| مقـالات
كل انسان مهما كان وطنه تقتضي منه مرحلة من حياته بان يكون عنصراً فاعلاً في محيطه ومجتمعه بسبب حيويته وسنه العمرية, على أنه بالتدريج ومع تتالي السنوات تبدأ تلك الحيوية بالانطفاء والعزيمة بالفتور حتى يجد نفسه لاحقاً لا يؤدي ما ينتظر منه وهو شعور نفسي أكثر مما هو واقعي لأن من حوله يطالبونه بالراحة بعد أن أبلى وكافح في صدر شبابه الا في الحالات النادرة عندما تعز اليد العاملة ويفتقر المجتمع الصغير إلى أية قدرة تتحرك!
ففي الحالات السوية التي يتفرع بها الأبناء إلى تأسيس قواعد لمستقبلهم بمعزل عن كبارهم وربما بتجاهلهم كلية يتذمر هؤلاء ويبدون مشاعر الاحتجاج والسخط إلى درجة متفاوتة قد تصل إلى المجافاة والقطيعة للاحساس بالاضطهاد من الطرف الآخر الذي جمّد التي يتولد عنها صوته وحتى حضوره مما يدفعه إلى الانسحاب كلية من ذلك المعترك واقعاً تحت تأثير العزلة التي تجعله ينسج احداثاً يتصيدها من ملاحظات وخيوط عابرة تشتبك وتتفاعل حدساً حتى تكوّن موقفاً يوحي بالتكامل وينتج تفسيراً يقنع ظاهرياً بصحته لتبدأ مظاهر الخلاف وتطفو فوق السطح حتى يصعب دحض تلك التي تتحول إلى حقائق, ومثل هذه التفاعلات تكثر في الأوساط الشعبية وبالذات في الأسر الفقيرة لأن اللهاث وراء لقمة الخبز لا تجعل الافراد يلتقطون انفاسهم بهدوء ويفسحون للتفكير مكاناً يأخذ حقه من طرق أبعاد ما حوله، لأن الأسر الغنية تحفل مرغمة برموزها التي تتكىء على الثروة وتجعلها سيدة الكلمة والقرارات مهما كان وعيها طالما هي تملك خيوط اتخاذ القرار والمفارقة ان هذا يحدث في المجتمعات المتخلفة ذات الأنظمة الاقتصادية الهشة التي لا تعرف القرارات الجماعية او الخطط المدروسة لأن سواها يضع لعامل السن مكانته المعتبرة وانه لم يبعثر خطوات البناء الاقتصادي للمؤسسة اذ ان انظمة الدولة بحكم سيطرتها على الهياكل الاجتماعية تبيح لنفسها اطلاق الصوت العام الذي ينظم العلاقة ما بين الافراد والمصلحة العليا للكيان، وحتى لا نوغل في استدراج النظريات بينما نحن نعالج خلافات ذات مستوى محدود وفي نطاق صغير نتوجه إلى العقليات الواعية في هذه الكيانات الصغيرة بأن تتوخى الحذر في تعاملها مع أفرادها ولاسيما كبار السن فيها بغية ان يسود الوئام والتفاهم وان تجعل الحوار سبيلها الى أن تبسط توجهها بحيث يسمح بمشاركة كافة الأفراد فيها بان يدلو بدلوهم طالما ان مصلحة الكيان هي المستهدفة وليس حب السيطرة وفرض ارادة شخص بذاته على بقية الرهط ولا شك بان الفائدة سوف تكون أكثر شمولية في تجاذب وجهات النظر لأن الرأي الصائب هو الذي سوف يسود في النهاية بحكم الحجة والاقناع خاصة فيما له علاقة مباشرة بالمجموع وهو توجه حضاري لا غبار عليه.
للمراسلة ص, ب 6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|