تائها أنت!,, بين أنت وأنت!! ترى أيهما أنت؟؟ كيف تحملك قدماك والى اي جزء من أجزائك ستعبر انت؟,, هل حددت ساعة الصفر؟؟ وأعددت القرار؟؟,, عندما تحس بضرورة توحيد أجزائك واكتمال اعضائك في شيء يكون في النهاية أنت,, بلا شك ستكون اللحظة التي ترى فيها ذاتك موحدا,, بسرعة وبقسوة,, توجه إلى المرآة واضعا رأسه في قلبها وأخذ يهذي وبقوة أخذ يردد والزبد يتطاير من فمه,, قل لي بربك من أنت؟؟ قل لي بربك من أنت؟؟؟
بكل تأكيد لم ينتظر الاجابة,, فقد اصيب بغيبوبة مريرة اعتاد على الاصابة بها كلما واجه المرآة بهذا العنف وتلك القسوة,.
لم تفاجأ كثيراً هند عندما عثرت على احمد ممدا عند قدمي المرآة وقد طوق عنقه بيديه وبرزت عيناه بشكل يبعث على الالم والشفقة,, حاولت الاصلاح من حاله وتهدئة نفسه المتعبة ببعض العبارات اليائسة,, قم يا احمد (الدنيا ما طارت اللي ما يجي اليوم يجي بكره) فتح احدى عينيه وتنهد بعمق,, حاول الكلام ولكن احس بجفاف مدمر يضرب اطنابه بين الحنجرة والبلعوم,, فطلب كأسا من الماء باشارة اعتادت على تلقيها هند عندما يكون في مثل هذه الحالة.
(شرب كأس الماء) ونظر اليها بحنان وقال:
لقد ارتويت يا هند,, ولكن من يروي الصحارى المتزايدة في كل شبر ونفس؟ نظرت اليه هند وفجأة دارت بوجهها عنه لتمسح دمعة فرت من عينيها دون ارادة,, وقبل ان تغلق باب الغرفة قالت:
(تأمر بشيء ثاني يا خوي)
لم تنتظر الرد,, فقد قام أحمد من مكانه وحاول اصلاح بل ترميم شكله وبدأ يعبث بمؤشر المذياع في محاولة لبدء يوم جديد يتمدد فيه على انغام الموسيقى ويمارس الفراغ القاتل الذي يملؤه من الماء ولكن يديه تسمرتا فجأة ليسمع (أمجاد يا عرب أمجاد,, في بلادنا كرام أسياد,,),.
أغلق المذياع بعنف,, واخذ يحملق في المرآة بلا هدف,, تاهت معالم وجهه بدأ يبحث عن تضاريس هذا الوجه؟؟ فجأة رأى أنفه يتدحرج عند مؤخرة المرآة,, تاه في احدى زواياه البعيدة فلينظر اكثر,, ان تلك التي تتدلى في الاعلى أذنه,, نعم,, كيف يتم توحيد اعضائه مرة اخرى حتى ولو على صفحات المرآة ,, اخذ يصرخ ,, ويصرخ حتى راح مرة اخرى في غيبوبته,,.
|