ما يحدث الآن من هراء وبكاء على الأطلال الإنسانية,,, فدعوه يذهب مع الريح ضمن نفايات الزمن المتراكم في شوارع الضياع,,, فالبحث جار عن الإنسان الذي كثرت من حوله وسائل الرَّفاه,,, ورُصفت في اتجاهاته أسوار المشاجب وارتفع في أجوائه صوت الاحتجاج,,, وتقاطرت له التبريرات,,, وظل هو ورقة الفلين في مهب الريح تتقاذفه الأمواج فيتصدع,,, ويتطاير شظايا واهية لا ثمن لها ولا ثقل.
والإنسان هذا لابد أن يلتئم بأجزائه,, ويدرك أنه مسؤول عنها وعنه.
فمتى يحدث هذا؟
وإلى متى لا يحدث هذا؟.
|